جورج شحاتة: عامل مهم فى الحصول على التصنيف الائتمانى
عادل فطورى: دور حيوى لتكنولوجيا المعلومات فى تفعيل أدائها
أحمد مصطفى: نشاط «المخاطر» يمكن أن يكون سابقاً على «الاكتتاب»
يشكل وجود إدارة للخطر المؤسسى فى شركات التأمين بشكل منفصل عن إدارة الاكتتاب، أحد الشروط الرئيسية لحصول الشركات على تصنيف من جهات التقييم العالمية، فى ظل الظروف التى تمارس فيها الشركات نشاطها حالياً فى السوق نتيجة عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى، والذى ينعكس بدوره على أداء شركات التأمين.
قال جورج شحاتة، مدير إدارة الخطر المؤسسى بشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين «gig»، إن الهيئة العامة للرقابة المالية أوصت منذ نحو 5 سنوات بتأسيس إدارة متخصصة للتعامل مع الخطر المؤسسى الذى تتعرض له الشركات ضمن الهيكل الإدارى، ولاقت استجابة من بعض الشركات العاملة بالقطاع.. لكن للأسف لم تفعل دورها بشكل حقيقى.
وأضاف أن دور إدارة الخطر المؤسسى، تتلخص فى مواجهة جميع أنواع الأخطار التى تواجه الشركات، وتصنف إلى مجموعتين، أولاهما الأخطار الداخلية مثل تلك المتعلقة بتسعير التغطيات وبرامج الإعادة والمخصصات الفنية ومخاطر الاستثمار، بجانب الأخطار التشغيلية المتعلقة بإدارة العنصر البشرى أو الأدوات الإدارية الأخرى، والمجموعة الثانية، تتعلق بالبيئة الخارجية التى تعمل فيها الشركات، مثل وضع السوق المحلى والعالمى والبيئة التشريعية والوضع السياسى والاقتصادى.
ويقوم مفهوم إدارة الخطر، على تحليل تلك العوامل ومدى تأثيرها على الشركات والقطاع ككل لدعم متخذى القرار، للتعامل مع تلك الظروف بأفضل السبل الممكنة واستثمار الفرص المتاحة- إن وجدت- بما يصب فى مصلحة الشركات ويدعم قدرتها على تحقيق أهدافها ويحافظ على أصولها وحقوقها المالية وحقوق حملة الوثائق.
وشدد شحاتة، على أهمية الدور الذى يمكن أن تلعبه تلك الإدارة فى الوقت الحالى تحت ضغط الظروف التى تمارس فيها الشركات نشاطها حالياً فى السوق المصرى، نتيجة عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى، والذى ينعكس بدوره على أداء شركات التأمين، موضحاً أن هناك مجموعة من العوامل المؤثرة فى أداء الشركات منها سعر الصرف ودرجة التصنيف الائتمانى للدولة وضعف معدلات الاستثمار والنمو، علاوة على قدرة الحكومة على إدارة الملفات السياسية ومدى توفر الاستقرار الأمنى.
وقال إن مؤسسات التصنيف الائتمانى بشكل عام ومؤسسة AM Best تحديداً، تولى أهمية كبيرة لإدارة الخطر المؤسسى، بخلاف الاجتماعات التى تعقدها سنوياً مع شركات التأمين لعقد اجتماعات إضافية مع مسئولى تلك الإدارة للاطمئنان إلى مدى كفاءتها وفاعلية الأدوات التى تستخدمها لدراسة وتحليل الأخطار، وعليه فإن كفاءة وفاعلية إدارة الخطر تعد أحد العوامل المهمة التى تؤخذ فى الاعتبار من جانب مؤسسات التقييم الدولية.
وأشار، إلى أن أحد عوامل نجاح الشركات العالمية الرائدة مثل «ميونخ رى»، هو التعامل مع منظومة ضخمة لإدارة الخطر المؤسسى تتضمن أكثر من إدارة متخصصة فى هذا المجال، وقد بدأ السوق العربى خصوصاً الخليجى، فى إدراك أهمية إدارة الخطر المؤسسى والاستعانة بخبرات من الخارج فى هذا المجال، وقد أصبحت إدارة الخطر المؤسسى إحدى أهم الإدارات الفعالة فى الشركات بمعظم الدول العربية.
وأوضح شحاته، أن إدارة الخطر المؤسسى تعتمد فى أداء دورها على العديد من أدوات التحليل الكمية والقيمية التى تمكنها من دراسة مفصلة للأخطار التى تواجهها الشركات، ومنها على سبيل المثال قاعدة بيانات متكاملة لتحليل ودراسة الأخطار المختلفة، مدعمة بمنظومة من أدوات التحليل المالى والفنى ونماذج رأس المال التى تمثل أحد المقاييس الكمية لتحليل الوضع المالى ومدى كفاية رأس المال على أساس الخطر. ويدعم قاعدة البيانات منظومة متكاملة من التقارير تتدرج من حيث درجة تفصيلها لتناسب احتياجات المستويات الإدارية المتوسطة والعليا.
وقال أحمد مصطفى، مدير إدارة العلاقات الخارجية ودراسة الأسواق بشركة مصر لتأمينات الممتلكات «مصر للتأمين»، إن هناك مجموعة من الأحداث الرئيسية التى دعت إلى أهمية إنشاء إدارات الخطر فى المؤسسات المالية بشكل عام، ومنها مقررات لجنة «بازل» التى مهدت الطريق لإنشاء إدارات الخطر اعتباراً من 2001، ووجهت أحداث سبتمبر 2001 النظر لأهمية الأخطار وتركزها وتعقدها وانهيار عدد من الشركات الكبرى بعض حالات الغش داخلها.
أضاف أن من بين تلك الدواعى تعرض بعض الدول للأخطار الطبيعية ومنها إعصار كاترينا 2005 والآثار المترتبة عليه، إضافة إلى اهتمام مؤسسات التصنيف «Enterprise Risk management – ERM) وجعلها أحد الأمور التى تتم مراعاتها عند تصنيف أى شركة، والأزمة المالية العالمية عام 2008 وتداعياتها على المؤسسات المالية حول العالم.
وبالنسبة للنطاق المحلى والإقليمى، فإن أنشطة إدارة الخطر فى شركات التأمين مازالت فى مراحلها الأولى، وتحتاج إلى مزيد من الدعم والتواصل سواء فيما بينها أو من خلال دعم هيئة الرقابة المالية فى مصر، خصوصاً فى ظل عدم وجود متطلبات رقابية أو معايير مفروضة من هيئة الرقابة وعدم وجود خبرة سابقة فى السوق المصرى للتأمين.
أضاف مدير إدارة العلاقات الخارجية بـ«مصر للتأمين»، أن التأمين فى الأساس صناعة عالمية.. والتوافق مع المعايير العالمية يعد أحد الأمور التى تسعى أى شركة لتحقيقها، فالشركة التى لا تستطيع أن تنافس وفقاً لما أقرته “الصناعة”، لا يمكن لها أن تستمر، وبالتالى بعد أن أصبح وجود إدارات الخطر بشركات التأمين اتجاهاً عالمياً ومتطلباً أساسياً للجهات الرقابية وجهات التصنيف العالمية، كان لابد للسوق المصرى من أن يعمل بشكل علمى وعملى على إنشاء مثل تلك الإدارات، وربما يعد ذلك تجاوباً من الشركات مع متطلبات هيئة الرقابة المالية فى مصر، التى تسعى لنشر ثقافة التعامل مع الأخطار داخل السوق المحلى تدعيماً للتطور الرقابى الذى يعتمد على أساس الخطر Risk Based Supervision، منذ عدة سنوات فى مصر.
وأشار مصطفى، إلى أن تلك الإدارة تحدد المخاطر وكيفية التعامل معها سواء بنقل عبء الخطر من خلال إعادة التأمين أو بتخصيص جزء من رأسمال الشركة لمواجهة الأخطار، أو بتدخل الإدارة لتقليل المخاطر بما يحقق مصالح جميع الأطراف ذوى العلاقة من ملاك وحملة وثائق وعاملين وجهات رقابية ومؤسسات تصنيف، موضحاً أنها تتعامل مع المخاطر التى تواجه الشركة لتطوير معدلات الأداء.
وحول العلاقة بين إدارة الخطر المؤسسى والاكتتاب بشركات التأمين أوضح مصطفى، أنه يقصد بالاكتتاب مجموعة الإجراءات الفنية الواجب مراعاتها عند تقييم الأخطار واتخاذ قرار بقبولها أو رفضها وتحديد الأسعار والشروط المناسبة للتغطية.
بينما تتعامل إدارة المخاطر مع مجموعة من التصنيفات الرئيسية للمخاطر منها التى تتعلق بالاكتتاب لتحديد تلك المخاطر، وقياس حجم الانحراف بين التوقعات المتعلقة بعملية الاكتتاب سواء من ناحية القسط ومدى قدرته،على أن يقابل التعويض المتوقع والمصروفات المترتبة عليه كما هو مخطط أو من ناحية الاحتياطى المالى المخصص لمواجهة الخطر وتحديد قيمة التعويض، وكلما قل حجم الانحراف الناتج من تلك العمليات تراجع الخطر المؤثر على الشركة ونتائجها وحجم رأس المال المقابل لتلك الأخطار، وكلما نما حجم الأخطاء فى تحديد قيمة الخطر، زادت احتمالات وقوعه ووجب تدخل إدارة الخطر لتقليل تلك الانحرافات من خلال إجراءات تنفيذية للتعامل معه سواء بتمويله من رأس المال أو من خلال نقل عبء الخطر لبرامج الإعادة المناسبة، أو بتقليل حجم الخطر وتعديل السياسات الاكتتابية للشركة فى نوعية العمليات المسببة لذلك النوع من الأخطاء.
أضاف مصطفى، أن ذلك لا يعنى بأى حال، أن نشاط إدارة المخاطر هو نشاط لاحق لعملية الاكتتاب.. بل بالعكس يمكن أن تعمل بشكل سابق عليه من خلال نماذج رأس المال التى تتوقع حجم الانحراف الناتج عن العملية التأمينية قبل قبولها، وبالتالى التدخل فى عمليات القبول والرفض والتسعير فى الاكتتاب لكل خطر أو لنوعية معينة من الأخطار.
كما لا يعنى الأمر فقط أن إدارة المخاطر تتعامل مع الجانب السلبى للانحراف والمتعلق- على سبيل المثال- بانخفاض السعر المقدر عن التعويض النهائى المحتمل، بل إن إدارة المخاطر تتعامل كذلك مع الانحراف الإيجابى لتلك التوقعات فزيادة الأقساط وارتفاعها يمكن أن يخرج الشركة من المنافسة بما قد يؤثر على أرباحها المستقبلية ويمثل تهديداً كبيراً لها.
وقال إن تواجد إدارة الخطر المؤسسى بشركة مصر للتأمين، يعد من العوامل الإيجابية التى تؤخذ فى الاعتبار فى عملية التصنيف وفى قياس مدى كفاءة رأس المال وحقوق المساهمين بالشركة، إذ إن هيئات التصنيف تسعى فى الأساس إلى التعرف على مدى قدرة الشركة على الاستمرار فى الوفاء بالتزاماتها تجاه جميع الأطراف ذوى العلاقة بشفافية كاملة.
وأوضح أن الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود داخل السوق المصرى بالشكل الذى يدعم تلك الإدارات، التى يجب عليها أن تؤمن بأهمية تبادل الخبرات فيما بينها بإفصاح وشفافية كاملين بالشكل الذى يدعم صناعة التأمين فى مصر ككل، ويساهم فى زيادة عدد الشركات المصرية المصنفة عالمياً.
وقال عادل فطورى، مديرعام إعادة التأمين والبحوث بشركة بيت التأمين المصرى السعودى، إن إدارة الخطر المؤسسى لا تعنى فقط الأخطار التى تكتتب فيها شركات التأمين.. فهذه طبيعة عمل الشركات.. (وتتمثل فى ضرورة الاكتتاب المهنى السليم للخطر بعد إجراء المعاينة والتى يحدد بناء عليها قبول أو رفض التأمين والأسعار والشروط المناسبة لطبيعة الخطر المطلوب التأمين عليه).. وإنما تتضمن أيضاً الأخطار التى تواجه أى مؤسسة وتعوقها وتؤثر على أدائها وعلى التدفقات النقدية للشركة، وقد تؤدى إلى عدم استمرارها، ومن هنا ظهرت طرق وعلوم إدارية حديثة يطلق عليها علوم إدارة الأخطار المؤسسية Enterprise Risk Management.
أضاف فطورى أنه يجب على شركات التأمين المصرية فى ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية، أن تستثمر كثيراً فى هذا المجال، وأن تكون لديها خبرات فى هذا المجال وإدارة متخصصة فى إدارة الخطر المؤسسى يقودها مدير متخصص فى إدارة الأخطار، وتابعة لمجلس الإدارة يقتصر عملها على كيفية اتباع الطرق والأساليب الحديثة فى إدارة الخطر، ودور تكنولوجيا المعلومات حيوى وخطير جداً فى هذا الأمر ومتطور باستمرار.
وأوضح أن وجود هذه الإدارة وتحديد دورها بشكل منفصل فى الشركات عن دور إدارة الاكتتاب، يعتبر من العوامل والشروط الرئيسية حالياً، لكى تستطيع الشركة الحصول على تصنيف من شركات التقييم العالمية.