وتتوقع تباطؤ النمو خلال النصف الثاني بسبب تأثيرات تراجع الجنيه
حقق الاقتصاد المصري معدل نمو بنسبة 5.6% في النصف الأول من العام المالي 2014/15 مقارنة بنفس الفترة العام السابق، وذلك وفقا لتوقعاتنا. وسيظل النمو قويا ولكن بوتيرة أبطأ من أعلى مستويات حققها في الربع الأول من العام المالي 2014/15
أفاد وزير التخطيط أشرف العربي في حوار مع وكالة رويترز يوم السبت أن الاقتصاد المصري حقق نمو بنسبة 4.3% في الربع الثاني من العام المالي 2014/15 مقارنة بنسبته 1.4% خلال نفس الفترة من العام المالي السابق له.
قال العربي إن معدل النمو الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي للبلاد بلغ 5.6% في النصف الأول من العام المالي 2014/15 الذي يبدأ في يوليو مقارنة بنسبة 1.2% في الفترة نفسها من العام الماضي. وقال العربي “الاقتصاد المصري بدأ يستعيد عافيته بعد الإجراءات الإصلاحية التي نفذتها الحكومة خلال الفترة الماضية”.
وفي مذكرة بحثية أصدرناها في فبراير 2015، رفعنا توقعاتنا للنمو بإجمالي الناتج المحلي الحقيقي للعام المالي 2014/15 من مراجعتنا السابقة عند 3.8% إلى 4.5% بفضل زيادة تدفقات الاستثمارات بنحو أكبر من المتوقع وتعافي قطاع السياحة واستقرار الاستهلاك الخاص رغم الإصلاحات المالية حيث تم احتواء ارتفاع معدل التضخم بالإضافة إلى تأثير أرقام المقارنة الجيدة. أشارت تصريحات المسئولين الحكوميين الأخيرة إلى أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي سجل نموا كبيرا بنسبة 6.8% في الربع الأول من العام المالي 2014/15 مقارنة بنفس الفترة العام السابق له.
رغم توقعاتنا بانخفاض معدلات النمو خلال هذا الربع من العام، نرى أن أرقام المقارنة الجيدة وتحسن الاستثمارات المباشرة الأجنبية والسياحة كانت وراء هذا الارتفاع. إلا أننا لا نزال حذرين بالنظرة المستقبلية المتعلقة بالنمو بسبب أزمة نقص الوقود المحلي ونظرا لأن توقعات ضعف النمو العالمي تشكل خطرا على إجمالي الناتج المحلي.
توقعنا أن يواصل إجمالي الناتج المحلي الحقيقي تسجيل نمو قوي بعد معدلات النمو القياسية التي سجلها في الربع الأول من العام المالي 2014/15 ولكن بوتيرة أبطأ وذلك بسبب أرقام المقارنة الجيدة ونتيجة بدء ظهور التأثير السلبي لضعف الجنيه. كما توقعنا أن يصل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي السنوي إلى 4.5% في الربع الثاني للعام المالي 2014/15 وإلى 3.3% في الربع الثالث لعام 2014/15 و3.5% في الربع الرابع لعام 2014/15.
هناك عوامل مختلفة يمكن أن تؤثر على توقعاتنا للنمو على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة. في العام المالي 2014/15، نتوقع أن يبلغ النمو الحقيقي 4.5% بسبب أرقام المقارنة الجيدة والاستقرار السياسي مع تحسن الاستثمارات والسياحة، مما يعوض أي تراجع بالاستهلاك الخاص نتيجة الإصلاحات المالية.
يؤثر كل من تراجع الجنيه وانخفاض المعروض من الدولار بالإضافة إلى ارتفاع التضخم وتدهور وضع التجارة الخارجية وانخفاض الإنتاج المحلي نتيجة أزمة نقص الوقود، سلبيا على معدل النمو. في العام المالي 2015/16، نتوقع أن يصل معدل النمو الحقيقي إلى 5.4% بفضل زيادة الاستقرار السياسي بعد تشكيل البرلمان، وظهور مزيد من الاستثمارات والإصلاحات، بينما يواصل تراجع الجنيه تشكيل ضغوط على الاستهلاك الخاص، إلا أن الاستثمارات تعوض هذا الانخفاض. ومع ذلك، نتوقع أن يستمر ضعف وضع التجارة الخارجية في التأثير سلبيا على معدلات النمو. وخلال العام المالي 2016/17، نتوقع أن يبلغ النمو إلى 6.2%، مع الوضع في الاعتبار تسجيل معدل التضخم متوسط 11.0% بسبب ظهور النتائج الإيجابية للإصلاحات المتعلقة بالوقود وتحسن التجارة والاستهلاك الخاص ونظراً لبدء تلاشي التأثير الهامشي للاستثمارات.
من ناحية النفقات، ما يلي أهم النقاط خلال الفترة المقبلة
· تراجعت مساهمة الاستهلاك الخاص في معدلات النمو نظرا للإصلاحات المالية وخاصة زيادة الضرائب وارتفاع أسعار الوقود والتضخم المستورد المتوقع نتيجة تراجع قيمة العملة مؤخرا. نتوقع أن ينتهي هذا الاتجاه بحلول العام المالي 2016/17، حينما ستكون معظم الإصلاحات تم تطبيقها وتكون زيادة الاستثمارات أدت لارتفاع التوظيف ومستويات الدخل.
· تم تقنين الإنفاق الحكومي ومن المتوقع أن يساهم في النمو ولكن بتأثير أقل خلال الفترة المقبلة نتيجة خطط خفض عجز الموازنة.
· شهد وضع التجارة الخارجية تدهورا ملحوظا خلال العام المالي 2014/15 مما يؤثر سلبيا على النمو، وذلك نتيجة أزمة نقص الوقود التي كانت وراء توقف عدة استثمارات بهذا القطاع منذ يناير 2011. مما أدى إلى انخفاض الصادرات وارتفاع الواردات. ولن يتحسن وضع التجارة الخارجية إلا بعد حل أزمة نقص الوقود وخاصة مع استفادة مصر في الوقت الحالي من تراجع الجنيه.
· تعافت الاستثمارات قبل الوقت المتوقع و بدأ ذلك من خلال ضخ حزم التحفيز الاقتصادية في 2012 ومن ثم ارتفعت مستويات الثقة بنحو ملحوظ، مما أدى لزيادة تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو أكبر، حيث التزمت الحكومة المصرية بتطبيق هذه الإصلاحات. ويُعد إطلاق مشروعات كبرى وسياسات إصلاح اقتصادي أخرى إلى جانب القمة الاقتصادية التي ستعقد في مارس من عوامل زيادة وتيرة نمو الاستثمارات المُتوقع أن ترتفع مساهمتها في النمو الاقتصادي بصفة عامة فيما بعد.
ومن ناحية القطاعات، ما يلي أهم النقاط خلال الفترة المقبلة
· على مستوى القطاعات، تشهد عدة قطاعات تعافيا باستثناء قطاع التعدين. استمر قطاع التعدين في الانكماش على أساس سنوي وربع سنوي حتى الربع الأول من العام المالي 2014/15 مما يشير لمشكلات بالقطاع وغياب الاستثمارات به.
· ستبدأ نتائج الإصلاحات بالقطاعات في الظهور خلال العام المالي 2015/16. رغم تأثر قطاع التصنيع بأزمة عجز الوقود، بدأت إشارات التعافي في الظهور خلال الربع الأول من العام المالي 2014/15 بفضل الاستقرار السياسي أكثر من تحسن الظروف الاقتصادية. نتوقع تعافي قوي بقطاع مواد التشييد والبناء بالإضافة إلى قطاع النقل بدعم من جهود الحكومة لتجديد البنية التحتية للبلاد. كما نتوقع أن يستمر ذلك على مدار العامين المقبلين بسبب إطلاق عدة مشروعات كبرى. ولقد فاجئنا قطاع السياحة بنمو على غير المتوقع، حيث ارتفعت معدلات نموه في الربع الأول من العام المالي 2014/15 بخلاف توقعاتنا بفضل تحسن الثقة ورفع حظر السفر لمصر.
· وخلال الفترة المقبلة، نلقي الضوء على قطاعات التشييد والنقل والسياحة وقناة السويس والطاقة كمساهمين رئيسين في النمو للعامين الماليين 2014/15 و 2015/16، كما نشير إلى أن قطاع التعدين سيبدأ في التعافي ولعب دورا مهما خلال العام المالي 2016/17.