تغريم رجال الأعمال مبالغ مالية مرتفعة أفضل سبل التصالح
الفساد نشأ بسبب غياب الشفافية وتغير السياسات من وقت لآخر
قال طارق منصور، الشريك الرئيسى بمكتب برايس ووتر هاوس كوبرز مصر للاستشارات المالية والمراجعة ، إن المستثمرين يواجهون صعوبة فى التعامل مع الهيئات الحكومية فى مصر.
وقال لـ«البورصة» إن هناك مشاكل عديدة مرتبطة بالتسجيل والاستعلامات الامنية والاجراءات وكذلك صعوبات اخرى تتعلق بالتأمينات والضرائب والامن الصناعى بالنسبة للشركات الصناعية.
وأضاف منصور، ان تراكم كل هذه المشاكل يتعلق بوجود فساد بالقطاع الحكومى بمعناه البسيط والشامل كعدم المبالاة والبطء فى تنفيذ القرارات، علاوة على غياب الشفافية فى التعامل مع المستثمرين وتغيير السياسات المتبعة فى التعامل معهم بين الوقت والآخر.
أشار إلى ان زيادة سعر الضريبة فى الوقت الراهن بمعدلات مرتفعة تؤثر على تلك الثقة بجانب تأخر صدور اللائحة التنفيذية لقانون ضرائب الدخل على الرغم من بداية موسم الإقرارات الضريبية يخلق نوعا من التخبط للشركات نتيجة عدم طباعة الإقرارات الجديدة حتى الآن.
وفرضت الحكومة ضرائب على الأرباح الرأسمالية والتوزيعات النقدية للشركات المقيدة فى البورصة، بجانب فرض ضريبة مؤقتة بمعدل %5 على من يتجاوز دخله مليون جنيه سنويا للأفراد والشركات، ضمن حزمة إجراءات اتخذتها العام الماضى لتحسين الإيرادات الحكومية.
واضاف منصور انه يوجد مشكلة اخرى للمستثمرين تتعلق بتدبير وتوفير العملات ونظام التحويلات البنكية.
واضاف ان قرار «المركزى» بتعويم الجنيه على المجال التجارى ايجابى على اعتبار ان وجود أسعار وقيم غير حقيقية يخلق نوعا من الارتباك فى السوق، لكنه فى الوقت نفسه لابد من مراعاة التضخم ودراسة مدى تأثير القرار على المواطن.
لكنه قال إن هناك نية واضحة من الحكومة لتحسين صورتها بعد ان كانت «فى سبات عميق» لبناء الثقة مع المستثمرين بفضل التوجهات السياسية من رأس الدولة، علاوة على تغيير لغة التعامل الحكومية.
وقال منصور ان الثقة لا تبنى بين ليلة وضحاها وانما تحتاج إلى وقت لكن من الضرورى ان يتلمسها المستثمر من خلال الاستقرار التشريعى والاستثمارى وعدم تغير السياسات والقوانين بغض النظر عن الاشخاص والحكومات المتعاقبة.
واشار إلى ان التصالح مع رجال الأعمال مادياً ودفع غرامات مرتفعة افضل وسيلة لانهاء النزاع بينهم وبين الحكومة بدلا من حبسهم، لافتاً إلى ان التصالح معهم يسهم فى دوران العجلة الإنتاجية نتيجة وجود أيد عاملة وشركات لديهم.
واوضح ان النزاعات الاستثمارية تحتوى على شقين احدهما ضرورة معاقبة المخالفين غير الملتزمين بشروط وآليات التعاقد وفى الوقت ذاته اعطاء الحقوق للمستثمرين الذين لم يخالفوا شروط التعاقد.
وكشف منصور ان جميع قضايا التحكيم التى قامت الحكومة بالدخول فيها لم تنته لصالحها نتيجة وجود قصور فى صياغة العقود والتنفيذ، إضافة إلى مشاكل اختيار الحكومة لممثليها القانونيين الذين يتعاملون مع مثل هذا النوع من القضايا.
واضاف انه ينبغى على الحكومة عمل تسويات فى قضايا التحكيم بشروط ميسرة وعادلة للطرفين لاسترجاع ثقة المستثمر مرة أخرى وضمان عدم تحمل الدولة اعباء اضافية فى ظل نقص الموارد المتاحة، وفى الوقت ذاته ينبغى استخدام تلك الالية بشكل منضبط لضمان عدم تحولها لأداة ضغط على الحكومة.
وطالب منصور الحكومة بتحسين اوضاع البنية التحتية للطرق وخلق طرق ومحاور جديدة لزيادة حركة التجارة بين المناطق تزامناً مع محور تنمية قناة السويس الذى سيسهم بنسبة كبيرة فى عمل طفرة اقتصادية فى الاقتصاد المصر لما تمتلكه المنطقة من امكانيات صناعية وتصديرية ولوجستية مهمة.
أوضح ان سلاح الحوافز بمحور قناة السويس سلاح ذو حدين نتيجة تميز مستثمر عن مستثمر آخر، فى ظل أن المنطقة «مسوقة نفسها»، والمناطق المشابهة لها عالمياً فى هولندا وسنغافورة لم تقم بعمل تلك الحوافز.
وقال منصور ان السوق المصرى يشهد حركة غير عادية من قبل المستثمرين لكنها مجرد استفسارات فقط عن السوق وطبيعة نشاطه وابرز القطاعات الاستثمارية.
وتابع: ننظر للسوق من خلال القطاعات الثلاثة المتواجدة بالمكتب كقطاع التأسيس، والبيع والشراء للشركات، وقطاع الشركات العائلية، وحالياً قطاع التأسيس لديه متوقف تماماً، نتيجة انتظار المستثمر الأجنبى بصفة خاصة لمؤتمر الاقتصادى فى مارس لمعرفة الرؤى الحكومية، وانتظاره لتشكيل مجلس نواب جديد.
واضاف ان المستثمر الخليجى اكثر انواع المستثمرين مخاطرة بعكس المستثمر الأمريكى الذى لا يفضل أى مخاطرة فى التعامل، مشيراً إلى أن الأول يعتمد على قطاعات معينة فى الاستثمار كالسياحى والعقارى بينما الثانى يعتمد على القطاعات الخدمية والنقل والبترول فى مجال الاستثمار.
أشار إلى ان المؤتمر الاقتصادى سيشهد مشاركة شركات أجنبية كبرى على الرغم من استمرار المشاكل الأمنية والسياسية فى الفترة الحالية.
واضاف ان المؤتمر المقبل رسالة لوضع مصر مرة أخرى على الخريطة العالمية من خلال الإعلان عن التشريعات والسياسات والإجراءات الحكومية على المدى القصير والمتوسط والطويل الأجل.
وتابع منصور ان الشركة تقوم بدراسة نحو من 5 إلى 6 مشروعات ستعرض اثناء انعقاد المؤتمر فى قطاعات النقل واللوجستيات والسياحة بجانب مشاركتنا فى عمل دراسات جدوى لشركة لإعادة التأمين سيتم الإعلان عنها بالتزامن مع انعقاد المؤتمر.
وتوقع ان يشهد القطاعات الخدمى طفرة فى التعامل فى ظل اقبال الشركات على الاستثمار فى هذا القطاع بالتزامن مع محور تنمية قناة السويس وانشاء مناطق خدمية بالمحور، وكذلك القطاع الزراعى وبصفة خاصة مع تزايد اعداد السكان بشكل مستمر، بجانب قطاعات النقل والطرق.
أشار إلى ان الرفع التدريجى للدعم قرار صائب لأنه سيسهم فى علاج تشوهات سابقة أدت إلى وجود اسعار غير حقيقيه للمنتجات النفطية، وينبغى على الحكومة استكماله لعدم وجود بديل لديها فى ظل ارتفاع نفقاتها وزيادة معدلات العجز بالموازنة.
ولفت إلى ان الحكومة لديها فرصة فى الوقت الراهن لاستكمال الاجراءات الهيكيلية للدعم فى ظل الانخفاض العالمى لأسعار المواد النفطية مما سيسهم فى نجاح تجربة الهيكلة.
واضاف منصور ان الخطوات التى تجريها الحكومة لتكوين شبكة من الحماية الاجتماعية للأسر الفقيرة والمتوسطة من خلال الدعم النقدى أمر جيد، ولكن فى الوقت ذاته لن تستطيع تلبية جميع احتياجاتهم المعيشية نتيجة قلة الموارد.