شهدت العلاقات بين ألمانيا واليونان تراجعًا جديدًا خلال الأسبوع الماضي، بعد أن أعلنت الحكومة اليونانية نيتها مطالبة ألمانيا بتعويضات عن جرائم ارتكبتها القوات النازية إبان الحرب العالمية الثانية.
وأعلن رئيس الوزراء اليوناني “أليكسيس تسيبراس” أن ألمانيا لم تدفع التعويضات المستحقة عن الأضرار التي تسببت فيها، بينما أكدت الحكومة البريطانية في الأسبوع السابق له انتهاءها من سداد ديون مستحقة منذ الحرب العالمية الأولى.
وأشار تقرير نشرته “سي إن بي سي” إلى أن معظم المبالغ المعنية مثار تكهنات وليست محددة بشكل دقيق، كما أنه تم الاتفاق عليها بعملات لم تعد تستخدم الآن، ورصد التقرير الدول المدينة بمبالغ مالية كنتيجة مباشرة للحرب العالمية الثانية.
ما هي تعويضات الحرب؟
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، كان على بعض الدول أن تدفع مبالغ مالية أو سلعا مادية كطريقة للتعويض عن الأضرار التي تسببت فيها، والتي تشمل الآثار السلبية على الصناعة، والعمل القصري.
ووقعت الدول التي خسرت الحرب عدة اتفاقات لتعويض الفائزين عن الأضرار التي وقعت في الحرب العالمية الثانية، ومن ضمن الدول التي تم توقيع اتفاقات لتعويضها اليونان، والاتحاد السوفيتي.
وكانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة الفائزة بين الحلفاء التي قامت بدفع تعويضات إلى اليابان، ففي عام 1988 قدم الرئيس الأمريكي “رونالد ريجان” اعتذارًا إلى اليابانيين الأمريكيين الذين تم احتجازهم في مخيمات إبان الحرب العالمية الثانية، كما وافق على دفع 200 ألف دولار لكل معتقل سابق على قيد الحياة.
ألمانيا
كانت ألمانيا من أكثر الدول المطالبة بسداد تعويضات عن الحرب العالمية الثانية، إلا أن الرقم الدقيق لهذه المبالغ غير واضح حتى الآن، حيث طالبت دول الحلفاء بأشكال مختلفة من التعويضات في اجتماعات متفرقة لبحث مستقبل أوروبا بعد الحرب.
وطالب الحلفاء في البداية بسداد ألمانيا تعويضات إجمالية تصل إلى 320 مليار دولار أمريكي، إلا أنهم لم يلبثوا أن أدركوا عدم قدرة برلين على سداد هذه المبالغ في ذلك الوقت، خاصة مع ديونها القديمة عن الحرب العالمية الأولى.
وفي مؤتمر عقد في لندن خلال عام 1952، تم تخفيض ديون ألمانيا لما بعد الحرب إلى أقل من 7 مليارات مارك ألماني (حوالي 3 مليارات دولار بسعر الصرف الحالي)، من 16.2 مليار مارك، بينما تم تقليص ديون ما قبل الحرب إلى 7.3 مليار مارك.
كما كان على ألمانيا أن تتخلى عن السلطة في البلاد، ليتم تقسيمها في البداية إلى 4 مناطق تابعة للحلفاء، مع نزع السلاح.
وبحسب أحد الاجتماعات التي نظمها الحلفاء بعد الحرب، فإنه كان يجب أن تراعي التعويضات المطلوبة من ألمانيا أن توفر موارد كافية لمتطلبات الحياة للشعب الألماني دون الحاجة إلى مساعدة خارجية.
كما تم توقيع اتفاقيتين في باريس عام 1946 لتعويض الحلفاء في شكل أسهم، تشمل أموالا، ومعدات رأسمالية، وصناعية، وغيرها، حيث كانت دول المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وفرنسا، ويوغوسلافيا من أبرز المستفيدين منها.
ووقعت برلين أيضًا في 1952 اتفاقًا يقضي بسداد 3 مليارات مارك على أقساط لصالح الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى 450 مليون مارك إلى المؤتمر اليهودي العالمي خلال 12 عامًا، كما طالب وزير المالية الصهيوني في 2009 بضرورة سداد ألمانيا من 450 مليون إلى مليار يورو تعويضًا عن العمل القصري لليهود في “الهولوكوست” – على حد وصفه.
اليابان
كان الوضع بالنسبة لليابان أكثر تعقيدًا، حيث إن تقديرات الحلفاء أشارت إلى أن طوكيو قد خسرت 42% من ثروتها القومية أثناء الحرب، لذا تم توقيع معاهدة في عام 1951 تشمل تعويضات في كل من الاتجاهين.
ووقعت اليابان في عام 1951 “معاهدة السلام مع اليابان” والتي تنص على أن تقوم طوكيو بتحويل أصولها، أو تلك التي تعود ملكيتها لرعاياها في البلدان التي كانت محايدة أو محاربة أو ضمن الحلفاء خلال الحرب إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي ستقوم بتسييل تلك الأصول وتوزيع الأموال الناتجة على الوكالات الوطنية.
وإجمالًا، وافقت الحكومة اليابانية على سداد 6.6 مليار دولار أمريكي إلى الصليب الأحمر، كتعويض للسجناء السابقين في الحرب.
الدول الأخرى
تضمن اتفاق السلام في باريس خلال عام 1947 ضرورة سداد عدة دول أخرى لتعويضات عن دورها في الحرب العالمية الثانية.
وبحسب الاتفاق، كان على إيطاليا التي كانت إحدى دول المحور في الحرب أن تدفع تعويضات بقيمة 125 مليون دولار إلى يوغوسلافيا، و 105 ملايين إلى اليونان، و 100 مليون إلى الاتحاد السوفيتي، و 25 مليون إلى أثيوبيا، و 5 ملايين إلى ألبانيا.
بينما كانت فنلندا الدولة الوحيدة التي قامت بسداد كامل التعويضات المطلوبة منها بعد الحرب، بعد أن دفعت 300 مليون دولار إلى الاتحاد السوفيتي في عام 1952.
ونص الاتفاق أيضًا على سداد هولندا حوالي 200 مليون دولار إلى الاتحاد السوفيتي، و 100 مليون إلى تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا.
بينما كان على رومانيا أن تقوم بسداد 300 مليون دولار للاتحاد السوفيتي بسبب الضرر التي تسببت فيه عملياتها العسكرية، على أن تكون على شكل سلع عبر 8 أعوام تبدأ من سبتمبر/أيلول 1944.
كما تم مطالبة بلجيكا بسداد 45 مليون دولار لليونان، و25 مليون دولار ليوغوسلافيا، على شكل منتجات صناعية، وصناعات استخراجية، وزراعية، على مدار 8 سنوات.
وكالات