إصلاحات حكومية لمنع الانهيار والحفاظ على مكانتها العالمية
13 مليون وظيفة جديدة بفضل قطاع الخدمات 2014
تراجع النمو بشكل حاد فى الصين ، وبدأت مرحلة الانكماش، جرّاء تباطؤ الاقتصاد وهبوط قطاع العقارات، وتقلص إنتاج المصانع لأضعف وتيرة لم تتكرر منذ الأيام المظلمة أثناء الأزمة المالية العالمية.
وذكرت مجلة الإيكونوميست، أنه فى الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجارى، نما الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 7% فقط، ومن المتوقع أن يكون معدل النمو لعام 2015 الأضعف منذ 25 عاماً.
وتتزايد المخاوف بعد ثلاثة عقود من الارتفاع، وأصبحت بكين على وشك الانهيار، الأمر الذى ينذر بكارثة حقيقية، حيث تأتى الصين كثانى أكبر اقتصاد فى العالم، بالإضافة إلى كونها القوة البارزة فى آسيا. ولحسن الحظ تقوم الصين بثورة مالية على نيران هادئة غير معلن عنها لكن مرحب بها.
وتقوم متانة الصين وصلابتها على عدة ركائز، فمعظم ديون الصين محلّية، ولا تزال الحكومة تملك نفوذاً كافياً لمنع المدينين والدائنين من الدخول فى حالة من الذعر، وتعمل البلاد على تحويل معيارها من الاستثمار نحو الاستهلاك، الأمر الذى سوف يضع الاقتصاد على أرضية أكثر صلابة.
وخلقت الصين 13 مليون وظيفة جديدة العام الماضى بفضل طفرة تقديم الخدمات، وهو رقم قياسى يجعل تباطؤ النمو أمراً مقبولاً. ونظراً إلى ضخامة اقتصاد الصين، فسوف يسهم النمو المتوقع بنسبة 7% العام الجارى فى دعم الاقتصاد العالمى بأكثر من 14% كما فعل فى عام 2007.
ومع ذلك، فالسبب الحقيقى لشك المتشائمين هو الإصلاحات الصينية، فبعد عشر سنوات من التردد، تعمل الحكومة فى ثلاثة مجالات حيوية: أولاً، مجال التمويل، حيث قامت الحكومة بالتخفيف من سيطرتها على أسعار الفائدة وعلى تدفق رؤوس الأموال من خارج الحدود. وكانت تكلفة الائتمان منذ مدة طويلة منخفضة بشكل مصطنع، وكانت تسحق العوائد المتاحة للمدخرين، وفى الوقت نفسه تحمى الشركات الحكومية غير الفعالة، وتزيد الاستثمارات، وغطاء أسعار الفائدة على الودائع أصبح أقل أهمية، وذلك بفضل انفجار بدائل الحسابات البنكية التى تجذب حالياً ما يقرب من ثلث مدخرات الأسر.
وصرّح تشو شياو تشوان، محافظ البنك المركزى الصيني، بأن هناك «احتمالاً كبيراً» بتحرير معدل سعر الفائدة بالكامل بحلول نهاية العام الجارى.
وأصبحت الصين أيضاً أكثر تسامحاً مع التدفقات النقدية عبر الحدود ليصبح اليوان، العملة الصينية أكثر مرونة، ويمكن الشركات متعددة الجنسيات من تحريك الإيرادات فى الخارج بطريقة أكثر سهولة.
وتسعى الحكومة للحصول على اعتراف من صندوق النقد الدولى بأن يكون اليوان عملة قابلة للتحويل قبل نهاية عام 2015، الأمر الذى يمّهد الطريق لخطوات أكثر جرأة.
وتأتى المالية كمحور ثان للإصلاح، حيث أعطت الإصلاحات فى التسعينيات للحكومات المحلية مسئولية أكبر فى الإنفاق مع القليل من مصادر الإيرادات، وتنبع مشكلة الصين من الاستثمارات الزائدة على اللازم، والتمّسك بقاعدة ضريبية واهية، فقد اعتمدت المدن على مبيعات الأراضى لتمويل عملياتها، وانخرطت فى الاقتراض المتهور دون تسجيله فى السجلات المالية الرسمية للعمل.
وصرّحت وزارة المالية بأنها ستقوم بفرز هذه الحالات وإصلاحها بحلول عام 2020، وسوف تقوم الحكومة المركزية بتحويل الأموال إلى المحافظات، خاصة المتعلقة بالأولويات الاجتماعية، فى حين ستتلقى الحكومات المحلية المزيد من العائدات الضريبية. وتم إطلاق برنامج تجريبى لحل مشكلة ديون الحكومات المحلية.
وتتمثل المنطقة الثالثة من الإصلاح فى الإصلاح الإداري، ففى أوائل عام 2013 ومع بداية فترة ولاية لى كه تشيانغ، رئيساً للوزراء تعهد بخفض الروتين وجعل الحياة أسهل بالنسبة للشركات الخاصة. وأصبح هناك طفرة فى تسجيل الشركات الخاصة، وتم إنشاء 3.6 مليون شركة العام الماضي، وهو ما يقرب من ضعف ما تم انشاؤه فى 2012.
وفى الوقت المناسب، سوف تؤدى هذه الإصلاحات إلى تخصيص رأسمال أكثر كفاءة، وسيتمكن المقرضون من حساب المخاطر بشكل أكثر دقة.
وتتميز الصين بدفاعات أقوى وقت الأزمات بالرغم من اقتراضها الأجنبى الآخذ فى الارتفاع والبورصة ارتفعت بمقدار ثلاثة أرباع فى غضون ستة أشهر.
ثم يأتى بعد ذلك دور السياسة، فالإصلاحات الاقتصادية لها دعم رفيع المستوى، خاصة بعد الحملة لمكافحة الفساد من قبل الرئيس شى جين بينغ، التى جعلت المسئولين يعيشون فى خوف من التحقيق والمساءلة. وجعلت الكثير من المسئولين لا يجرؤون على الدخول فى اختبارات محلية جريئة خوفاً من إغضاب شخص قوي.
ويتطلب الإصلاح فى نهاية المطاف وضع حد لنظام الهوكو، أو تسجيل جميع المعلومات عن الأسرة، والذى يحصر 300 مليون شخص من الذين هاجروا إلى المدن من الريف مواطنين من الدرجة الثانية، ويعوق قدرتهم على أن يصبحوا مستهلكين متمكنين. وبالمثل، يحتاج الفلاحون والمزارعون السابقون إلى منحهم الحق فى بيع منازلهم وأراضيهم، أو أنهم لن يكونوا قادرين على المشاركة فى تحول الصين.








