بقلم: روبرت إبه بيب
رغم تلقى الولايات المتحدة وحلفائها انتقادات بسبب افتقارهم إلى استراتيجية واضحة، فقد حققوا مكاسب كبيرة أمام الدولة الإسلامية، فعلى مدار العام الماضي، تقلصت المناطق، والتى كانت الأكثر تهديداً للحلفاء الإقليميين فى العراق وسوريا، التى سيطرت عليها داعش ، بأكثر من الثلث.
وتعرض مقاتلو الدولة الإسلامية للهزيمة، واضطروا للانسحاب من سد الموصل فى كردستان العراق، ومدينة كوبانى فى سوريا، ومن مدينة تكريت العراقية مؤخراً، وأصبحت أكبر مراكز السكان الكردية والشيعية أكثر أماناً.
وبعد إعلان حكومة الرئيس الأمريكى باراك أوباما عن خطط لاستعادة الموصل، أصبح من الأهمية بمكان فهم ما ينجح فى قتال الدولة الإسلامية، ويتساءل الكثيرون عن قابلية تنفيذ ونجاح الحملة على الموصل، وانا أقول إنها ممكنة، ولكن هزيمة الدولة الإسلامية تعتمد على التزام الولايات المتحدة باستراتيجيتها الحالية: المطرقة والسندان.
واستخدمت الحملة الجوية هذه التقنية لإجبار الدولة الإسلامية لاختيارين بغيضين بالنسبة لها، وهما إما أن تركز قواتها لتحقيق تفوق محلى أمام القوات الأرضية المعادية، ولكنها فى هذه الحالة ستواجه الهلاك من مطرقة القوة الجوية الأمريكية، أو أنها يمكنها تجنب الهجمات الجوية من خلال نشر مقاتليها فى وحدات صغيرة، ولكنها تخاطر بالهزيمة أمام «سندان» القوات الأرضية الساحقة المعادية لها، وفى كلتا الحالتين، داعش هى الخاسرة.
وتسعى الدولة الإسلامية وراء هدفين أساسيين: التوسع والتمكين، ومنذ بدء الحملة الجوية أغسطس الماضي، نجحت فى إعاقة توسع داعش، ولكنها لم تترك أثراً يذكر فى استراتيجية الجهاديين الدفاعية المتعلقة بتمكين السيطرة على المناطق السنية.
ويمكن أن تواصل الولايات المتحدة استخدامها للقوة الجوية للحد من قدرة الدولة الإسلامية على نقل قوات كبيرة بين سوريا والعراق، وبالتالى تعوق المزيد من التوسع، وإذا تم منع الدولة الإسلامية من نقل الرجال والعتاد إلى مراكز التجمع الكبيرة، فسوف تكون غير قادرة على تعزيز سلطتها فى العراق.
ومع ذلك، عززت الدولة الإسلامية من سيطرتها على بعض المناطق السنية فى العراق وسوريا، ولم تعقها الهجمات الجوية فى هيت والرمادى والرقة وغيرها من المناطق فى قلب المناطق السنية، كما فشلت الهجمات الجوية على مراكز القيادة، وعلى عمليات البترول المولد للإيرادات فى التسبب فى ضرر دائم.
تتطلب هزيمة الدولة الإسلامية نهجاً جديداً لاستعادة المناطق السنية، أولاً يجب علينا تحديد ودعم المقاومة السنية للدولة الإسلامية، وهنا، سوف تفشل أى استراتيحية تركز على قيادة الأكراد والشيعة للمقاتلين العراقيين، كما رأينا فى الموصل والمناطق العراقية الأخرى التى وقعت فى أيدى الدولة الإسلامية، فلا قوات البشمرجة التركية ولا الجيش العراقى الرئيسى الشيعي، ولا الميليشيات الشيعية على استعداد لدفع ثمن استعادة المناطق الكبيرة ذات الأغلبية السنية.
وهناك حالتان واضحتان يمكن أن نبدأ بهما، إحداهما هى شرطة محافظة نينوي، فعندما استولت داعش على معظم المقاطعة فى يونيو الماضي، كان عدد الأفراد فى هذه القوة يبلغ 24.000 رجل، ولكن تعرضوا على الفور لقطع التمويل والأسلحة من قبل الحكومة العراقية الشيعية غير الموثوقة.
والأخرى تتمثل فى القبائل السنية التى عارضت الدولة الإسلامية فى محافظة الأنبار، وهؤلاء قتل منهم المئات بوحشية عندما سعت الدولة الإسلامية لإخضاعهم فى استيلائها على الأراضى فى 2014.
وهاتان المجموعتان لديهما الحافز والعدد الكافيان لتشكيل تهديد حقيقي للدولة الإسلامية، شريطة أن تحصلا على دعم القوات الجوية والقوات الخاصة الأمريكية.
ويعد الإعلان عن خطة لاستعادة الموصل خطوة أولى، ولكن وحده التحرك من الحكومة العراقية ما سيحشد السنيين، ومن أجل هذه الغاية، ينبغى على الحكومة الأمريكية أن تضمن وجود اتفاق مشاركة سلطة بين الحكومة العراقية والقبائل السنية، بحيث يمنح هذا الاتفاق استقلالاً أكبر للمحافظات السنية، مثل الذى تم منحه للأكراد العراقيين.
ومن الضرورى القضاء على المخاوف السنية، بأن تخلص العراق من الدولة الإسلامية سوف يعيدهم ببساطة إلى الهيمنة الشيعية، وبالتالى يعد الضمان باستقلال أكبر سبيل إقناع السنيين بالتمرد على الدولة الإسلامية.
ومع ذلك، فإن خطة تعزيز المقاومة السنية لداعش أبعد ما تكون عن البسيطة، فهى تتطلب إعطاء استقلالية أكبر للسنة، وهو ما تكره الحكومة العراقية أن تقبله حتى الآن، ولكن مع وضع الأمور فى نصابها الصحيح، يمكن جمع القوات الخاصة والقوات الجوية الأمريكية مع الحلفاء المحليين أصحاب الدوافع الأصيلة لدحر داعش، وإذا نجحت هذه الاستراتيجية، فيمكن أن نصل قريباً إلى نقطة تحول فى هزيمة الدولة الإسلامية فى العراق.
بقلم: رحمة عبدالعزيز
المصدر: صحيفة «نيويورك تايمز»