«نقل الكهرباء» تدفع للبدو 40 جنيهاً شهرياً لحراسة البرج الواحد وترفض الاتجاه للشركات المتخصصة
400 مليون جنيه خسائر التفجيرات فى 3 أشهر ومقترحات بتشكيل مجمعة لارتفاع قيمة الأصول
وزير الكهرباء: خطة لتأمين الأبراج الحيوية ونفاوض شركات حراسة لمواجهة التخريب
مسئول: خسائر انقطاع التيار أكبر من خسائر الإصلاح
كشفت المشكلات التى يتعرض لها قطاع الكهرباء فى مصر عن نقص حاد فى التغطيات التأمينية لأصول ومنتجات القطاع بما يحمل الدولة خسائر فادحة سنويا.
ويمثل القطاع واحدا من أكبر القطاعات الاقتصادية فى مصر من حيث حجم الأصول التى تتنوع بشكل كبير لتشمل محطات التوليد وخطوط وأبراج النقل ومحطات وخطوط التوزيع، والوقود اللازم لتشغيل المحطات وغيرها.
وكشفت التفجيرات المتتالية التى تعرضت لها أبراج نقل الكهرباء على مدار العامين الماضيين عن عدم وجود تغطيات تأمينية لأصول شركة نقل الكهرباء، ما تسبب فى تحملها التكلفة المرتفعة لإصلاح الأبراج، فضلا عن الخسائر المترتبة على انقطاع التيار.
وتقتصر التغطيات التأمينية فى قطاع الكهرباء على العمليات الانشائية والتركيب للمحطات فقط، وبعد بدء التشغيل بفترة قصيرة تنتهى التغطية التأمينية.
وقال أحمد الحنفى، رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء إن الوزارة تكبدت خسائر خلال الأشهر الماضية تبلغ 400 مليون جنيه قيمة إصلاح الأبراج التى تم تفجيرها وخسائر نتيجة عدم بيع الطاقة المولدة للمستهلك.
وقال محمد شاكر، وزير الكهرباء، لـ«البورصة» إن الوزارة تواجه صعوبة كبيرة فى تأمين الأبراج التى يصل عددها إلى 160 ألف برج على مساحة تبلغ 44 ألف كيلو متر، أغلبها فى المناطق الصحراوية.
وتفضل وزارة الكهرباء توفير الحماية الأمنية لأبراج نقل الكهرباء على توفير التغطية التأمينية لها.
وقال شاكر أن الوزارة وضعت خطة لتأمين الأبراج الحيوية، على جهد 500 كيلو فولت، ولها حراسات خاصة بها، والشركة المصرية لنقل الكهرباء متعاقدة مع الأعراب لحراسة هذه الأبراج، لكن يصعب تأمين كل أبراج الكهرباء على مستوى الجمهورية، موضحا أن الوزارة بدأت مفاوضات مع شركات أمن وحراسة لتأمين أبراج الكهرباء عبر تركيب كاميرات وتقنيات جديدة لمواجهة الأعمال التخريبية التى تستهدف المنشآت والأبراج مؤخراً.
أوضح إن إحدى الشركات الصينية عرضت تكنولوجيا جديدة ومبتكرة يتم من خلالها تأمين الأبراج والأكشاك عن طريق وضع ذبذبات صوتية تؤثر على الأشخاص القريبين من الأبراج، وإمداد البرج بضوء أحمر مثل الليزر «الاشعة الحمراء» يشير إلى الأشخاص الموجودين ومن ثم يتم إرسال إشارة لمركز التحكم بموقع البرج ورقمه وصورة المتعدين.
وقال الحنفى إن وزارة الكهرباء تواجه صعوبة كبيرة فى التعاقد مع شركات التأمين بسبب تكلفة الأقساط المتوقعة، فى الوقت الذى تعانى الوزارة من مديونيات وتشابكات مالية مع جهات عديدة.
وكشف مسئول بارز بالشركة المصرية لنقل الكهرباء، عن تعاقد الوزارة مع 40 شركة أمن وحراسة مقابل 6 ملايين جنيه شهرياً، لتأمين أبراج الكهرباء فى مناطق القاهرة والإسكندرية والدلتا والقناة ومصر الوسطى ومصر العليا.
أوضح أن هذه الحراسات تضم العديد من الخفراء والبدو فى كل منطقة، ويشمل حيز التأمين أكثر من 100 برج لكل خفير، وتتم محاسبة تأمين البرج الواحد بـ40 جنيهاً شهرياً، وبعد زيادة العمليات التفجيرية التى تستهدف أبراج الكهرباء طالب عدد كبير من شركات الحراسة زيادة قيمة تأمين البرج الواحد إلى جنيه شهرياً.
اعتبر مسئولو التأمينات الهندسية بشركات التأمين ان المفاوضات الحالية لوزارة الكهرباء مع شركات الحراسة يمثل خطوة استباقية مهمة لتوفير جميع التغطيات لها عبر شركات التأمين العاملة بالسوق.
وأكد المسئولون على أهمية توفير الحماية لمحطات الكهرباء أثناء التشغيل وعدم قصرها على المخاطر المرتبطة بمرحلة التركيب فقط.
قال أحمد مرسى، نائب العضو المنتدب بشركة المصرية للتأمين التكافلى ممتلكات ورئيس لجنة التأمينات الهندسية باتحاد شركات التأمين، إن وزارة الكهرباء لا تؤمن على المحطات التابعة لها إلا فى مرحلة التشييد والبناء فقط، عبر وثيقة جميع أخطار المقاولين التى تغطى مخاطر قد تتعرض لها خلال فترة إنشائها ومرحلة الصيانة التى تمتد لمدة 24 شهرا.
وفى سياق متصل، أوضح مرسى، أن ارتفاع أصول محطات الكهرباء التى قد تصل نحو 15 مليار جنيه للمحطة الواحدة يتسبب فى ارتفاع التكلفة التأمينية وبالتالى ارتفاع قيمة القسط، وهو ما يمنع الحكومة من التأمين على تلك المحطات أثناء تشغيلها رغم أهميته فى الحفاظ عليها، إضافة إلى وجود وثائق بالسوق لتغطية عدد من المخاطر المهمة التى قد تتعرض لها ومنها الانفجار والحريق والغرق، وتغطيات أخرى منفصلة مثل وثيقة العنف السياسى التى تغطى الأخطار الناتجة عن أعمال الشغب مثل ما تعرضت له المحولات الكهربية بمدينة السادس من أكتوبر مؤخرا.
وتعرض عدد من محطات توليد الكهرباء للعديد من المخاطر العامين الماضيين، منها غرق مشروع محطة كهرباء العين السخنة فى مياه السيول وانفجار بمحطتى عيون موسى، وكهرباء طلخا، كما شهدت إحدى محطات الكهرباء بميدان جهينة بمدينة السادس من أكتوبر انفجارا أدى إلى انهيار المبنى بالكامل وقدرت خسائره المبدئية بنحو 22 مليون جنيه.
وتعرضت أبراج نقل كهرباء بمنطقتى مدينة الإنتاج الإعلامى، وكهرباء السد العالى مؤخرا لتفجيرات تسببت فى خسائر بملايين الجنيهات.
على جانب آخر، أكد نائب العضو المنتدب بالمصرية تكافلى، ضرورة اتخاذ قرار حكومى بتأمين المحطات أثناء التشغيل، معتبرا أن إتمام الشركات المصرية لعمليات إعادة التأمين الخاصة بتلك النوعية من التغطيات يسهم فى حل تلك المشكلة، مقترحا تأسيس مجمعة لتغطية محطات الكهرباء على غرار المجمعات التأمينية بالسوق.
من جانبه، أوضح خالد القليوبى، مدير عام التأمينات الهندسية والممتلكات بشركة رويال للتأمين، أن نقص الوعى لدى الشركات سواء الحكومية أو الخاصة حول الأخطار المحتمل تعرض المحطات لها خلال فترة التشغيل يمثل السبب الأرجح لعزوفها عن التغطية وليس التكلفة التى تتحملها نظير الأقساط المسددة عنها، على عكس الفكر السائد بالخارج حيث يعتبر التأمين درءا للعديد من الأخطار وحماية لاستمرارية التشغيل.
أضاف: «اعتقاد المالك ان الضمان سواء كان عاماً أو أكثر من ذلك سوف يغطى أى أخطار لاحقة قد يكون عاملا اساسياً فى عزوفه عن التأمين، الذى يختلف كلية عن الضمان ويكون امتداداً له لتغطية أى خسارة أو ضرر مادى فجائى بخلاف مسئولية صانعى وموردى مكونات المحطات».
أوضح أن محطات الكهرباء قد تتعرض لمخاطر الحريق والانفجار وتعطل التوربينات أو عيوب التركيب أو الحوادث المختلفة اثناء اجراء الصيانة والاختبارات وهو ما لن يكون مغطى بالضمان المقدم من المورد.
وتغطى محطات الكهرباء وفقاً للقليوبى بوثائق المقاولين والتركيب أو بوثائق المشروعات الشاملة ذات التغطيات الأوسع التى تغطى اخطار التشييد والاخطار الطبيعية واخطار المسئولية المدنية وتأخر التشغيل وورود الآلات والمعدات من الخارج بالاضافة إلى اختبارات هذه المحطات.
واعتبر مسئول فى إحدى شركات الممتلكات البارزة بالقطاع أن لجوء وزارة الكهرباء للتعاقد مع شركات الحراسة لتأمين أبراج الكهرباء يمثل خطوة استباقية مهمة لجذب شركات التأمين لتوفير التغطية لها ضد جميع الأخطار التى من الممكن أن تتعرض لها، مستبعدا حمايتها فى الوقت الحالى عبر شركات التأمين نظرا لصعوبته نتيجة ارتفاع درجة الخطر المحقق والناتج عن وجودها فى أماكن متفرقة من أنحاء الجمهورية قد تكون فى مناطق نائية ومنعزلة عن الكتل السكنية مما يسهل سرقتها أو تعرضها للحريق .
أكد ضرورة تأمين محطات الكهرباء ضد مخاطر التشغيل وعدم قصر التغطيات على مخاطر التركيب فقط ضد جميع المخاطر.
قال محمد الغطريفى، المستشار التأمينى إن هناك ضرورة لتأمين أبراج الكهرباء ضد مخاطر العنف السياسى نتيجة كثرة حوادث التفجيرات التى تشهدها فى الوقت الحالى مضيفا أن الشبكة لم تتعرض منذ تأسيسها فى الستينيات لأى أخطار بخلاف الكوارث الطبيعية كالسيول أو العواصف .
أوضح أن خطورة تلك التفجيرات تتمثل فى ارتفاع الخسائر الناتجة عن انقطاع التيار الكهربائى التى قد تتجاوز قيمتها تكلفة الأبراج نفسها أو إصلاحها مثلما حدث مؤخرا باستديوهات مدينة الإناج الإعلامى إضافة إلى تدمير الأجهزة الكهربية بالمصانع والمنازل .