الكسب غير المشروع يخلق تشوهات اقتصادية ومعاقبة المرتشين أولى خطوات المعالجة
وجهت أصابع الاتهام لشركة سيمنز الألمانية فى 2008 بتوزيعها رشاوى فى الأسواق الناشئة ، ومنذ ذلك الحين أنفقت الشركة 3 مليارات دولار على الغرامات والتحقيقات الداخلية بهدف التكفير عن خطاياها.
وفى القريب العاجل من المقرر أن تنفق «وول مارت»، شركة التجزئة الامريكية وأكبر شركة فى العالم من حيث الإيرادات، 800 مليون دولار على الرسوم، بالإضافة إلى الاستجابة الناجمة عن تحقيقات الرشوة فى المكسيك، التى وصفت بالتحقيقات الأكثر تعقيدا بعد أن استمرت على مدار ثلاث سنوات.
وذكرت مجلة الإيكونوميست أنه فى السنوات الأخيرة انساق كثير من الاقتصادات الكبرى من بريطانيا إلى البرازيل، خلف أمريكا فى تشديد إنفاذها قوانين مكافحة الرشوة.
وأضافت أن الجرائم من هذا النوع جلبت حتى الوقت الراهن غرامات بمئات الملايين من الدولارات، بالإضافة إلى اصدار أحكام بالسجن للمديريين التنفيذيين، فالآثار الاقتصادية المترتبة على الكسب غير المشروع مؤلمة ومن الضروى ملاحقة المرتشين.
تشوّه الرشوة المنافسة وتحوّل الموارد الوطنية إلى حسابات المسئولين بطرق ملتوية فى الخارج. لكن تكلفة وتعقيد التحقيقات زادت إلى حد أبعد مما هو معقول، بسبب سيطرة مفهوم الامتثال الحرفى للقوانين لدى المحامين وخبراء المحاسبة فى قسم التحليل الجنائى للجريمة الذين لا يرون أن قضية الرشوة المحلية لا تستدعى إجراء نظرة عالمية شاملة عن طريق المدّعين فى النيابة العامة، الذين يديرون التحقيقات فى بلدان مختلفة.
ولوقف انزلاق جنون التحقيق ، يحتاج التطبيق إلى إصلاح من أربعة محاور: أولا، يجب على المنظمين كبح جماح تجاوزات صناعة الانصياع للأوامر وأن يأخذوا بعين الاعتبار التكلفة للشركات الخاضعة للتحقيقات.
ثانيا، يتعين على الحكومات خفض التكاليف عن طريق مواءمة قوانين مكافحة الرشوة وتحسين التنسيق بين التحقيقات الوطنية. ومن الطبيعى أن تكون منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، التى اكتسبت قبولاً واسعاً بعد اتفاقية مكافحة الرشوة، الهيئة التى تقود هذا الجهد الكبير.
ثالثا، يجب أن يمثل المزيد من الحالات أمام القضاء، ففى كثير من الأحيان، يكون مدّعى النيابة العامة الذراع القوية فى الموافقة على التسويات القائمة على النظريات القانونية المثيرة للجدل، كأن يكون منفذو القوانين الامريكية موظفين أقارب أو على صلة جيدة بالمسئولين المتهمين فى قضايا الرشوة .
وتظهر ميزة اتخاذ مثل هذه القضايا إلى المحكمة عندما تكون الشركات كارهة للذهاب إلى المحاكمة، لأنها قلقة من التكاليف المالية للتهمة الجنائية، لذلك ينبغى خضوعها لشروط التسويات بشرط ألا تقل عن التدقيقات القضائية.
وأخيراً، ينبغى تعديل قوانين مكافحة الرشوة لتطول المحاكمات كبار المسئولين، فالشركات التى تظهر أن لديها سياسات سليمة لمكافحة الرشوة، وأنها تبذل جهودا معقولة للحفاظ عليها، لا تتم محاكمة كبار المديرين فيها حاليا ولا يتم تقديمهم للسلطات على الفور، ولذلك تتقلص العقوبات إلى حد كبير.
ولذلك يجب أن يكون الرد متناسبا حتى تتآكل الرشوة، فالتحقيقات التى تطول هى مضيعة للإدارة والموارد العامة.
وتبدأ نقطة الانطلاق من خلال كشف نصف جميع الحالات بطريقة طوعية للشركة، ولكن إذا استمرت التكاليف فى الارتفاع بعدها قد تكون الشركات أكثر إغراء لدفن أخبارهم السيئة، ولن يبقى لنشطاء مكافحة الفساد ما يهتفون به إذا انتهى الأمر إلى علاج أكثر ضررا من المرض.








