تمويل الصندوق من خلال الحكومة الروسية أو الأجهزة المرتبطة بها
«البزنس» بين القاهرة وموسكو توقف طويلاً.. ومؤتمر واحد لا يكفى لعودة العلاقات
«أورلوف»: المنتدى المشترك لم يشهد توقيع عقود لكنه أعاد إحياء العلاقات الاقتصادية
الاستثمارات الروسية بالقاهرة لا تتعدى 100 مليون دولار ونأمل زيادتها الفترة المقبلة
الشركات الروسية تطلب شفافية أكبر حول مواعيد المناقصات الحكومية والإجراءات المطلوبة للتقدم لها
قال ميخائيل أورلوف، رئيس مجلس الأعمال الروسى المصري، إن إطلاق صندوق التمويل السيادى المشترك الذى تم الإعلان عن تأسيسه خلال منتدى الأعمال المصرى الروسى الأسبوع الماضى بالقاهرة، لن يكون قبل 6 أشهر على الأقل، وهى المدة اللازمة لتحديد قيمة التمويلات ومساهمات الأطراف المشاركة فيه.
وإتفق وزير التجارة والصناعة الروسى دينيس منتروف –الاثنين الماضي- مع نظيره المصرى منير فخرى عبدالنور على تأسيس الصندوق المشترك بهدف الاستثمار المباشر بين كلا البلدين، بمساهمة صندوق أبوظبى للاستثمار وأحد الصناديق الاستثمارية السعودية لتمويل المشروعات المتفق عليها بين الجانبين المصرى والروسي، ولم يحدد حتى الآن رأسمال الصندوق والمشروعات المستهدف تمويلها.
وأجرت «البورصة» مقابلة مع «أورلوف» بعد انتهاء أنشطة منتدى الأعمال المصرى الروسى للحديث عن النتائج التى تحققت من الزيارة، والمطالب التى وضعها المستثمرون الروس على مائدة الحكومة المصرية، ورؤيته للعلاقات الاقتصادية الحالية بين البلدين، ومستقبل هذه العلاقات، ومصير صندوق التمويل السيادى المشترك.
قال أورلوف: «لا أحد يعلم حتى الآن قيمة رأسمال الصندوق السيادي، ولا نسب مشاركة الدول الثلاث فيه، وكذلك القطاعات التى سيمولها الصندوق، وهل هى فى القطاع الخاص أم فى القطاع العام.. كل ذلك غير معروف».
أشار رئيس مجلس الأعمال الروسى المصرى إلى ضرورة تأسيس الصندوق فى أقرب وقت، لاسيما أنه يوجد عدد من الإجراءات التى يفترض انجازها مثل معرفة من سيدير هذا الصندوق، وطبيعة الجهات الممولة.
وعن الكيانات التى ستمول الصندوق من الجانب الروسى أوضح أورلوف أن التمويل سوف يأتى إما من خلال الحكومة الروسية، أو أجهزة مرتبطة بالحكومة مثل صندوق الثروة السيادى الروسي، نافياً أن يشارك القطاع الخاص الروسى فى عملية التمويل لكنه سيكون شريكاً فى تنفيذ المشروعات.
أضاف أن فكرة انشاء الصندوق السيادى المشترك نبعت من الحاجة إلى التمويل، خاصة أن حاجة كلا البلدين إلى التمويل متشابهة إلى حد كبير، وأنهما يعانيان تحديات داخلية كبيرة، موضحاً: «روسيا لا تزال محاطة بالقيود الأمريكية والغربية على اقتصادها وبنوكها، ومصر هى الأخرى تحاول بناء اقتصادها من جديد، بعد 4 أعوام من تقلبات سياسية، وهو ما دفع مصر إلى تنويع شركائها الدوليين والهروب من احتكار الغرب وأمريكا».
لفت أورلوف إلى ضرورة استغلال الصندوق السيادى المشترك فى إقامة سجل حافل بالانجازات بين البلدين، مع الأخذ فى الاعتبار أن روسيا اذا كانت قادرة على التمويل فإن هذه القدرة تعتبر محدودة، وفى الوقت نفسه توجد فرص كثيرة للاستثمار حول العالم، ليس فى مصر وحدها.
وعن نتائج الزيارة الروسية للقاهرة، قال أورلوف: «يجب أن أشدد على حقيقة أنه لم يتم توقيع عقود نهائية بين الأطراف الروسية والمصرية سواء الحكومية أو القطاع الخاص خلال يومى انعقاد المؤتمر».
وفيما يتعلق بالتعاون بين الشركات من الطرفين ذكر رئيس المجلس أنه «لا يمكن الحديث عن توقيع عقود محددة»، مشيراً إلى أن العديد من الشركات الروسية أجرت مقابلات مع نظرائها المصرية، وأن هذه المقابلات أوضحت أن البعض منهم لا يزال يبحث عن شريك حقيقي، والبعض الآخر قام بعمل قائمة تضم ثلاثة أو أربعة شركاء محتملين.
أضاف أن المؤتمر كان له صدى إعلامى إيجابى، لكن نجاح المؤتمر لا يمكن قياسه من خلال التغطية الإعلامية، وانما بمقدار ما حققه من إنجازات على الأرض قائلا « أرى أن هذه بداية جيدة خاصة أن التعاون فى مجال البزنس بين مصر وروسيا شهد انقطاعاً طويلاً، وإعادة إحياء هذا التعاون لن تتم خلال حدث واحد او اجتماع واحد».
وشهد منتدى الأعمال المصرى الروسى توقيع مذكرتى تفاهم بين 4 شركات مصرية روسية، حيث وقع مكتب «صبور للاستشارات الهندسية» بروتوكول تعاون مع «مورتن» الروسية المتخصصة فى مجال العقارات، ووقعت «إيليت» الروسية المتخصصة فى صناعة الأثاث مذكرة أخرى مع شركة «هاى بوينت فرينتشر».
وقال أورلوف إن الزيارة أسفرت أيضاً عن توقيع 4 مذكرات تفاهم، اثنتان وقعهم المجلس، مع الجمعية المصرية لشباب الأعمال ومركز تحديث الصناعة.
وأوضح رئيس المجلس أن مذكرتى التفاهم تعتبران بمثابة اتفاقيات استراتيجية لزيادة التعاون المشترك بين المجلس وعدد من منظمات الأعمال والهيئات المصرية، مضيفاً أن المجلس يرغب فى إقامة شبكة اتصالات مع منظمات أخرى تمثل مجتمع الأعمال الروسي، وكذا اقامة علاقات مع أى منطمات مصرية ترغب فى التعاون.
أضاف: «من خلال شبكة الاتصالات نستطيع التوغل فى أعماق الاقتصاد المصرى ونحقق استفادة من التوصيات والنصائح التى تدلى بها هذه المنظمات».
وأشار أورلوف إلى أن استقبال الوفد الروسى من قبل الحكومة المصرية أظهر مستوى عالياً من الالتزام بداية من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وحتى رئيس الوزراء ابراهيم محلب، والوزراء.
ورداً على سؤال حول مطالب الشركات الروسية التى وضعتها على مائدة الحكومة المصرية، قال رئيس المجلس: «نحن بحاجة إلى معلومات واضحة عن المناقصات الحكومية لمشاركة الشركات الروسية فى هذه المناقصات وكذلك نريد وضوحاً وشفافية أكبر حول مواعيد هذه المناقصات والإجراءات المطلوبة للتقدم لها.
أضاف أن الشركات الروسية ترغب فى معرفة آخر التطورات حول تفعيل آلية الشباك الواحد، والموعد الفعلى لبدء تفعيل هذه الآلية، وكذا يوجد لدينا أسئلة كثيرة عن صعوبة توفير العملة الصعبة وإمكانية تحويل الأرباح للخارج.
وعن حجم الاستثمارات الروسية فى مصر قال أورلوف إن اجمالى استثمارات روسيا فى مصر لا يتعدى 100 مليون دولار قائلا: «روسيا تعلم أن تواجدها الاستثمارى فى مصر ليس قوياً لذلك تعمل على زيادة هذه القيمة خلال السنوات المقبلة».
وأشار إلى أن إقامة المنطقة الصناعية الروسية فى السويس تتطلب دراسة عدد من المستندات والاتفاقيات التى تم توقيعها بشأن الاستثمار فى هذه المنطقة، موضحاً أن الاستثمار فى السويس مرهون بطبيعة الحوافز التى ستقدمها الحكومة للشركات الراغبة بالاستثمار فى هذه المنطقة.
وتوقع ألا تشهد الشهور الـ6 المقبلة تدفقاً قوياً للاستثمارات الروسية إلى مصر، مؤكداً أن العام المقبل سيشهد إقبالاً كبيراً من المستثمرين الروس على دخول السوق المصري.
وقال أورلوف، إن مجلس الأعمال الروسى المصرى تلقى استفسارات من مستثمرين روسيين حول الاستثمار فى مصر، لكنها ليست كثيرة، مرجعاً السبب إلى ما وصفه بالصدمة التى يشهدها الاقتصاد الروسى وتراجع قيمة العملة الروسية الروبل.
تابع: «الروس لا يعرفون الكثير عن مصر بخلاف السياح الذين يأتون إلى شرم الشيخ للاستمتاع وليس من اجل العمل»، لافتا إلى أن مناخ الأعمال فى مصر لا يزال غير واضح بالنسبة للشركات الروسية.
ويعمل مجلس الأعمال الروسى المصرى على تذليل العقبات التى تواجه المستثمر الروسى فى مصر، وكذلك حل المشكلات التى يقابلها المستثمر المصرى فى السوق الروسي.
ذكر أورلوف أن واحدة من مهام المجلس هى توعية المستثمر الروسى بفرص الاستثمار الموجودة فى السوق المصرى وبخاصة المشروعات الكبرى مثل مشروع قناة السويس.
وقال إن الشركات الروسية مهتمة بالاستثمار فى منطقة قناة السويس فى مجال اللوجستيات، والبنية التحتية.
وكشف أن مجلس الأعمال الروسى المصرى ناقش مع الحكومة المصرية إمكانية تنظيم منتدى أعمال فى روسيا على غرار المنتدى الذى حدث خلال الأيام الماضية، لكن حتى الآن لم يتم اتخاذ قرار بشأن موعد تنظيم هذا المنتدى، متوقعاً أن يتم تنظيمه خلال العام المقبل.
وحول إمكانية دخول البنوك الروسية إلى السوق المصرى خلال الفترة المقبلة، قال أورلوف: «هذا الأمر كان على أجندة المجلس، لكن يبدو أن التحديات التى تواجهها روسيا قد تمنع انجاز ذلك»، لاسيما أن البنوك الروسية متأثرة بالعقوبات التى يفرضها الغرب على روسيا.
تابع: لا أتوقع أن تتحرك البنوك الروسية لعمل توسعات فى الخارج، خاصة أنها لا تستطيع الحصول على الأموال من الخارج، وبالتالى عندما تريد تمويل المشروعات سوف تواجه العقوبات المفروضة عليها من الاتحاد الأوروبى.
كتب: أحمد العادلى
شيماء العيص
