الحكومة تقرر وقف سداد أقساط «الديون البغيضة» وتشكك فى شرعيتها
اتخذت أوكرانيا قراراً بوقف مدفوعات ديونها الخارجية، بسبب انهيار المفاوضات بين كييف ودائنيها واقترابها من الإفلاس، الأمر الذى أحدث تحولاً كبيراً فى لهجة البلد الذى مزقته الحرب والركود المدمّر.
وأشار المستثمرون فى مارس الماضى إلى أن العملية التعاونية أمر بالغ الأهمية، والتزمت أوكرانيا بإجراء محادثات مع دائنيها، وبحلول شهر مايو أعلنت الحكومة أن لها الحق، ولن تعود لسداد قروض النهب والسرقة.
وذكرت صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية، أنه فى أوساط الديون السيادية يبدو أن أوكرانيا تتخذ ما يعرف بنهج «الديون البغيضة» الذى يرفض فكرة أن الحكومات مسئولة عن تسديد ديون سابقاتها. إذا ما ثبت تورط سلطة استبدادية بدين ليس من احتياجات الدولة أو فى مصلحتها بل من أجل تقوية حكمها الاستبدادي أو لقمع السكان الذين يناضلون ضدها.
وبالنظر إلى الإنفاذ القانونى للديون السيادية، فالمقرضون من القطاع الخاص لا يتمّكنون من الحصول على أموالهم إذا وجد بلد يرفض عدم سداد السندات. وخلافا للشركة، فلا يمكن تقسيم الدولة إلى أجزاء وبيعها، وبدون التسديدات جرّاء تدخل عسكرى فلا يمكن إجبارها على السداد. وهذا هو السبب فى نشوب معركة بين الأرجنتين والدائنين التى استمرت لأكثر من عقد من الزمان بعد التعثر.
ومن خلال التشكيك فى شرعية الدين وأن الدولة لا تنوى الدفع، فيمكن لهذا البلد أن يخضع للعقوبات الرسمية التى تصاحب عادة التعثر عن السداد، مثل الحرمان من القروض فى المستقبل.
وتعد هذه الاستراتيجية محفوفة بالمخاطر فحال انهيار المحادثات يمكن أن تتلاشى فرص الدولة فى ترتيب صفقات إعادة هيكلة، ويمكن أن تحرم من دخول أسواق الائتمان.
وحتى الوقت الراهن، لم تستخدم اليونان رسمياً دعوى الديون البغيضة، بالرغم من أنه قد يتم تشكيل لجنة تقصى حقائق الدين للتحقيق فى ديونها.
ويمكن أن يكون هذا النوع من الدعاوى أداة تفاوض ناجحة، حيث أعلنت الإكوادور عام 2008 اثنين من السندات الصادرة فى عام 2000 ديوناً غير شرعية تم ابرامها من قبل النظام الفاسد السابق، واعلنت انها سوف تنتهى من إعادة هيكلة ديونها العام المقبل.
وبالنسبة لأوكرانيا، فالقضية تقع على حقيقة أن الأموال المستحقة اتخذت من خلال حكم فيكتور يانوكوفيتش، الذى فر من البلاد العام الماضى بعد انهيار نظامه الموالى لروسيا. وحصل على 3 مليارات دولار فى صورة سندات مستحقة لموسكو واجبة السداد نهاية العام الجارى.
واعلنت كييف، أن المال لم يستخدم لصالح الشعب الأوكرانى، وأن الجمهور لم تصله هذه الأموال وتم اهداره عبثاً. فالحكومة لديها الحق فى توجيه الأموال المدفوعة من قبل دافعى الضرائب فى أوكرانيا لاحتياجات مواطنيها وعدم العودة لقروض نظام يانوكوفيتش المختلس.
وليس لكل حكومة أن ترث ديون سابقتها. فقد وضعت الأمم المتحدة عام 2007 الخطوط العريضة لرفض سداد الديون البغيضة.
وبدأ التنفيذ برفض الولايات المتحدة الالتزام بديون كوبا عندما تنازلت اسبانيا عن السيادة فى عام 1898، بحجة أن الأموال المدفوعة تم استخدام جزء منها لقمع الانتفاضات الشعبية، ولم يتم سداد الديون نهائياً.
وحاول مناصرو الديون البغيضة إقناع نيلسون مانديلا، برفض ديون جنوب أفريقيا وقت الفصل العنصري، وطلبوا من الولايات المتحدة شطب ديون العراق عام 2003، على الرغم من أن بغداد منحت حق تخفيف عبء الديون.
وبالنسبة لأوكرانيا الوقت ينفد، فكييف، فى محاولة لإعادة هيكلة نحو 23 مليار دولار من الديون، ودون التوصل لاتفاق بحلول الشهر القادم فإنها تخاطر بفقدان الشريحة التالية من تمويل صندوق النقد الدولي. حيث يكون التعثر هو الخيار الوحيد المتبقى لديها.






