بقلم: إسوار براساد
يبدو أن الرينيمبى فى طريقه بلا هوادة نحو التحول إلى عملة عالمية، فهو يستخدم بالفعل على نطاق واسع فى التجارة الدولية والتحويلات المالية، وتريد الآن الصين من صندوق النقد الدولى اعتبار الرينيمبى عملة احتياطية رسمية من خلال إدراجه فى المجموعة الحصرية التى تشكل وحدة حساباتها، المعروفة باسم حقوق السحب الخاصة، وتتضمن هذه المجموعة الدولار واليورو والين والجنيه الاسترلينى.
وهناك أسباب منطقية للترحيب بظهور الرينيمبى كعملة احتياطية، إذ يرتبط مساره ارتباطاً وثيقاً بالعمليات المصرفية، وغيرها من الإصلاحات التى ستجعل الاقتصاد الصينى أكثر صداقة للسوق، ويعد هذا الأمر مهماً لتأسيس مسار للنمو أكثر توازناً وأقل خطورة، وأقل اعتماداً على الاستثمار وقادراً على توفير المزيد من فرص العمل والحد من التدهور البيئى.
وأثار الإصلاحيون الاقتصاديون فى الصين تأييد الرأى العام بأن القوة الاقتصادية العظيمة ينبغى أن تكون موطناً لعملة دولية مهمة، ولكى يحدث هذا يجب أن تقوم البلاد بسلسلة من الإصلاحات المحلية، فبكين فى حاجة إلى نظام مصرفى أفضل وأكثر ضبطاً، ومجموعة واسعة من الأسواق المالية بما فى ذلك مشتقات العملة، وتقليل القيود على تدفقات رأس المال داخل وخارج الاقتصاد، وسعر صرف أكثر مرونة.
وستسمح هذه الإصلاحات بتخصيص المدخرات المحلية على نحو أكثر كفاءة للقطاعات التى يمكن أن ترفع معدلات التوظيف ونمو الإنتاجية، وسيمنح النظام المالى الأفضل الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، ولاسيما تلك التى تعمل فى قطاع الخدمات، مزيداً من فرص الحصول على ائتمان، والسماح بتحرير التدفقات الرأسمالية بمنح الأسر بالفعل فرصاً لتنويع مدخراتهم وضمان عائدات أفضل.
ولكن هناك معارضة سياسية قوية لهذه الإصلاحات، التى تشكل تحدياً لامتيازات المصالح الشخصية القوية، وللتغلب على هذه المناهضة، أطلقت الحكومة مناشدات متصاعدة بجعل الرينيمبى عملة عالمية، وتمضى الآن قدماً فى إصلاحاتها، ولنأخذ مثالاً محدداً: تعهد بنك الشعب الصينى بالالتزام بالقضاء على سقف أسعار الفائدة على الودائع البنكية العام الجارى، وهذا الأمر من شأنه أن يجبر البنوك على التنافس على الودائع، وهو ما يمنح الأسر عائدات أفضل على مدخراتهم، وقاومت البنوك الكبرى هذا الأمر خوفاً من منافسة البنوك الأصغر، وقاوم البنك المركزى هذه المعارضة مشيراً إلى أن الصين فى حاجة إلى أسعار فائدة تحددها الأسواق حتى يصبح الرينيمبى عملة احتياطية.
وأدرك الإصلاحيون فى الصين أن أهمية الرينيمبى فى التمويل العالمى هو نعمة ونقمة على حد سواء، فقد يصبح من الصعب التحكم فى قيمة العملة، ولكن الاعتراف بها رسمياً كعملة احتياطية سيكون بمثابة توثيق مهم لمساعى الإصلاح.
ومن جانبهم، يتعين على الحكومة الأمريكية وغيرها الترحيب بصعود الرينيمبي، وحساب رأس المال الأكثر انفتاحاً يجعل من الصعب على البنك المركزى إدارة أو «التلاعب» بقيمة العملة، الأمر الذى يتصدى لمخاوف الولايات المتحدة بأن تتمتع الصادرات الصينية بمزايا غير عادلة جراء انخفاض قيمة العملة، وسوف تعنى زيادة الطلب على العملة ارتفاع سعر الصرف، وهو ما يجعل استيراد البضائع أقل تكلفة بالنسبة للمستهلكين الصينين ويعطى دفعة للمصدرين الأجانب.
وانفتاح الأسواق المالية فى الصين قد يخلق فرصاً للشركات الأجنبية، بدءاً من البنوك حتى شركات التأمين، ومع سعر صرف أكثر مرونة، لن تراكم الصين احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبى، وهو ما يحد من مساهمتها فى اختلالات الحساب الجارى العالمية.
ويعد تصديق صندوق النقد الدولى على تحويل الرينيمبى إلى عملة احتياطية أمراً جيداً، ولكن فى نهاية المطاف تعد قوى السوق هى التى ستقود تبنى الرينيمبى كعملة احتياطية، فإذا رأى المستثمرون الأجانب، بما فى ذلك البنوك المركزية، الرينيمبى كعملة احتياطية تستحق الاقتناء فلن يترددوا فى اقتنائها، وسيكون تحول الرينيمبى إلى عملة عالمية بمثابة قوة بناءة بالنسبة للتغير فى الصين والنظام النقدى الدولى، ويجب احتضان هذا الأمر.
المصدر: فاينانشيال تايمز
إعداد: نهى مكرم
