غياب قواعد مستقلة للصيرفة الإسلامية يحد من قدرتها على منافسة البنوك التقليدية
على الرغم من قدم التمويل الإسلامى، فإن مصر تأخرت كثيراً عن تفعيل مثل هذا النوع من التمويل، فى الوقت الذى بدأت دول غير مسلمة فى التنافس على جذب الاستثمارات الإسلامية من خلال الصكوك وأدوات الدين المطابقة للشريعة الإسلامية، من بينها جنوب أفريقيا والمملكة المتحدة، وذلك بحسب ما ذكره عثمان هيات، عضو مجلس إدارة (CFA) لندن.
وأضاف لـ”البورصة”، أن التحديات التى تواجه التمويل الإسلامى فى مصر تتمثل فى صعوبة التطبيق العملى للأدوات المالية الإسلامية دون الخلط بينها وبين أدوات التمويل التقليدية، فضلاً عن نقص التشريعات أبرز التحديات التى تعوق انتشار التمويل الإسلامى فى مصر.
أشار “هيات” إلى الطريقة التى تتعامل بها البنوك التجارية، حيث تقترض من المودعين بفائدة، وبعد ذلك تقرض تلك المبالغ إلى المستثمرين أصحاب المشاريع بسعر فائدة أيضاً، فيما يجب أن تكون البنوك الاسلامية مختلفة من خلال المشاركة فى الأرباح والخسائر، ولكن ما يحدث فى معظم الدول مخالف لمبادئ الشريعة، فى ظل منع البنوك المركزية مشاركة المودعين فى الخسائر والأرباح.
أضاف أن نقص الوعى بوجود أدوات مالية فعالة ومرنة يعد عائقاً آخر أمام انتشاره، فضلاً عن صغر حجم التمويلات التى من الممكن أن يوفرها التمويل الاسلامى، ما يجعله صالحاً أكثر للشركات والمشروعات المتوسطة والصغيرة، والتى تعد فى الوقت ذاته أكبر مميزاته، حيث يرى “هيات” أن التمويل الإسلامى يستطيع القضاء على الفجوة التمويلية الموجود بأى اقتصاد، فضلاً عن كفاءته فى تمويل المشروعات كثيفة العمالة، وتشجيعه للعديد من الافراد للدخول فى الاقتصاد الرسمى، ما يعود بالنفع على موارد الدولة ومعدلات النمو بها.
وأكد “هيات”، أن 80% من أصول التمويل الإسلامى فى العالم موجودة بالعالم العربي، خاصةً فى ظل زيادة الطلب على هذه الأدوات، ملمحاً إلى أن قبول البنوك المركزية وضع قواعد تسمح بمشاركة الربح والخسائر سيجعل الوضع مختلفاً. وقال هيات، إن دور البنوك الاسلامية ما زال ضعيفاً حتى وقتنا هذا، حيث تبحث عن عقود تتوافق مع الشريعة الإسلامية مثل المرابحة أو الإيجارة أو المضاربة ومحاولة رؤية كيفية تحويل العقود لتتوافق مع الشريعة، ومحاولة البحث عن الشرائح الراغبة فى التعامل مع هذا النوع.
أضاف أن غياب قواعد مستقلة للصيرفة الاسلامية يدفع تلك البنوك إلى استخدم نفس الادوات التى تستخدمها البنوك التقليدية فى توظيف أموال المودعين عبر الاستثمار فى السندات المحلية والتى لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أنها ليست مشكلة محلية فقط، ولكن معظم البنوك الاسلامية لديها أموال لا تعرف كيف توظفها بطريقة تتوافق مع الشريعة، “وأظن أن ما يحدث هو أن البنك الإسلامى لديه أنواع مختلفة من الحسابات والأموال وليس لديه من الأسهم والسندات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لاستثمار تلك الأموال بها، ما يضعف من معدلات العائد على استثمار هذه الأموال مقابل البنوك التجارية”.
انتقل “هيات” إلى عجز البنوك التجارية فى القيام بوظيفتها الرئيسية فى تمويل القطاع الصناعى والعائلى، وبالتالى نمو القطاعات الاقتصادية، وتكتفى بإقراض الحكومة من خلال أذون وسندات الخزانة فى ظل العوائد المرتفعة فى مصر والتى تصل قرابة 10% على الإقراض، ما يعمل على زيادة معدلات التضخم بشكل متكرر فى نقص قدرات الاقتصاد على توليد السلع والخدمات واستيراد معظمها.
اكد هيات أهمية دور البنوك الأسلامية فى تمويل المشروعات، والتى هى أساس عملها سواء كانت حكومية أو خاصة، والذى ما زال ضعيفاً جداً إلى الآن، حيث يبلغ حجم التمويل الإسلامى فى مصر بين 6% و9%.
ويرى أن له شقين الأول إيجابى نتيجة المشاركة الاقتصادية والآخر سلبى خاصة فى ظل رغبة الكثير من الافراد وضع اموالهم فى البنوك الاسلامية، ولو بعوائد أقل من البنوك التقليدية بسبب توافقه مع الشريعة والذى يمثل تحدياً أمام البنوك الاسلامية فى الدول غير المسلمة مثل المملكة المتحدة، ما يجعلها عرضة للانتقاد بسبب تقبل المودعين عوائد أقل بشرط مطابقة الشريعة.
أضاف، “إذا نظرت الى الصكوك عالمياً فستجد ان اغلب الدول النشطة فى هذا السوق هى ماليزيا والتى تستحوذ على نحو 35% من اصدارات الصكوك عالمياً خلال عام 2014، ولكن بدأت دول جديدة فى المنافسة فى هذا السوق، مثل المملكة المتحدة، وجنوب افريقيا و لوكسمبرج”، متسائلاً لماذا لم تحصل مصر هى الأخرى على حصة من هذا السوق، خاصةً أن بعض الدول ترتب لإصدار صكوك سيادية خلال الفترة المقبلة.
وقال إنه على الرغم من نمو الصكوك بمعدلات مرتفعة إلا أن حجمها ما زال صغيراً ولا يمكنها وحدها تمويل المشروعات العملاقة التى أعلنت عنها مصر مؤخراً، ولكن البداية قد تؤدى لنمو هذا النوع من الأدوات المالية.
أضاف أنه خلال العام الماضى نمت التمويلات الاسلامية بشكل كبير لتصل إلى 2 تريليون دولار، إلا أنها ما زالت تمثل نحو 2% فقط من إجمالى عمليات التمويل فى العالم.