الحكومة تطلق مشروع إعالة 25 مليون فقير مقابل الالتزام بتعليم الأبناء
قبيل أيام من تتويج محمد بخاري رئيساً لنيجيريا، أخذ البعض يمزحون قائلين إن وزير المالية الجديد سيجد رسالة على مكتبه محتواها: “للأسف، لا يوجد أي نقود متبقية”، نظراً لأن انخفاض أسعار البترول وتبذير حكومة جوناثان السابقة أضرت الموارد المالية في البلاد ضرراً بالغاً.
ويشكل البترول نحو عشر الناتج المحلي الإجمالي، ولكنه يشكل نحو 70% من إيرادات الحكومة، ويقول المسئولون إن مساهمته تصل إلى 85%، بإضافة الضرائب غير المباشرة، وعندما كانت أسعار البترول مرتفعة، كان يجب أن تتمتع البلاد بوفرة في النقدية والادخار أيضاً تحسباً للأوقات العصيبة، ولكن خلال العامين الماضيين أنفقت الحكومة في الوقت الذي كان يتعين عليها الادخار.
ويحاول مسئولو الحكومة الآن سد الفجوة في المالية العامة التي أثارها انهيار أسعار البترول.
ومن المتوقع أن تتراجع قيمة صادرات البترول في نيجيريا من 88 مليار دولار في عام 2014 إلى ما يقرب من 52 مليار دولار العام الجاري، وستنخفض عائدات الحكومة بنحو 40%، فضلاً عن انخفاض الإنفاق بشكل كبير، ومن المتوقع أن يتباطأ النمو إلى نحو 4.5% العام الجاري، وهو ما يعد تراجعاً من متوسط معدل النمو خلال العقد الماضي البالغ 7%.
ومن المرجح أن يتراجع الإنفاق الرأسمالي للحكومة بما يزيد على النصف، الأمر الذي من شأنه أن يوقف عمليات بناء الطرق والجسور والسكك الجديدة التي تشتد الحاجة إليها.
وتفاقمت تلك الصعوبات من خلال الوضع المالي القاتم للولايات في نيحيريا، ويعتقد بعض المحللين أن أكثر من نصف الولايات مفلسة، ولم يدفع العديد منها رواتب موظفي الخدمة المدنية لما يزيد على ثلاثة أشهر، ويهدد أيضا انخفاض أسعار البترول قطاعات الاقتصاد الأخرى، إذ بات الانفاق الاستهلاكي يعاني ركوداً، وتواجه البنوك موجة من القروض المعدومة من قبل شركات البترول النيجيرية التي اشترت حقول بترول عندما كانت أسعار البترول مرتفعة وتناضل الآن من أجل سداد تلك القروض، وباختصار تواجه نيجيريا خطر تكرار نمط التقلبات الحادة في النمو الناجمة عن تقلبات أسعار البترول.
وبغض النظر عن مواجهة الحكومة النيجيرية لأزمة سيولة فورية، ستجد الحكومة صعوبة في تمويل برامجها الجديدة التي تأمل في تقديمها، إذ يخطط بخاري لبرنامج طموح يهدف إلى الحد من الفقر المدقع، ويتضمن هذا البرنامج مخططاً لتوفير منح اجتماعية مشروطة لخمسة وعشرين مليون فقير في الدولة، ومن ضمن شروط هذه المنح قيام العائلات بتسجيل أبنائهم في المدارس وتطعيمهم، وستبلغ تكلفة هذه المنح 1.25 تريليون نايرا سنوياً، أي ما يعادل 6.3 مليار دولار، وتعد الحكومة الجديدة في حاجة ماسة إلى إصلاح النظام الضريبي الذي يجمع عائدات أقل من الشركات عن الدول النامية الأخرى.
ورغم كل هذه الويلات التي تعانيها نيجيريا، حقق الاقتصاد خطوات هائلة في فطام نفسه عن البترول في السنوات الأخيرة، ويأتي حالياً نصف الناتج الاقتصادي تقريباً من الخدمات، ورغم انخفاض قيمة النايرا مقابل الدولار، لم تتضخم أسعار المواد الغذائية كما يحدث عادة عند ضعف قيمة العملة، وذلك لأن نيجيريا زادت إنتاجها من الأغذية ازدياداً كبيراً على مدى السنوات القليلة الماضية، وتعتقد وزارة المالية أن واردات الغذاء انخفضت ما بين عامي 2009 و2013 بنحو 2 مليار دولار.
وذكرت مجلة الإيكونمست في تقرير لها أن قطاع التصنيع يشكل الآن حصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي مثل البترول، كما يعد الاستثمار في القطاع الزراعي واعداً في البلاد، فالشركات مثل “نستله” تسعى لشراء موادها الخام من نيجيريا بما في ذلك النشا المصنوعة من الكسافا.
وتتوقع شركة ماكينزي لاستشارات الأعمال أن تستطيع نيجيريا بسهولة مضاعفة إنتاجها الزراعي خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة من خلال استحداث بعض الإصلاحات البسيطة.






