الصراعات في المنطقة وراء فقدان الشركات العالمية الرغبة في الاستثمار
عادة ما يتجاهل رسل العولمة الشرق الأوسط، فالمنطقة لديها موهبة غير عادية فى تخييب الآمال، فمن المفترض أن تنتج الأسواق الناشئة فرصاً كافية لمعالجة الصداع من معوّقات النمو، ولكن في منطقة الشرق الأوسط غالباً الصداع لا يقاوم.
وترى مجلة الإيكونوميست أن المنطقة لديها فرص واعدة بالتأكيد، فالامدادات الوفيرة من البترول والغاز تجعلها جذابة للغاية للصناعات الأساسية مثل البتروكيماويات.
وأضافت أن الحكومات خصوصاً في الخليج، تبذل جهوداً لجذب الشركات الأجنبية، وذلك كجزء من حملة تنويع اقتصاداتها بعيداً عن البترول.
وتسعى دول الخليج لتحسين مواقعها في مؤشر البنك الدولي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال، ولذلك افتتحت المملكة العربية السعودية سوق الأسهم للمستثمرين من المؤسسات الأجنبية.
وتعتبر منطقة الشرق الأوسط سوقاً واعداً للشركات الاستهلاكية بسبب آفاق النمو، وتزايد أعداد السكان، ومع ذلك، فإن المشاكل مرعبة، جرّاء المخاطر السياسية فتداعيات الأزمة فى بلدان بأكملها مثل سوريا والعراق تدفع المستثمرين للخروج من المنطقة.
وأوضحت الجريدة أن دول الشرق الأوسط تحتوى على مشاكل الأسواق الناشئة، مثل ضعف المؤسسات وضعف البنية التحتية، وأكثر من ذلك.
وتعوّض غيرها من البلدان النامية عن أوجه القصور باليد العاملة الرخيصة، ولكن الدخل في الخليج، على سبيل المثال، من بين أعلى المعدلات في العالم، وتعتمد تلك الدول على المهاجرين الآسيويين للقيام بمعظم الأعمال الأساسية.
ويستوجب على الشركات الأجنبية في كثير من الأحيان توظيف نسبة من السكان المحليين بأجور مكلفة.
بالإضافة إلى ذلك لديهم حقل ألغام من التوترات العرقية والدينية، وتقوم إدارة مؤسسة كبيرة فى لبنان على التفرقة بين السنة والشيعة وليس الأداء القوى فى العمل.
ومن المرجح أن يتعزز عدم الاستقرار الاجتماعي من الطفرة الاستهلاكية فى المنطقة. فمصر أكبر بلد من حيث عدد السكان بنحو 85 مليون مواطن، حصلت على بعض الاستثمارات الأجنبية، لكنها لا تزال واحدة من أفقر سكان المنطقة.
ويتم تقسيم الشرق الأوسط إلى تجمعات معادية للطرفين، فدول الخليج التي يهيمن عليها المذهب السنى ليست لها تعاملات كبيرة مع إيران الشيعية، ولا يوجد اتفاق تجارة إقليمي، الأمر الذى يجعل المنطقة سوقاً أكثر تفتتاً من جنوب شرق آسيا.
وتواجه الشركات الغربية خطراً متزايداً من رد الفعل السلبي من سلوكها في الشرق الأوسط، وتضيق حكومات بلدانهم الخناق على ممارسات الفساد، على سبيل المثال تفرض أمريكا المزيد من الغرامات بموجب قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة، وتعزز بريطانيا قانون الرشوة.
ولكن فى الشرق الأوسط يمكن أن يكون من الصعب مواجهة متطلبات هذه القوانين مع التقاليد الشرق أوسطية، من الاتفاق على صفقات غير رسمية، ودفع عمولات للوسطاء. فحتى الوقت الراهن تتعامل الشركات الأجنبية بهذه الممارسات الخاطئة لإنجاز الأعمال باستخدام شركاء محليين.
ومن المفترض أن تمثل العولمة انتصاراً لمنطق الرأسمالية الغربية. ولكن في الشرق الأوسط إرث التاريخ ينتصر على منطق الرأسمالية. حتى فى الحكومات التى تحاول تسهيل القيام بأعمال تجارية في المنطقة، والتربح من العولمة، مثل دبي، فإن تجدد الصراعات السياسية والأهواء الأيديولوجية يجبر الشركات العالمية على التفكير مرتين قبل الاستثمار هناك.