بقلم: آلان جيه كوبرمان
تتمثل الحجة الرئيسية للرئيس باراك أوباما في الدفاع عن الاتفاق النووي الحالي مع إيران، فى أنها سوف تمد الوقت المطلوب لتخصيب اليورانيوم بدرجة كافية لصنع قنبلة نووية، وفي حوار له مع الإذاعة الوطنية مؤخراً، قال إن هذا الوقت يتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، وفقاً للتقديرات الاستخباراتية.
ومن ناحية أخرى، ادعى أوباما أن الاتفاق الجاري إبرامه سوف يقلص حجم برنامج إيران النووي، لذا إذا أرادت إيران في وقت لاحق خرق الاتفاق، وطرد جميع المفتشين، وكسر القيود والتحرك نحو قنبلة نووية، فسوف يكون أمامنا أكثر من عام للاستجابة.
وللأسف فإن هذا الادعاء خاطئ، حسبما يمكن توضيحه بأبسط العلوم والرياضيات، فوفقاً لحساباتي، سيكون الوقت الذي تحتاجه إيران لصنع قنبلة نووية تحت مظلة الاتفاق هو ثلاثة أشهر، وليس أكثر من عام، وبالتالي من غير المرجح أن يحسن الاتفاق قدرة العالم على الاستجابة لمسعي إيران المفاجئ لصنع قنبلة نووية.
ويتم تحديد وقت تخصيب اليورانيوم بدرجة كافية وفقاً لثلاثة عوامل أساسية: عدد وأنواع أجهزة الطرد المركزية، وتخصيب المادة الأولية، وكمية اليورانيوم المخصبة الضرورية لصنع قنبلة نووية، ويبدو أن أوباما يفترض افتراضات وردية بشأن الثلاثة.
والأهم من ذلك، أن الرئيس يفترض أنه في حالة محاولة إيران علناً صنع قنبلة نووية، فإنها سوف تستخدم أجهزة الطرد المسموح لها بالاحتفاظ بها بموجب الاتفاق وعددها 5060 جهازاً، وليس الـ14 ألف جهاز الإضافية التي سيسمح لها بالاحتفاظ بهم كقطع غيار، ومثل هذا الافتراض مثير للضحك، لأن في عالم التخصيب الحقيقي سوف تسابق إيران ولن تزحف لصنع قنبلة.
ولن تحتاج الأجهزة الإضافية سوى التوصيل والمعايرة مع الأجهزة التي تعمل بالفعل، وفي هذه الحالة، سوف تصل قدرة إيران على التخصيب إلى ثلاثة أضعاف ما يفترضه أوباما، وهذا العيب يمكن معالجته من خلال تعديل الاتفاق ومطالبة إيران بتدمير أو تصدير أجهزة الطرد الإضافية، ولكن إيران سوف ترفض ذلك.
ثانياً، سوف يسمح الاتفاق لإيران بالاحتفاظ بكمية قليلة من اليورانيوم المخصب في الصورة الغازية لاستخدامه في أجهزة الطرد المركزي، ويفترض أوباما أن الانطلاق نحو قنبلة سوف يبدأ على الأغلب من اليورانيوم غير المخصب، مما سيجعل الوقت المطلوب لتخصيب اليورانيوم بدرجة كافية أطول، ولكن على ما يبدو يسمح الاتفاق أيضاً لإيران بالاحتفاظ بكميات كبيرة من اليورانيوم المخصب في الصورة الصلبة، والذي يمكن تحويله للصورة الغازية خلال أسابيع، وبالتالي تقديم بداية قوية لإنتاج يورانيوم مخصب بدرجة كافية لصنع قنبلة.
ثالثاً، يفترض أوباما أن إيران تحتاج إلى 59 رطلاً من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة ذرية، وفي الواقع، يمكن تصنيع قنبلة ذرية من كميات أقل بكثير من اليورانيوم (حيث يقول الخبراء إن كوريا الشمالية تفعل ذلك في ترسانتها البدائية)، وأظهرت دراسة أجراها مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية في 1995، أن الأسلحة النووية المصنعة “بإمكانيات تقنية منخفضة” يمكن أن تنتج انفجاراً يقارب في قوته قنبلة هيروشيما باستخدام 29 رطلاً فقط من اليورانيوم عالي التخصيب.
واستناداً إلى هذه الافتراضات الواقعية، سوف يكون الوقت المطلوب لتخصيب اليورانيوم بدرجة عالية بموجب الاتفاق الجاري العمل عليه هو ثلاثة أشهر، بينما الوقت المطلوب حالياً يقل قليلاً عن شهرين، إذن، سيمد الاتفاق الوقت المطلوب لصنع قنبلة بأكثر قليلاً من شهر، وهو فرق في الوقت أقل من أن يكون له أهمية، وبالتالي أصبحت الحجة الرئيسية لأوباما غير ذات قيمة تماماً.
وعلى النقيض، ستحصل إيران على مكسب كبير، فسوف يرفع الاتفاق العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي، ما سيضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد الإيراني سنوياً، وعلاوة على ذلك، سوف يفرج الاتفاق عن الأصول الإيرانية المجمدة، التي يقال إنها سوف تعطي إيران ما بين 30 إلى 50 مليار دولار كـ”مكافأة توقيع”.
ولإغداق إيران بالمكافآت لقيامها بتنازلات وهمية، عواقب وخيمة، فهو سيرسخ أكثر حكم الملالي، الذين سينسبون الفضل في انتعاش الاقتصاد لأنفسهم، كما أن الموارد الإضافية سوف تسمح لإيران بمضاعفة الخراب الذي ترعاه في الدول المجاورة في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن.
والأسوأ من ذلك، أن رفع العقوبات سوف يسهل التوسيع الضخم للبرنامج النووي، وقال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، إنه يريد صنع 190 ألف جهاز طرد مركزي فى النهاية، أي 10 أضعاف العدد الحالي، وهو ما سيكون مسموحاً به بموجب العقد بعد 10 سنوات، وهذه القدرة الهائلة على التخصيب سوف تقلص الوقت المطلوب لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب لمجرد أيام، وبالتالي، يمكن أن تنتج إيران يورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلة قبل أن نعلم حتى أنها تحاول، ما يبدد أي أمل باتخاذ فعل رادع.
ولا يوجد شيء في الاتفاق الحالي يستحق تحمل هذه المخاطر، وإذا لم يستخلص الرئيس المزيد من التنازلات على طاولة المفاوضات، فلن يرفع الكونجرس العقوبات، ما سيعرقل تنفيذ الاتفاق الذي من شأنه توفير مليارات الدولارات لإيران الساعية لصنع قنبلة نووية وللهيمنة الإقليمية.
المصدر: صحيفة “نيويورك تايمز”