الدولار يصعد بقوة أمام سلة العملات الكبرى
تشهد الأسواق العالمية خلال العقدين الأخيرين حرب عملات بين الدول المصدرة التى تسعى لجعل سلعها رخيصة من خلال التلاعب بخفض قيمة العملة.
بيد أن العملة الرخيصة باتت مصدر ضرر للصادرات العالمية، أحد أهم محركات التجارة العالمية بحسب دراسة نشرتها مؤسسة جلوبال ريسك انسيت.
ووفقاً لبيانات جديدة من البنك المركزى الأوروبي، وخلافاً للاعتقاد الشائع، ضعف العملات لا يؤدى لزيادة الصادرات، حيث يفشل العديد من الشركات فى التفاعل فى الوقت المناسب للاستفادة من تقلبات أسعار العملات، لكن العملات القوية أكثر من اللازم تضر أيضاً المصدرين، لكن الأكثر ضرراً هو تدخلات الساسة فى أسعار صرف العملات وأسعار الفائدة جوهر سوق تداول العملات.
فمثلاً تسبب صعود الدولار بقوة خلال العام الماضى فى تقليل تكلفة الاستهلاك للأمريكيين والشركات عندء شراء السلع من مختلف أنحاء العالم، وساهم ذلك فى دعم صادرات دول أخرى مثل الصين، وباقى دول أمريكا الشمالية واليابان.
واكتشفت تقارير البنك المركزى الأوروبى أن العملات الضعيفة لا تحقق زيادة فى الصادرات؛ بسبب عدم قدرة الشركات على زيادة الإنتاج بسرعة كافية للاستفادة من التغييرات بأى طريقة مجدية.
فبالإضافة إلى خيبة الأمل للبلدان التى تحاول تعويض بعض خسائرها خلال الانتعاش البطيء للنمو، فالاقتصادات التى تتمتع بتوزيع على نطاق أوسع لإنتاج شركاتها لديها نتائج فقيرة، بغض النظر عن اتجاه تقلبات العملة.
ويعتقد أن الشركات منخفضة الإنتاجية، لا يمكنها زيادة الإنتاج بسرعة كافية للاستفادة من التغيرات فى أسعار الصرف خصوصاً عند تراجع سعر الصرف.
وإذا نظرنا إلى الشركات الأمريكية، فإن الدولار عملتهم الرئيسية قفز أمام سلة عملات رئيسية، من 82.7 نقطة فى بداية الربع الرابع من عام 2014 إلى ذروته عند 100.3 نقطة بعد نهاية الربع الأول من عام 2015.
وقد اقترنت هذه القفزة بحزمة تحذيرات من تراجع أرباح الشركات ذات النشاط الدولي.
وانخفض مؤشر الدولار الآن، قليلاً، على الرغم من أنه لا يزال أعلى بكثير من معظم فترات عام 2014. وفى مرحلة ما فى المستقبل القريب، فإن الضغط من ثبات أسعار الصرف سوف يتحول إلى الضغط السياسى على الكونجرس وإدارة أوباما، وبنك الاحتياطى الفيدرالى للقيام بشيء ما، بيد أن أدواتهم ضعيفة إلى حد ما.
يحاول السياسيون العبث بأسعار الصرف وموازين الحسابات الجارية، وهو إجراء عادة ما يضر أكثر مما ينفع، ما لم تتوقف أعمالهم عند مجرد الخطابات الحماسية.
فمن الممكن لمجلس محافظى البنك الاحتياطى الفيدرالى، أن يؤجل ما ذاع بين الناس أنه بصدد زيادة سعر الفائدة الأساسى، ولكنه من غير المحتمل أن يفعل ذلك إذا كان التضخم وفرص العمل سيستمران فى الصعود بثبات نحو أهدافهما المتوقعة.
وإذا نظرنا إلى اليونان، حيث انتشرت مطالبات منذ 2012 بخروج أثينا من منطقة اليورو، والعودة لعملة الدراخمة التاريخية اليونانية بهدف إيجاد سعر صرف منخفض يحرك الصادرات ويجذب السائحين ويجعل الاقتصاد أكثر تنافسية بعد أن تخطت نسبة الديون الـ%120 من الناتج المحلى الإجمالي.
ولئن كان ذلك صحيحاً بالنسبة للسياحة اليونانية، فإن تحقيق الاستفادة من السياسة النقدية للوصول إلى استقرار اقتصادها لن يمتد إلى قاعدتها التصديرية الضعيفة.
يمكن الاعتماد على السياحة والإنفاق الحكومى فى اليونان، لكن الصادرات لن تنمو فى ظل العملة المنخفضة أيضاً نظراً لضعف سوق العمل أو تراجع إنتاجية الشركات أصلاً التى تعانى من ارتفاع الديون سواء شركات عامة أو خاصة.