الشركات تفضل التمويل بالديون للحفاظ على نسبة الملكية والتكلفة الأقل
لابد من إعادة النظر فى إجراءات القيد والبعد عن هدف استيفاء الأوراق فقط
مصر تستفيد من تراجع أسعار النفط بتخفيض الدعم وتقليص عجز الموازنة
تنتهى شركة “إتش سي” للأوراق المالية من تنفيذ صفقتين بقطاعى الأدوية والأغذية خلال الربع الأخير من العام الحالى، فيما انتهت من تنفيذ عمليتى استحواذ “تريكويرا” على 27% من أسهم مينا فارم للأدوية و15% من أسهم “مينا فارم بروبيوجين” فى أبريل الماضى بقيمة 168 مليون جنيه.
وفى شهر يونيو تم تنفيذ زيادة رأسمال “الشرق الأوسط لصناعة الزجاج” المقيدة فى البورصة بقيمة 205 ملايين جنيه من خلال إصدار عدد 1.03 مليون سهم بالقيمة العادلة لصالح صندوق جلف كابيتال الإماراتى.
من ناحية أخرى، قال محمود سليم، مدير بنوك الاستثمار بشركة “إتش سي” للأوراق المالية” إن البنوك تعد الأفضل فى تمويل المشروعات بالنسبة للشركات، فغالباً ما تلجأ كثير من الشركات لأدوات الدين حتى يستطيع المساهمين الحفاظ على نسب ملكياتهم بالشركة، بينما يضطروا لتخفيض حصتهم بلجوئهم للتمويل عن طريق أدوات رأس المال، فضلا عن الاتجاه للتمويل عن طريق زيادة رؤوس الأموال مكلف.
قال محمود سليم مدير بنوك الاستثمار بشركة “إتش سي” للأوراق المالية فى حواره لجريدة البورصة، إن طرق التمويل بالنسبة للشركات تتعدد ما بين أدوات الدين وأهمها البنوك، والتى لديها سيولة عالية جداً، خاصة بالجنيه المصرى، وادوات رأس المال والتى تأتى عن طريق عملية زيادة رؤوس الأموال بالنسبة للشركات المقيدة بالبورصة واصدار أسهم جديدة أما بالنسبة للشركات غير المقيدة يأتى التمويل عن طريق الاستثمار المباشر.
لكن نجاح الشركات لن يتم إلا بتحقق التوازن بين هيكلها التمويلى بالاعتماد على أدوات الدين ورأس المال معاً على حسب نشاط الشركة والتدفقات النقدية ونوع الصناعة، مُشيراً أن تكلفة التمويل من البنوك أرخص من تكلفة رأس المال، ويرجع ذلك لأن العائد المطلوب على رأس المال من المستثمر أعلى من العائد المطلوب من البنوك، حيث إن البنوك تستطيع التمويل مقابل فائدة تتراوح بين 11 و14%، لكن حينما تلجأ الشركة لأدوات رأس المال يجب أن يتطلع لعائد أعلى من نسبة فائدة الاقتراض.
لذا فلا بد ان تعتمد الشركات على الدين حتى تصل لسقف مُحدد، والذى يقيم حسب الصناعة والتدفقات النقدية وشروط الدين وفترة سداده، ثم تبدأ بزيادة رأس المال حتى يقل معدل الدين بالنسبة لرأسمال الشركة ككل، وتستطيع الاقتراض من البنوك مرة اخرى حتى تقارب سقف الدين مرة أخرى.
كما لفت الى ضرورة وضع تصور لتطوير أو بيع القطاع العام وتسييل الأصول غير المستفاد منها.
وقال سليم ان القطاع الخاص يواجه عقبات تحدد مصير الشركات تتمثل فى أزمة الطاقة وعدم وضوح السياسة الضريبية ونقص العمالة المدربة وتغير سياسات الاستيراد والتصدير، كما يواجه القطاع الخاص “بيروقراطية الدولة” والتى تعمل على نقص المشاريع الاستثمارية المزمع انشاؤها.
وفى سياق متصل، أوضح أن أزمة السيولة الدولارية بمصر بسبب قلة الموارد بالدولار للقطاع المصرفى والدولة، والذى أظهر تراجع الاحتياطى الدولارى من 36 مليار دولار بمطلع 2011، إلى أقل من 20 مليار دولار، نتيجة تقلص السياحة وقلة التصدير وانخفاض التدفقات من الاستثمارات الأجنبية، لافتاً إلى أن القيود المفروضة من البنك المركزى لمحاولة التغلب على الأزمة، أدت فى النهاية لزيادتها بشكل كبير.
فيما توقع مدير بنوك الاستثمار بشركة “إتش سي” تراجع حجم استثمارات الشركات المعتمدة على البترول بدول الخليج، خاصة أن أزمة النفط وتغير سعر البترول كأى سلعة اثر بشكل مباشر على بعض الدول الخليجية لاعتباره المورد الأساسى لهم، مما ادى لتراجع دخلهم، وتقلص الفائض المتاح للاستثمار سواء من الصناديق السيادية أو الشركات المعتمدة فى صناعتها على مشتقات البترول، ليؤثر فى النهاية على خطط الدول الاستثمارية لتراجع الفائض الموجه للاستثمارات والتوسعات على الجانب المحلى.
على الجانب الآخر استفادت مصر من تراجع أسعار النفط خاصة واننا دولة مستهلكة للنفط، بالإضافة الى انخفاض بند الدعم الخاص باستيراد المشتقات البترولية بالميزانية، ما سيعود على الحكومة بالنفع عن طريق توجيه الفائض من فرق الدعم لاستثمارات أخرى أو استخدامه فى تخفيض عجز الموازنة بالعام القادم.
فى حين يرى سليم، أن مصر لن تتأثر بأزمة الصين العالمية والتى جاءت على أثر تخفيض عملتها “اليوان” بعد تباطؤ معدلات النمو، خاصة أن الميزان التجارى بين مصر والصين يأتى لصالح الصين بعد تصدير 20 ضعف ما تستورده من مصر، بالإضافة الى أن أى تغير فى سعر اليوان من المفترض أن يؤثر على حجم الاستيراد والتصدير، فهناك فرق شاسع بين الميزان التجارى والمصرى والصينى، بالإضافة لقيام الصين بتغطية السوق المصرى بمنتجاتها بطرق مشروعة وغير مشروعة وامتيازها بأفضلية الأسعار بالعالم.
وتوقع عدم تأثر حجم الاستيراد والتصدير بالأزمة، كذلك يرى تأثيرها السلبى على أسواق المال اذا تحولت المشكلة لأزمة اقتصادية عالمية، مما يدفع المستثمرين الصينيين لبيع أسهمهم والتركيز على الشراء الانتقائى وتكوين مراكز مالية بالبورصة الصينية بعد السقوط، أما بالنسبة للعلاقة المباشرة فلن تتأثر مصر بذلك الا بعد تصدير الصين لأزمتها بالعالم كافة.
ومن ناحية أخرى، قال سليم ان قواعد البورصة الرئيسية وبورصة النيل غير مشجعة على الاتجاه لسوق المال، خاصة بعد الأزمة التى مر بها السوق منذ سبع سنوات، لتحول البورصة المصرية الى بحيرة راكدة لا تتجدد مياهها تحتفظ بنفس المتعاملين، الامر الذى يؤدى الى سحب الطروحات الجديدة والأموال الموجودة بالسوق وهكذا.
أشار مدير بنوك الاستثمار بشركة “إتش سى”، الى انه لا بد من الاهتمام ببورصة النيل كجزء من الموارد التى توفر التمويل لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة التى توفر فرص عمل وتحل جزءاً من أزمة البطالة، لافتاً الى انه لا فائدة من طرح شركات اجنبية كبيرة فى السوق المصرى.
وطالب بإعادة النظر فى متطلبات القيد بالبورصة والتفكير فى كيفية حماية المتعاملين بها والتأكد من القيمة العادلة للشركات قبل الطرح، فضلاً عن أهمية وجود جهة لتحمل مسئولية ذلك، لافتاً الى أن اجراءات القيد الحالية روتينية الهدف منها استيفاء الأوراق فقط.
وفى سياق متصل، قال سليم إن فكرة وجود مستشار مالى مستقل لتحديد القيمة العادلة ما هى إلا مجرد واجهة لتستيف الأوراق وإخلاء المسئولية عن البورصة والشركات المصدرة ومدير الطرح، ما سيؤدى الى كثير من المشاكل فى المستقبل، مؤكداً انه لا توجد استقلالية مع تعاطى الأجر، ويرى ان مدير الطرح عليه ان يتحمل هو مسئولية سعر الطرح أمام عملائه.