أصبح العراق المستفيد الأكبر من مبادرة «الحزام والطريق» التى أطلقها الرئيس الصينى، شى جين بينج، حيث تملأ الصين الفراغ الذى خلفه انسحاب الولايات المتحدة من الصراع الذى كلف مئات الآلاف من الأرواح وكلف دافعى الضرائب الأمريكيين تريليونات الدولارات.
وأبرمت بكين عقود بناء جديدة بقيمة 10.5 مليار دولار فى العراق، خلال العام الماضى، وذلك كجزء من «تحول قوى» فى مشاركتها تجاه الشرق الأوسط رغم التراجع الأوسع فى الاستثمار الصينى الخارجى.
وكُشف النقاب عن النتائج فى تقرير نشره معهد بكين للتمويل الأخضر والتنمية المستدامة فى جامعة فودان بشنغهاى، يوم الأربعاء، وألقت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية نظرة عليه.
ويتزامن قرار بكين تعزيز علاقاتها الاقتصادية بشكل أعمق مع العراق، التى تعد ثانى أكبر منتج للبترول فى منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك»، مع تصور متزايد بانفصال الولايات المتحدة عن الشرق الأوسط. وعززت الصين مكانتها فى المنطقة فى العام نفسه الذى أنهى فيه الرئيس جو بايدن رسمياً المهمة القتالية الأمريكية فى العراق، واستعادت طالبان السيطرة على أفغانستان بعد الخروج الفوضوى لقوات التحالف.
وفى الوقت الذى تعتمد فيه بكين على الشرق الأوسط فى معظم وارداتها من الطاقة، تحاول الدول العربية تنويع العلاقة، والاستفادة من التكنولوجيا الصينية، وتوسيع العلاقات التجارية مع ثانى أكبر اقتصاد فى العالم، ومن هذا المنطلق، تعززت العلاقات بين بكين وبغداد بشكل خاص فى الأعوام الأخيرة.
ويُعتبر العراق بالفعل ثالث أكبر مصدر للبترول إلى الصين، لكنَّ المسئولين فى بغداد حرصوا على تأمين استثمارات صينية للمساعدة على تحديث البنية التحتية المتدهورة، ومع ذلك، يحجم العديد من الشركات الغربية عن الاستثمار فى البلاد.
وتشمل الصفقات الجديدة الموقعة بين المجموعات الصينية والعراقية، محطة الخيرات الكبيرة لتوليد الكهرباء من البترول الثقيل فى محافظة كربلاء العراقية، وإعادة بناء المطار الدولى فى الناصرية، وتطوير حقل المنصورية للغاز الواقع بالقرب من الحدود الإيرانية.
وأطلق «شى» مبادرة الحزام والطريق فى عام 2013، لكن وتيرة الإقراض تباطأت وفقاً للمبادرة مؤخراً بعد أعوام من النمو السريع.
وكان هناك ما مجموعه 59.5 مليار دولار فى الاستثمارات المالية الصينية والتعاون التعاقدى عبر 144 دولة فى مبادرة الحزام والطريق خلال 2021، بانخفاض من 60.5 مليار دولار فى عام 2020، بحسب التقرير.
ووصلت قيم العقود إلى 45.6 مليار دولار، بانخفاض من 37 مليار دولار؛ حيث تقلصت الاستثمارات إلى 13.9 مليار دولار من 23.4 مليار دولار.
ولا يزال إجمالى المشاركة فى مبادرة الحزام والطريق منخفضاً بنحو %48 عن مستويات ما قبل وباء «كورونا»، ولم يتوقع باحثو جامعة فودان عودة مبادرة الحزام والطريق إلى ذروة أواخر عقد 2010؛ بسبب التدقيق الوثيق فى الصفقات فى العديد من رؤوس الأموال الأجنبية، بالإضافة إلى تشديد الضوابط فى بكين على الاستثمار الخارجى.







