خفض عجز الموازنة وخلق سوق صرف مرن ملفات عاجلة لاستعادة الاستثمارات الأجنبية
هيرميس تدير صفقتى استحواذ قبل نهاية العام
الاحتياطى الأجنبى والإصلاحات الاقتصادية أبرز عوامل جاذبية الأسواق الناشئة
عدد أحمد الجندى، رئيس بنوك الاستثمار بالمجموعة المالية (هيرميس) فى حواره لـ”البورصة”، الفرص التى تشهدها مصر، حالياً، والمفترض أن تجعلها فى صدارة الدول الجاذبة للاستثمار، على الرغم مما تعانيه الدول الناشئة من مشاكل فى عزوف الاستثمارات الأجنبية، مشيراً إلى أن أبرز تلك الفرص انخفاض أسعار المواد الخام من مواد بترولية وغيرها، إضافة إلى اكتشاف الغاز الجديد، وانخفاض القيم السوقية للشركات فى مختلف القطاعات الاقتصادية مع انخفاض مضاعف ربحيتها.
قال الجندى، إن الأسواق الناشئة بشكل عام، وليست مصر فقط، باتت تعانى ضعف جاذبيتها نسبياً للاستثمارات الأجنبية، بسبب ارتفاع درجة المخاطرة بها، والناتجة عن أزمتى تباطؤ معدلات نموها وانخفاض جاذبية عملاتها أمام قوة الدولار، خاصة فى ظل ترقب الأسواق العالمية لقرارات البنك المركزى الأمريكى المتوقع أن تتجه لرفع سعر الفائدة خلال الفترة القادمة.
وأشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية تنظر إلى تلك المخاطر فى إطارين، الأول أن يكون لدى تلك الأسواق رصيد جيد من احتياطى النقد الأجنبي، وهو ما تعانى منه مصر، حالياً، حيث كانت خلال الفترة الأخيرة عامل ضغط، وليس دعماً للاحتياطى الأجنبى.
أما الشرط الثاني، فأن يكون لدى الدولة إصلاحات اقتصادية جادة تضمن لها معدلات استثمار جيدة، ومن ثم استقرار سعر العملة، موضحاً أن الأسواق الناشئة تتنافس، حالياً، على استعادة الاستثمارات الأجنبية عبر توفير هذين الشرطين، على أن تفوز بأكبر حجم استثمارات أجنبية، الدولة صاحبة التحركات الاقتصادية الأسرع والأكثر إيجابية.
ولفت “الجندى” إلى أن غالبية الدولة الناشئة تتحرك، حالياً، نحو تلك الإصلاحات، معتبراً السوق المصرى فى سباق شرس لابد أن يحذو خلاله بخطى مدروسة وسريعة حتى يصبح من أكبر الفائزين فيه.
وشدد على أن السوق المصرى فى حاجة إلى التركيز، حالياً، بشكل أكبر على الإصلاحات الاقتصادية، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من انخفاض أسعار المواد الخام مثل البترول وغيره، باعتبارنا دولة مستوردة فى المقام الأول، لذا فى حالة الاستغلال الأمثل لانخفاضات الأسعار سنتمكن من خفض عجز الموازنة العامة للدولة إلى ما دون 10%، وتحرير موارد الدولة لتحسين الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الصحة، وكذلك إتاحة الفرصة لزيادة الاستثمار الحكومى فى مشروعات البنية الأساسية.
أضاف أن المنافسة القوية بين الأسواق المصدرة للخامات الأولية ساهمت، أيضاً، فى الوصول إلى أسعار منخفضة للمنتج الوسيط والنهائى، ما سيصب فى صالح الدول المستوردة مثل مصر، خاصة أن جزءاً كبيراً من الاستيراد هو إنفاق حكومي، منوهاً بأن متوسطات أسعار العام المالى الجارى ستكون أقل من متوسطات عام -2014 2015.
يرى “الجندى” أن السوق المصرى بإمكانه أن يكون أقوى منافس فى المنطقة على الإطلاق حال نجاحه فى التعامل مع ملفين فى غاية الأهمية، هما خفض عجز الموازنة، وإعادة هيكلة الدعم، ما سينعكس بمردود إيجابى ملحوظ على دعم الاستثمار المحلى واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
وأكد أن جميع الاستثمارات الأجنبية الراغبة فى دخول السوق المصري، تترقب رد فعله مع انخفاضات المواد الخام العالمية، وكيفية استفادة مصر منها فى الحفاظ على الاحتياطى الأجنبي، حيث تمثل تلك الانخفاضات فرصة عظيمة لمصر للبدء فى إصلاحات هيكلية جدية دون إحداث قفزات تضخمية كبيرة.
وأيضاً قرارات البنك المركزى فى الوصول لسعر عملة مبنى على العرض والطلب، مؤكداً أن تحرير سعر الصرف، وخلق سوق مرن يعدان ضمن العوامل الأساسية لتوفير مناخ جاذب للاستثمار.
قال إن الأسواق الإقليمية مثل الإمارات اتجهت إلى تحرير سعر المواد البترولية على الرغم من أنها مصدرة لها، وهو ما يعد خطوة إيجابية ستسبقنا بها هذه الدول فى كونها أكثر جاذبية من مصر للاستثمار. استطرد: “بخلاف المشاكل التشريعية، إذا تمكنت الحكومة المصرية من خفض عجز الموازنة، ودعم الاحتياطى الأجنبى، وخلق سوق صرف مرن، سنصبح دولة جاذبة للاستثمار بشكل كبير”.
من ناحية أخري، أكد “الجندى”، أن مصر تعد من أرخص أسواق العالم للمستثمر المحلى الذى يستثمر بالجنيه المصري، حيث يتمتع بفرص ربحية مرتفعة مع مضاعفات ربحية منخفضة جداً، لذا اعتبر الوقت الراهن أفضل فرصة للاستثمارات المحلية، على عكس الاستثمارات الدولارية التى ما زالت تترقب سعر العملة، وتتحين أفضل فرصة لدخول السوق.
لذا يرى “الجندى”، أن الوقت الحالى مناسب للطروحات والاستثمار، ما دفع هيرميس للاستمرار فى الإعداد للطروحات المخطط لها فى مطلع 2016، خاصة أن مصر تحتوى على فرص استثمارية واعدة تجبر المستثمر على تحمل المخاطرة، مقابل اقتناص ما تحتويه تلك الفرص من معدلات نمو واعدة، مشيراً إلى أن العديد من الاستثمارات سواء المحلية أو الأجنبية لا تهتم بظروف البلد أو قطاع بعينه قدر اهتمامها بالشركة، وما تحتويه من فرص جاذبة، وهو ما عول عليه “الجندى” فى مدى نجاح طرح من آخر.
قال إن بعض المشاكل التى تواجهها البورصة المصرية مثل شح التداولات، ستزول بمجرد توجه الحكومة نحو المزيد من الإصلاحات الاقتصادية، والتى ستؤثر إيجاباً على الاستثمار المباشر والمحافظ المالية فى البورصة، الأمر الذى سيمنح تداولات البورصة عافيتها مرة أخري، أوضح فاعلية مقولة “البورصة مرآة الاقتصاد”، موضحاً أن البورصة تنتظر، حالياً، رد فعل قوياً من الحكومة المصرية نحو الإصلاحات الاقتصادية، حتى تجسد بدورها رد فعل المستثمرين على تلك الإصلاحات، والذى سيتمثل فى ضخ استثمارات جديدة سواء استثمارات مباشرة عبر عمليات استحواذات جديدة أو استثمارات فى أدوات الدين الحكومية والبورصة، ما قد يعيد للبورصة حينها تداولاتها المليارية.
وأشار “الجندى” إلى أن السوق المصرى لديه العديد من الفرص التى تؤهله لمنافسة الدول الناشئة، أبرزها اكتشاف الغاز الذى أعلنت عنه الحكومة مؤخراً، والذى سيعود بالإيجاب على العديد من النواحى الاقتصادية، أهمها التشجيع على جذب استثمارات أجنبية جديدة، كما سيحول مصر من دولة مستوردة للطاقة إلى دولة لديها فائض يمكن توجيهه للمجال الصناعى، ما سيشجع، أيضاً، على فتح مشروعات جديدة محلية أو بشراكة خارجية للاستفادة من هذا الفائض.
أضاف أن هذا الاكتشاف سيكون له، أيضاً، تأثير قوى على حجم الطلب على الدولار، حيث سيقلل من إنفاق الدولار على الغاز، والذى كان متوقعاً وصوله فى بعض الأحيان إلى الاستيراد بسعر 10 دولارات للوحدة الحرارية.
شدد رئيس بنوك الاستثمار بالمجموعة المالية هيرميس، على أن أهم الإصلاحات الاقتصادية التى يجب على الحكومة البدء بها، هو التوجه نحو الصناعات التى تقلل الاستيراد، بحيث يتم تصنيع مدخلات الإنتاج التى تتيح تصنيع المنتج النهائى بسهولة بدلاً من استيراده أو استيراد المواد الخام الخاص بتصنيعه، ما سيعمل على خفض الضغط على الاحتياطى الأجنبى، وكذلك فتح الباب للقطاع الخاص والأجنبى للمشاركة فى مشروعات البنية الأساسية، مشدداً على ضرورة منح محفزات ليست بضرورة أن تكون ضريبية، ولكن قد تمنح محفزات فى تسهيل موافقات وإجراءات تنفيذ أى مشروعات تخفف الضغط على الدولار، وتسهم فى بناء قاعدة صناعية قوية ومتنوعة، وأن تلك الصناعات لا بد أن تتصدر قائمة أولويات الاستثمارات خلال الفترة القادمة، طالب بوجود سياسات حكومية تساعد على توجيه الاستثمارات فى الأماكن المطلوبة، حتى لا يتوجه الاستثمار دائماً نحو القطاعات الدفاعية والاستهلاكية التى لا تعانى مشاكل.
وقال “الجندى”، إن القطاعات الدفاعية هى الخيار الأول للاستثمارات الأجنبية حالياً، لحين التخلص من مشاكل سعر الصرف والاحتياطى الأجنبى وعجز الموزانة.
كما أكد ضرورة الاهتمام بقطاع الطاقة باعتباره المحرك الرئيسى لأى صناعة، وتخفيض مديونية الحكومة المصرية لدى شركات الطاقة الأجنبية، ما سيشجعها على ضخ استثمارات جديدة.
وأشاد “الجندى” بتوجه الحكومة الأخير نحو خلق مصادر طاقة بديلة لتقليل الضغط على الغاز، ومن ثم تجنب وجود صناعات متوقفة بسبب نقص الطاقة.
طالب، أيضاً، بعدم رفع سعر الفائدة للحفاظ على وجود سعر محدد ومستقر للعملة، حيث إن ذلك قد يؤثر بشكل مباشر على الاستثمار المحلى، ويزيد من أعباء خدمة الدين المحلى على جانب آخر.
كشف “الجندى”، أن “هيرميس” تتولى، حالياً، دور المستشار المالى لصفقتى استحواذ، من المتوقع تنفيذهما قبل نهاية العام الجارى.
أما من ناحية الطروحات، فقال إن شركته أنهت الطروحات المخططة لعام 2015، والتى أعلنت عنها، وتستعد، حالياً، لطروحات العام الجديد والتى ستبدأها بطرح شركة “دومتي” فى النصف الأول من عام 2016.
ويرى “الجندى”، أن البورصة المصرية أدت الدور المطلوب منها كمنصة تمويل مهمة للقطاعات الاقتصادية المختلفة، حيث شهدت الفترة الماضية طروحات جديدة لشركات كبيرة وزيادات رؤوس أموال لأخرى مدرجة.