بنك أجنبى يستفسر عن موقف الصكوك القانونى لتمويل أحد مشروعات البنية التحتية فى مصر
“الصكوك” و”صناديق الوقف” أبرز خيارات التمويل العالمية للنهوض بالتعليم والصحة
قال وليد حجازى الشريك المؤسس لمكتب “حجازى كرويل آند مورينج” للمحاماة، إن أغلب شركات القطاع الخاص لا تواجه مشاكل تمويلية طالما لديها مشروعات ذات جدوى اقتصادية تنافسية، بينما تتصدر الحكومة مشهد الأزمة التمويلية فى مصر، فى ظل اعتمادها الرئيسى والمتزايد على الاستدانة من الداخل والخارج.
وقدرت موازنة العام المالى الجارى، مصروفات فوائد الدين العام بنحو 244 مليار جنيه خلال العام بزيادة بلغت 25% على العام المالى الماضى 2015-2014، حيث ارتفع إجمالى الدين العام المحلى ليبلغ 2.016 تريليون جنيه بنهاية مارس الماضى وبنسبة 99% من إجمالى الناتج المحلى.
أضاف حجازى فى حواره لـ”البورصة”، أن مشكلة تمويل مشروعات عامة وغير هادفة للربح، لم تعد على قائمة المشاكل الاقتصادية المعاصرة، رغم أنها مازالت تُرهق بعض الدول النامية، التى تصر على غض الطرف عن العديد من آليات التمويل المستحدثة حتى بعد إثبات كفاءة غير مسبوقة لدى عدد من التجارب المُختلفة شرقاً وغرباً، ليس الصكوك وحدها، ولكن هناك العديد من الأدوات المالية الأخرى، مثل السندات الإيرادية، والسندات المغطاة والسندات غير المصنفة وصناديق الوقف وغيرها.
وتدرس الحكومة المصرية تدشين أدوات مالية جديدة بجانب التوريق تسمى بالسندات المغطاة التى تستطيع المؤسسات إصدارها بضمان بعض الاصول والدخول، فضلاً عن التوجه لإصدار سندات بدون تصنيف ائتمانى للمؤسسات والصناديق فقط بعيدا عن اكتتابات الافراد لحمايتهم.
كما جرت خلال العام الماضي تعديلات على اللائحة التنفيذية لسوق المال، تضمنت إضافة مواد جديدة تُجيز للأشخاص الاعتبارية العامة ووحدات الإدارة المحلية بعد موافقة وزارة المالية، إصدار “سندات الإيراد”التى تستخدم لتمويل المشروعات الإنتاجية أو الخدمية، وتسدد قيمة السندات من خلال التدفقات النقدية المتولدة عن المشروعات، وتتيح تمويلاً للمشروعات الخدمية دون التأثير على موازنة الدولة، ولم تتجه أى جهة حكومية حتى الآن لاستخدام تلك الآلية منذ تدشينها.
ونوه حجازى إلى الجهود المبذولة فى صياغة الأطر القانونية لتنظيم وإتاحة المزيد من الأدوات المالية فى مصر، ولكنه لا يرى أى جدوى لتلك القوانين طالما لم تبادر الدولة باستغلالها فى تمويل مشروعات قومية مختلفة، ما يثير القلق بشأن مستقبل تلك الأدوات ومدى الاعتماد عليها فى دعم معدلات التنمية الاقتصادية.
ورأى أن الحكومة فى الفترة الأخيرة لم تتجه لإقامة مشروعات جديدة فى مجال الصحة أو التعليم أو الخدمات العامة إلا ما اضطرت إليه لتسير حياة المواطنين، رغم إتاحة آليات جديدة ووجود فوائض مالية ضخمة لدى البنوك، أما عزوف المستثمرين قد يرجع إلى عدم الاستقرار الأمنى والسياسى بسبب تأخر الانتخابات البرلمانية، وربما يفسر ذلك سبب تباطؤ تنفيذ بعض مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص التى تم الإعلان عنها خلال مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد القومى فى شرم الشيخ.
وأعلن البنك المركزى، أن إجمالى الودائع لدى الجهاز المصرفى بخلاف البنك المركزى ارتفع بنحو 13 مليار جنيه ليصل إلى 1.67 تريليون جنيه فى أبريل الماضى، مقابل 1.66 تريليون جنيه فى مارس الماضى.
وأوضح “الشريك المؤسس لمكتب” حجازى كرويل أند مورينج، أنه من المنطقى أن تتأخر الاستثمارات الأجنبية فى ظل عدم مبادرة الحكومة فى استخدام أدوات مالية جديدة وتمويل وإنجاز مشروعات البنية التحتية وتنمية المجتمع، حيث إن القوانين وحدها لا تكفى وتعدد وتنوع الأدوات المالية وحده لا يجذب المستثمر الأجنبى ولا جدوى من تلك الآليات الجديدة إن لم تبادر الحكومة باستغلالها.
وانتهت الهيئة العامة للرقابة المالية من تعديلات بعض أحكام قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992، وتضمنت نحو 20 بنداً لتنظيم الصكوك، لتكون بديلاً عن القانون رقم 10 لسنة 2013، الذى كان من المفترض أن ينظم “الصكوك” فى مصر.
ومن جانبه، قال حجازى، إن التعديلات الجديدة ركزت على صكوك الشركات بشكل كبير على حساب الصكوك الحكومية، التى كان يجب أن يمنحها القانون اهتماماً أكبر، نظراً لأهميتها القصوى فى التنمية الاقتصادية، بينما قد تتدارك اللائحة التنفيذية للقانون تلك النقاط المهمة.
وكشف عن تقدم أحد البنوك الأجنبية بطلب استشارة من مكتبه حول الموقف الضريبى للصكوك، وغيرها من النقاط، التى ربما تتناولها اللائحة التنفيذية فيما بعد، وذلك لتمويل أحد مشروعات البنية التحتية التى يتولى البنك تمويلها فى مصر، ما يؤكد على أنه لا مفر من اتجاه الحكومة نفسها لتمويل مشروعاتها عبر الصكوك.
وقال إن الحكومة لن تحقق أمناً قومياً حقيقياً إلا بزيادة تمويلات واستثمارات الصحة والتعليم للنهوض بالعنصر البشرى، وفى ظل زيادة الأعباء على كاهل الموازنة العامة، لا سبيل سوى استخدام أدوات مالية بعيدة عن ميزانية الدولة، مثل الصكوك التى يمكن إصدارها بضمان أصول المبانى التعليمية أو الصحية، على أن يتم تغطية قيمتها وتكاليفها من عوائد تلك المؤسسات، حيث إنها ستتيح خدماتها بأسعار القطاع الخاص للقادرين وبأسعار رمزية لغير القادرين كى تنهض الحكومة بالخدمات والعوائد الاستثمارية على حد سواء، لتسترد تلك الأصول والمشروعات بعد فترة سداد قيمة الصك من عوائد المشروع، دون تدخل الموازنة العامة للدولة.
وأوضح أنه لا يمكن التخلى عن مجانية الصحة والتعليم مهما تقدمت الدولة، فإن جميع الدول الرأسمالية مهما كانت توجهاتها مازالت تحافظ على الصحة والتعليم المجانى، من خلال وسائل مختلفة معظمها مستعار من خبراء وخبرات شرقية، ولا سيما الصكوك والوقف، حيث إن جامعة هارفارد الأولى على مستوى العالم تمتلك أكبر صندوق للوقف لتمويل أنشطتها المختلفة.
وتأسس وقف جامعة هارفارد عام 1974 والتى تقدر أصولها بنحو 32 مليار دولار وتعتبر هارفارد أقدم وأعرق الجامعات الأمريكية على الإطلاق وأكبر جامعة من حيث عدد الخريجين والباحثين الذين حصلوا على جوائز نوبل وغيرها من الجوائز والأوسمة العلمية الأشهر عالمياً، حيث إنها أكبر جامعة فى العالم من حيث مبلغ الوقف والمساحة والتجهيزات وأحدى الجامعات الثمانى فى رابطة اللبلاب.
وكشف حجازى عن سعى مكتب “حجازى كروبل آند مورينج” نحو الحصول على رخصة لتدشين أول صندوق للوقف الإسلامى ليتبع صناديق أخرى لمجموعة من المؤسسات الحكومية الخيرية، كما قام بإعداد دراسة قانونية لإحياء قانون الوقف الإٍسلامى، مطالباً بسرعة اتخاذ الاجراءات الحكومية للإسراع فى تدشين أدوات التمويل المستحدثة، والعمل على الاستفادة منها بطرح عدد من المشروعات الحكومية فى المجالات المختلفة.