بقلم: مجلس إدارة تحرير “بلومبرج”
لا يهم كيف يصف البيت الأبيض الأمر.
فلقاء الرئيس باراك أوباما مع ملك المملكة العربية السعودية سلمان بن عبدالعزيز، الأسبوع الماضى، كان بشأن رد الدين، خصوصاً أن السعوديين أعطوا أوباما ما أراد، ألا وهو التصديق «الفاتر» على اتفاقه النووى مع إيران.والآن يتطلعون هم وجيرانهم الخليجيون إلى بعض التطمينات المادية، بأن الاتفاق لن يعرض سلامتهم للخطر.
وقدم سلمان، عدم حضور ملفت للانتباه عندما دعا الرئيس أوباما قادة دول الخليج إلى كامب ديفيد فى مايو، ليسوق لهم الاتفاق النووي. أما من حضر منهم، فقد ضغطوا على الرئيس لإبرام معاهدة أمنية رسمية تجبر الولايات المتحدة على الالتزام بالنهوض للدفاع عنهم، حال ما تعرضوا لهجوم.
واعترض أوباما، كما كان ينبغى عليه أن يفعل. فالولايات المتحدة تقلق حقاً من مثل هذه الاتفاقات، والتى يجب أن يمررها الكونجرس. وبدلاً من ذلك، أعطى أوباما ضمانات غامضة للدعم، ووعداً بزيادة مبيعات الأسلحة.
والآن، يبدو من المؤكد أن الاتفاق الإيرانى سيحصل على موافقات أعلى من الرفض فى الكونجرس، ولكن ينبغى أن يكون أوباما أكثر استعداداً لما سيحدث. وهناك عدة طرق لهم أمامه لتهدئة مخاوف القادة بأن الولايات المتحدة ستتخلى عنهم. أولا، يمكن أن تعد الولايات المتحدة الدول الخليجية بـ «ردع ممتد» مشابه للمظلة النووية المقدمة إلى أوروبا خلال الحرب الباردة. وهذا لن يكون بمثابة وعد بالاستجابة بالمثل إذا قامت إيران أو أى طرف عدائى آخر، للقيام بما هو مستبعد واستخدام أسلحة نووية ضدهم.
ولكن الولايات المتحدة لديها أسلحة تقليدية كافية وقادرة على القيام باستجابة مدمرة تستطيع وحدها ردع الإيرانيين عن القيام بأى فعل غبي. ومثل هذا الاتفاق يمكن أن يعقده أوباما دون الحصول على موافقة الكونجرس، وهو اتفاق اقترحته هيلارى كلينتون كوزيرة خارجية فى عام 2009.
أما الأمر الثانى الذى يمكن أن يقوم به أوباما، فهو التعهد بتقديم هيكل كامل لنظام دفاع صاروخى ضد العدوان الإيراني. وتعمل الولايات المتحدة بالفعل مع العديد من دول الخليج لبناء أنظمة منفصلة مضادة للصواريخ لحماية المناطق المستهدفة فى تلك الدول.
ومن المستحيل بناء شبكة حماية.. ولكن على الأقل هناك حاجة لنظام واحد للمنطقة بأكملها، ووحدها الولايات المتحدة القادرة على ذلك، وسيكون من الأهمية بمكان أن يتم تزويد هذه الدرع بأحدث التكنولوجيات فى الترسانة الأمريكية، مثل نسخة برية من نظام مكافحة «أيجيس» لدى القوة البحرية الأمريكية. كما يمكن أن يقدم الرئيس أسلحة متقدمة أخرى والتى لا يتم بيعها حالياً للدول العربية، مثل القنابل الخارقة للتحصينات التى يمكن أن تخترق المنشآت الإيرانية الموجودة تحت الأرض.
ومع ذلك، لا ينبغى على الولايات المتحدة الموافقة على شيء ينتهك سياستها المتعلقة بضمان أن يكون «التفوق العسكرى الكمي» فى المنطقة لدى إسرائيل، التى صادف أنها تدعم مجهودات العرب فى احتواء إسرائيل.
وأخيراً، ينبغى على أوباما أن يطمئن الملك سلمان علناً وسراً بأن لا التقارب مع إيران، ولا رغبة حكومته فى تحويل اهتمامها نحو آسيا يمثلان تقليلاً من التزام الولايات المتحدة بأمن منطقة الشرق الأوسط.
وفى مثل هذه الأحوال، يكون للكلمات التى تعبر عن الدعم مفعول مطمئن ملموس، وخاصة بين قادة دول الخليج الذين يميلون إلى تصديق نظريات المؤامرة بشأن تخلى الولايات المتحدة عنهم.
وتقوم الولايات المتحدة بقفزة عملاقة من الثقة باتفاقها النووى مع إيران، وتدين لدول الخليج العربى ببعض تدابير الطمأنة لكى تتخذ هذه القفزة معها.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»








