عروض لاستثمار 251.765 مليار جنيه فى ودائع البنك المركزى فى يوم واحد
تفاقمت أزمة توظيف السيولة بالعملة المحلية لدى البنوك العاملة فى السوق المصرى بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، لتزيد من المعاناة التى تشهدها البنوك منذ ثورة 25 يناير 2011، وتعد هذه المشكلة من أهم التحديات التى سيواجهها طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى الجديد.
وبحسب مؤشرات صادرة عن البنك المركزى، فقد اتجهت البنوك بقوة لتوظيف سيولتها بالعملة المحلية فى الأدوات التى يطرحها المركزى مثل الودائع، والكوريدور، بالإضافة لأذون وسندات الخزانة، فى الوقت الذى يشهد فيه نشاط الإقراض بالبنوك تحركاً محدوداًَ مدفوعاً ببعض القروض المشتركة التى يتم ترتيبها لصالح بعض القطاعات الاقتصادية، وعلى رأسها قطاع البترول.
وفى الأسبوع الماضى، عرض 29 بنكاً من البنوك العاملة فى السوق المحلى استثمار 251.765 مليار جنيه من فائض السيولة المتوافرة لديها بالعملة المحلية فى آلية الودائع التى طرحها البنك المركزى. ومن خلال تلك الآلية تستثمر البنوك فوائض سيولتها بعائد قدره 9.25%، لمدة أسبوع، ثم تقوم باسترداد تلك السيولة من المركزى، ويمكن للبنوك إعادة توظيف تلك السيولة من خلال نفس الآلية بشكل متكرر. وقبل «المركزى» من السيولة التى عرضت عليه من البنوك 150 مليار جنيه، كما تقوم البنوك بتوظيف نحو 20 مليار جنيه يومياً فى آلية الكوريدور لدى البنك المركزى، بعائد قدره 8.75%.
وحول أسباب أزمة توظيف السيولة بالعملة المحلية لدى البنوك، يوضح محمد عبدالعال، عضو مجلس إدارة بنكى قناة السويس والعربى السودانى، أن حجم الودائع بالجهاز المصرفى المصرى بلغ حتى شهر يونيو الماضى نحو 1.7 تريليون جنيه، وفى المقابل وصلت أرصدة الإقراض والتمويل بكل أنواعه بالبنوك خلال نفس الشهر إلى نحو 714 مليار جنيه.
يضيف، أنه يتضح من ذلك أن متوسط نسبة القروض للودائع بالبنوك العاملة فى السوق المصري، يصل لنحو 42%، وهى نسبة متدنية بالنسبة لدولة تتطلع إلى معدل نمو اقتصادى معقول.
وبحسب «عبدالعال»، فإن زيادة عرض الأموال المستثمرة فى أدوات الدخل الثابت على حساب نشاط الإقراض بالبنوك تعود إلى عدة أسباب، أهمها حالة الركود الاقتصادى العالمى والإقليمى، خاصة فى المنطقة العربية والخليج، وبالتالى تباطؤ معدلات النمو الاقتصادى محلياً، ما أدى لانخفاض الطلب على القروض بالبنوك العاملة فى السوق المصري.
يضيف، أن انخفاض أسعار النفط أربك حسابات الدول الدول المنتجة، ومنها الخليجية وهى من أهم الدول الممولة لمصر، وفى ذات الوقت يمثل مستثمروها نسبة كبرى من المستثمرين فى المشروعات المصرية التى تؤثر فى حجم الطلب على القروض الائتمانية أيضاً.
أضاف «عبدالعال»، أن القصور الشديد فى مصادر النقد الأجنبى، اللازم والضرورى لتمويل عمليات التجارة الخارجية، واستيراد مستلزمات الإنتاج وقطع الغيار للمصانع وارتفاع أسعار الطاقة، أدت إلى تقليل الطلب على التمويل المحلى من البنوك.
كما أن عدم وجود تنسيق بين السياستين المالية والنقدية، والبيروقراطية الحكومية، يؤديان لإعاقة دخول رجال الأعمال فى مشروعات جديدة، وهو الأمر الذى يقلل من الطلب المتوقع على القروض المصرفية.
وبحسب عبدالعال، فإن أهم أسباب ضعف الاقراض بالبنوك يتمثل فى ضعف رؤوس الأموال، والقاعدة الرأسمالية لبعض البنوك المصرية، حيث تبلغ رؤوس أموال الجهاز المصرفى 92.5 مليار جنيه فقط، والاحتياطيات 50 مليار جنيه، ومن المعروف أنه لا يجوز لأى مصرف إقراض أكثر من 25% من قاعدته الرأسمالية لأى مجموعة و20% لأى مؤسسة فردية.
وبحسب أسامة المنيلاوى، مساعد مدير عام الخزانة بأحد البنوك الخاصة العاملة فى السوق المحلي، يؤكد أنه يوجد لدى البنوك سيولة كبيرة بالعملة المحلية، وهو أمر طبيعى فى ظل الظروف الاقتصاديه التى تمر بها مصر، والمنطقة عموماً، والتى تؤدى بدورها لعدم وجود استثمارات أمام البنوك لتوظيف سيولتها.
أوضح «المنيلاوى»، أن هذا الوضع قد يستمر لحين حدوث انفراجة اقتصادية، وبالتالى عودة البنوك لعملها الأساسى، وهو منح القروض للمشروعات المختلفة.
أضاف أنه لا يوجد بديل آمن أمام البنوك، حالياً، لتوظيف سيولتها إلا أدوات البنك المركزى سواء التى يطرحها لامتصاص السيولة مثل الكوريدور والودائع، أو أذون وسندات الخزانة التى يطرحها البنك كوكيل عن الحكومة.