بقلم: جوش روجين
وقعت مشاحنات عدة بين إيران والسعودية خلال الاجتماعات الدبلوماسية الأسبوع الماضى بشأن سوريا، واتهمت إيران السعودية بالإرهاب، وهددت التوترات بينهما بإنهاء المفاوضات التى بدأت فى فيينا يوم الجمعة قبل الماضي.
وخلال الاجتماع الذى استمر 9 ساعات، دخل وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف، ووزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، فى جدال محموم، ألقى فيه ظريف اللوم على مواطنين سعوديين فى هجمات 11 سبتمبر، حسبما قال مسئولان غربيان مطلعان على الاجتماع.
وأدهشت تعليقات ظريف المشاركين، بمن فيهم وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، وخيم الصمت على الغرفة.
وأكد ظريف لى أنه قال هذه التعليقات، ولكنه أوضح أنه لم يقصد بها لوم الحكومة السعودية على الهجمات وإنما يقصد مواطنين سعوديين فقط، لأن 15 من أصل 19 إرهابيا نفذوا الهجوم كانوا سعوديين.
ويقول المسئولون الغربيون إن هذه القصة تظهر صعوبة حدوث نقاش متمدن بين إيران والسعودية، فضلا عن التوصل لاتفاق بشأن سوريا، حيث لدى كل طرف منهما قوات تقاتل بالوكالة، إلا ان اجتماع يوم الجمعة أسفر عن بيان مشترك مكون من تسع نقاط يحدد الأهداف المشتركة بشأن حل الأزمة السورية.
وسافر وزير الخارجية السعودى إلى البحرين فى اليوم التالى للمشاركة فى حوار المنامة الذى ينظمه المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، وانتقد بحدة التورط الإيرانى فى سوريا.
ووضع الجبير خطين أحمرين سابقين لأى موافقة سعودية بشأن التقدم للأمام فى سوريا: أولهما، يجب أن يكون هناك تاريخ محدد لرحيل الرئيس السورى بشار الأسد، ثانيهما، أن ترحل كل القوات الأجنبية، وخاصة تلك الإيرانية، مع بداية العملية السياسية.
ولدى إيران آلاف المقاتلين فى سوريا، كما تدعم آلاف الجنود من حزب الله.
ويوم الاثنين الماضي، هددت إيران بالانسحاب من المفاوضات بسبب تصريحات الجبير، واقتبست وكالة أنباء إيرانية حكومية عن الرئيس حسن روحانى قوله: «لن يصل شاب قليل الخبرة فى دولة إقليمية إلى أى شيء من خلال وقاحته مع الأكبر منه سنا»، وفسر الكثيرون التعليقات على أنها تشير إلى الجبير.
وقال لى وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، فى البحرين يوم السبت الماضى إنه كان لديه تفاؤل حذر بشأن نجاح المفاوضات فى فيينا بقيادة كيري، وأضاف أن الموقف السعودى كما وصفه الجبير والذى يطالب برحيل القوات الإيرانية من سوريا مع بداية العملية السياسية لن يفلح.
ويرى هاموند أن هذا المطلب لا يمكن تلبيته واقعيا، وبالتالى أى شيء يأتى بعده سيكون افتراضيا، ولكنه يعتقد أن عدم انسحاب أى من الطرفين هو انجاز فى حد ذاته لأن الإيرانيين والسعوديين غير معتادين على هذا النوع من النقاش المباشر.
وقال هاموند إن الطرفين منقسمان تماما بشأن القضية الرئيسية، ألا وهى متى سيرحل الأسد، فإيران وروسيا، تريدان أن يكون الأسد قادرا على خوض الانتخابات الجديدة، بينما الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية لا تعتقد أن الأسد يمكن أن يكون جزءا من العملية السياسية الجديدة، وعلى حد تعبير هاموند: «يداه ملطختطان بالكثير من الدماء».
وقال نائب وزير الخارجية الأمريكي، تونى بلينكن، فى البحرين إن روسيا سوف تدرك بالأخير أن تدخلها فى سوريا كان غلطة، وسيتخلى الكريملين عن دعمه للأسد، ولكن معظم الخبراء والمسئولين فى المؤتمر يتشككون فى هذا التقييم.
ووقعت روسيا على ما يعرف باسم بيان جنيف، والذى يدعو لتأسيس هيئة رئاسية انتقالية تتولى الحكم فى سوريا حتى إجراء انتخابات ذات مصداقية.
ولم توافق إيران أبدا على هذا البند، حتى إن البيان المشترك لم يتطرق للهيئة الرئاسية الانتقالية، وإنما ينص على أن الأمم المتحدة سوف تتولى الإشراف على عملية سياسية تقود إلى دستور وانتخابات جديدة.
وإذا استمرت هذه الطريقة، فستكون إيران حصلت على امتياز كبير وهو ضمان استمرار الأسد فى الحكم، وإصرار الولايات المتحدة على جلب إيران إلى طاولة المحادثات، ربما يجعل حل الأزمة السورية بعيد المنال.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبيرج»








