تتدافع صناديق التحوط وإدارة الأصول لصيد المواهب من سليكون فالي، وجذب علماء الحواسب الآلية من الجامعات لاستغلال أحدث الاتجاهات سخونة فى عالم الاستثمار.
ولسنوات طويلة توصل هؤلاء الذين يطلق عليهم الخبراء الماليون الكميون، إلى طرق معقدة وابتكارية فى تحقيق مكاسب من تحليل أرباح الشركات وبياناتها الصحفية، أما الآن، وبفضل التقدم الكبير فى القدرة الحاسوبية، والبحوث الحسابية، أصبحوا يقتحمون عالم «البيانات غير المنظمة» مثل أبحاث الانترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، وصور الأقمار الصناعية، والمؤتمرات التى تعقدها الشركات عبر الهاتف بعد نشر نتائج أعمالهم، وغيرها من الأمور لإيجاد أى إشارات فى السوق أو فرص استثمارية مهملة.
وفى سبيل ذلك، يحتاج الماليون الكميون إلى توظيف خوارزميات الذكاء شبه الاصطناعى المبتكرة والآخذة فى التطور، لذا زاد الطلب على علماء الكمبيوتر للقيام بإجراءات تتطلب أكثر من الرياضيين والفيزيائيين.
وقال جيرد بوتلر، الذى يختار المواهب فى «سيبلى جينينجز»، لصحيفة «فاينانشال تايمز»، إن السماسرة كانوا مواطنين من الدرجة الأولى فى العالم المالي، ولكن هذا لم يعد صحيحا، لأن التكنولوجيين هم الأولوية حاليا.
وأوضح بوتلر أنه من الأسهل توظيف عالم كمبيوتر وتعليمه قواعد العالم المالي، وليس العكس.
وخطف صندوق التحوط «تو سيجما»، الذى يدير أصولا بقيمة 28 مليار دولار، وصندوق «بلاك روك»، أكبر مدير للأصول فى العالم، مديرين سابقين فى «جوجل»، ما يسلط الضوء على الطلب المتزايد على علماء الحواسب الذين يمثلون ميزة رقمية فى عالم إدارة الأصول الذى لا يرحم.
ويعد صندوق «تو سيجما» أحد صناديق التحوط الأسرع نموا، ويقوده عالم الكمبيوتر، ديفيد سيجيل، وعالم الرياضيات، جون أوفرديك، ومؤخرا عين الصندوق، ألفريد سبكتر، نائب رئيس الأبحاث والمبادرات الخاصة سابقا فى «جوجل»، ككبير العلماء.
أما صندوق «بلاك روك»، فقد وظّف بيل ماكرثي، مهندس سابق فى «جوجل»، لكى يعزز مجهودات الصندوق فى تمشيط البيانات لاقتناص الفرص الاستثمارية المربحة، وفى أواخر عام 2012، التحق ديفيد فيروتشي، مدير سابق فى «آى بى إم» والبروفيسور المشرف على إنتاج كمبيوتر «واتسون» الخارق، بصندوق «بريدج ووتر أسوشياتس»، لبناء ذراع الذكاء الاصطناعية فى الصندوث الذى يدير أصولا بقيمة 198 مليار دولار.
وقال مايكل كارب، المدير التنفيذى لمجموعة «أوبشنز» للتوظيف، إن الطلب على الماليين الكميين كان قائما دائما، أما ما تغير فهو شكل الطلب، موضحا ان العالم أصبح اكثر تطلبا للتكنولوجيا، والكثير من الشركات الآن تحتاج علماء كمبيوتر لتصميم خوارزميات.
ويذكر تقرير الصحيفة البريطانية أن المشكلة التى تواجه مديرى الاموال من الماليين الكميين – والبنوك التى تتدافع لتجديد وبناء القدرات التكنولوجية – هى أن القطاع المالى أقل جاذبية من أكبر الشركات فى سيليكون فاللى أو حتى الشركات الصغيرة الناجحة، خاصة فى السنوات الأخيرة.
ويقول دينى رول، مدير وحدة التمويل السلوكى الكمى فى ذراع «جى بى مورجان» لإدارة الأصول: «نحن بالطبع نحتاج المزيد من علماء الكمبيوتر، ولكن هذا أصبح يمثل تحديا بعدما عانى القطاع المالى من أزمة سمعة فى السنوات الأخيرة».
ونتيجة لذلك، يتجه الكثير من صناديق إدارة الأصول إلى تأسيس علاقات أوثق مع الجامعات لكى يستفيدوا مباشرة من خط تدفق المواهب، او لكى يقيموا مسابقات مثل «وورلد كوانت تشالينج»، للبحث عن المواهب العصامية فى البرمجة.
واعترف بوتلر من شركة «سيلبى جينينجز» إن جذب المواهب التكنولوجية الكبيرة عائق كبير لقطاع المال، إلا انه اوضح أن المرتبات والتحديات الفكرية فى شركات السمسرة الأكثر ابتكارا أو صناديق التحوط لا تزال عامل جذب للكثير من علماء الحواسب.
وقال إنه بمجرد ان يكون لديه مبرمج موهوب يتلقى عروض عمل من «جوجل»، أو «أوبر» وغيرهما، كما يكون لديه فرصة لبناء استراتيجية تداول جذابة كذلك.