يبدو أن المستثمرين الأجانب سيواصلون سحب أموالهم من تركيا بعد تخليهم عن كميات هائلة من الأسهم والسندات العام الجاري.
ويذكر تقرير لوكالة أنباء «بلومبيرج» أن المستثمرين من الخارج سحبوا 7.6 مليار دولار من الأصول التركية فى عام 2015، بما فى ذلك 1.4 مليار دولار فى الشهر الماضى وحده، نتيجة عودة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السلطة باكتساح، ما أدى فى البداية إلى ارتفاع أسعار الأصول، ثم انخفضت الأصول نتيجة الحرب فى سوريا المجاورة والعقوبات الروسية التى هددت اقتصاد الدولة البالغة قيمته 270 مليار دولار.
وتوقعت شركتا «كابيتال إيكونوميكس» و«إس إى بى» أن تستمر موجة البيع، وأن تزداد الاضطرابات فى الليرة التركية، التى تسير على مسار تسجيل أسوأ تراجع سنوى لها منذ 2008.
وعلاوة على معاناة تركيا من أكبر عجز فى الحساب الجارى كنسبة من الناتج بين مجموعة العشرية، تتزايد المخاوف من أن تضغط الحكومة الجديدة التى فازت فوزاً كاسحاً فى الانتخابات الشهر الماضى على البنك المركزى لتخفيض الفائدة دون معارضة سياسية كبيرة.
وارتفع العائد على الأذون لأجل 10 سنوات بمقدار ثلاث نقاط أساس إلى 10.31% صباح اليوم فى اسطنبول، وبذلك يكون صعود العائد خلال الشهر الماضى بمقدار 46 نقطة أساس، وهو الارتفاع الأكبر بين الدول الناشئة البالغ عددها 24، بينما تحسنت الليرة أمام الدولار بنسبة 1.1% عند مستوى 2.8891 ليرة للدولار.
ويتوقع بير هامرلوند، استراتيجى الأسواق الناشئة فى شركة «إى إى بى»، أن تهبط العملة التركية بنسبة 3.7% إلى 3 ليرة للدولار بنهاية ديسمبر، فى حين يتوقع وليام جاكسون من «كابيتال ايكونوميكس»، تراجع العملة بنسبة 11% بنهاية العام المقبل إلى 3.25 ليرة للدولار، أى أسوأ من متوسط مسح «بلومبيرج» عند 3.08 ليرة للدولار.
ويكمن التساؤل الرئيسى بالنسبة للمستثمرين فى مدى حرية المسئولين فى البنك المركزى فى وضع أجندتهم السياسية بالنظر إلى سجل أردوغان فى الضغط من أجل أسعار اقتراض أقل حتى مع ارتفاع التضخم وضعف الليرة.
كما يتطلع المستثمرون إلى دليل على أن الحكومة سوف تطبق سياسيات لتحسين التنافسية، وتحفيز النمو بعد وصوله لأدنى مستوياته فى 10 سنوات.
وقال هامرلوند إن المستثمرين الأجانب ليسوا مقتنعين بأن البنك المركزى التركى سوف يسمح له باتخاذ القرار بشأن السياسة النقدية بشكل مستقل.
ومع ذلك، ليس الكل متشائما، فقد أوصى بنك «كريدى سويس» المستثمرين بتعظيم ممتلكاتهم من الأسهم التركية الأسبوع الماضى بعد أن تسببت موجة البيع فى تخفيض التقييمات.
وساعد التراجع فى أسعار البترول العام الجارى، تركيا على تسجيل فائض فى الحساب الجارى فى أغسطس وسبتمبر، وهى أول تدفقات إيجابية منذ 2004، وهذا سيساعد فى تضييق العجز العام الجارى بحوالى 5% من الناتج المحلى الإجمالى.
ورغم ذلك، فإن تركيا من بين الدول الناشئة التى تعانى من ارتفاع متزايد فى ديون القطاع الخاص، ما يزيد اعتمادها على التمويل الخارجى ويهدد تصنيفها الائتمانى، حسبما قالت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتمانى فى تقرير الأسبوع الماضى.
وتعللت وكالة «موديز انفيستورز سيرفيس» بـ«الاحتياجات التمويلية الاجنبية الكبيرة» والمخاطر الجيوسياسية من بين الأسباب للإبقاء على النظرة السلبية لتصنيف الدولة يوم الجمعة الماضية.
وتصنف وكالتا «فيتش» و«مودز» تركيا عند أقل درجة استثمارية، بينما تصنفها وكالة «ستاندرد آند بورز» دون الدرجة الاستثمارية بمرتبة واحدة.