قالت صحيفة «فايناشيال تايمز»، إن شركة “استرا زينيكا” البريطانية على وشك استثمار مئات الملايين من الدولارات لتوسيع قدرتها على تطوير وتصنيع الأدوية فى الصين، وهو ما يمثل رهاناً على أن سوق الأدوية فى البلاد فى طريقه للنمو على المدى الطويل، على الرغم من التباطؤ الأخير.
وأوضحت الشركة البريطانية، أنها تعمق تحالفها الاستراتيجى مع «ووشى آبتك»، كبرى الشركات الصينية لتصنيع الدواء وتطوير الأبحاث، لإنتاج أدوية بيولوجية مبتكرة.
وهذا كان محور العديد من المبادرات التى أعلن عنها اليوم الأربعاء بهدف تعزيز القدرات المحلية لـ«استرا زينيكا» من تطوير الأدوية فى مراحلها المبكرة، حتى وصولها للسوق.
وتشمل الخطط التزام أولى بنحو 150 مليون دولار، ولكن قال أشخاص مقربون من الشركة، إن المبلغ ربما يرتفع إلى عدة أضعاف على مدى العقد المقبل.
وتلك الاستثمارات تسلط الضوء على نهج «استرا زينيكا» الجرئ للتوسع فى الصين، حيث حلت فى المرتبة الثانية من حيث المبيعات، ضمن الشركات متعددة الجنسيات، بعد شركة فايزر، والتى تعتبر الأسرع نمواً.
وأصبحت بعض الشركات أكثر حذراً فى تعاملها مع الصين منذ تورط شركة «جلاكسو سميث كلاين»، البريطانية، فى فضيحة فساد مدمرة هناك منذ عامين، وفى الوقت نفسه، دفع الحكومة للحد من تضخم أسعار الأدوية والإسراف فى إعطاء الوصفات شكل كابح إضافى للنمو.
ومع ذلك، تقول بهيجة جلال، رئيس وحدة «ميد اميون» للأبحاث والتطوير البيولوجى والتابعة لـ«استرا زينيكا»، إن الفرصة على المدى الطويل لاتزال هائلة، أكثر من أى وقت مضى مع سعى سكان الحضر الصينين بسرعة نحو الحصول على مزيد من الرعاية الصحية الحديثة.
وقالت لصحيفة فاينانشيال تايمز: «إن الأمور تتغير بسرعة فى الصين، وعلينا أن نتأكد من أننا فى المكان والوقت المناسب، وتمثل الشراكة مع “ووشى آبتك” أكبر التزام من قبل شركة أدوية متعددة الجنسيات لتطوير وتصنيع الأدوية فى الصين.
وتستخلص “الأدوية البيولوجية” من الخلايا الحية وتُعطى عن طريق الحقن أو الحقن بالتسريب (التقطير) فى الوريد، وتمثل بالنسبة للكثيرين الأكثر تقدمًا فى العالم، ومع ذلك، فقد كانت تلك الأدوية بطيئة للوصول للصين حيث لاتزال أقراص الدواء التقليدية غير المبتكرة مهيمنة.
واعترف مارك مالون، رئيس العمليات الدولية لـ”استرا زينيكا”، بوجود صعوبات فى إيصال الأدوية الجديدة للمرضى الصينيين، ولكنه قال إن الشركة تعمل مع الجهات الرقابية والسلطات الصحية لتسريع هذه العملية، وأضاف قائلاً إن: “الصين ملتزمة بتسريع وتيرة الابتكار”.
ولدى “استرا زينيكا” شراكة بالفعل مع “ووشى آبتك” لعمل علاج جديد يسمى “MEDI5117” لأمراض المناعة الذاتية والالتهابات، وسيتم توسيع الشراكة لتتخطى البحث والتطوير، حيث حصلت شركة أسترا زينيكا على حق تصنيع الأدوية البيولوجية فى مدينة ووشى من شريكتها فى السنوات القليلة المقبلة مقابل 100 مليون دولار.
وقالت “استرا زينيكا” أيضاً، إنها ستنفق 50 مليون دولار لبناء منشأة جديدة لدعم تطوير وتصنيع أدوية تقليدية مصممة من “الجزيئات العضوية الصغيرة” فى مدينة ووشى الصينية.
وفى إطار الخطط، فإن الصين ستصبح مركزاً عالمياً لـ”سترا زينيكا” جنباً إلى جنب مع المراكز الأخرى فى بريطانيا والسويد، فيما يتعلق بقدرات التطوير الأولى والنهائية فى جميع أقسام الدواء الرئيسية بالشركة.
ويحذر المدراء التنفيذيون والمستشارون فى مجال صناعة الدواء من أن الالتزامات من هذا النوع لا توفر ضمانًا للنجاح ولا معاملة خاصة فى سوق صعب ومحفوف بالمخاطر على نحو متزايد من شركات الأدوية الأجنبية.
كما أن استثمار “شركة جلاكسو سميث كلاين” بكثافة فى مركز عالمى للبحث والتطوير فى شنغهاى لم يمنع من محاكمتها بتهمة رشوة الأطباء، مما أدى إلى دفعها غرامة 3 مليارات يوان، وتقول شركة أسترا زينيكا انها واثقة من امتثالها للإجراءات هناك.
واستحوذت الصين على 11% من مبيعات “استرا زينيكا” فى الأشهر التسعة الأولى من العام الجارى، وهو ثانى أكبر سوق بالنسبة لتلك الشركة بعدما ارتفعت إيراداتها الأمريكية بنسبة 17% عن نفس الفترة من عام 2014 لتصل حوالى 1.9 مليار دولار، على الرغم من تباطؤ نمو السوق.
ويقول محللون، إن نجاح “استرا زينيكا” يعود فى جزء منه إلى دخولها فى وقت مبكر نسبيًا للصين، وهو ما سمح لها بالتوسع السريع فى المدن الصغيرة فى الوقت الذى كانت تتباطأ فيه أسواق المدن الكبرى، ولعل قوتها فى معالجة أمراض الجهاز التنفسى والسكرى تناسب اثنين من أكبر مصادر الطلب للمرضى الصينيين.
كتب – يحيى الشعراوى








