كشفت المملكة العربية السعودية أمس الاثنين عن خطط لخفض الانفاق فى موازنة عام 2016، فضلاً عن تنفيذ إصلاحات بالدعم والدعوة إلى الخصخصة لكبح العجز الآخذ فى الاتساع والناجم عن فترة طويلة من انخفاض أسعار البترول.
وقالت «فايناشيال تايمز» البريطانية إن المملكة الخليجية أبقت إنتاج البترول عند مستويات مرتفعة فى محاولة لإجبار الدول المنتجة الأخرى على تحمل تكاليف أعلى، مثل منتجى البترول الصخرى، والحفاظ على حصتها فى السوق، ولكن تضخم العجز العام الجارى ليصل إلى 367 مليار ريال سعودى (97.9 مليار دولار، أو 15% من الناتج المحلى الإجمالى)، حيث انخفضت عائدات الخام بنسبة 23% لتبلغ 444.5 مليار ريال سعودى.
وسعيًا من جانبها لدرء الأزمات المالية المستقبلية، أعلنت وزارة المالية السعودية عن إصلاحات اقتصادية كبرى، بما فى ذلك خطط لـ«خصخصة عدد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية».
وأضافت الوزارة: سيكون على الرياض مراجعة أسعار الطاقة والمياه و الكهرباء تدريجيًا على مدى السنوات الخمس المقبلة، لتحسين الكفاءة مع تقليل الآثار السلبية على منخفضى ومتوسطى الدخل والحفاظ فى نفس الوقت على القدرة التنافسية لقطاع الأعمال.
وتضيف الصحيفة أن الإصلاحات الأولى ستُنفذ اعتبارًا من اليوم الثلاثاء، بما فى ذلك زيادة أسعار البنزين، ورسوم الكهرباء للمستهلكين الأكثر ثراء، وزيادة متواضعة فى تكاليف المياه للجميع، والتغييرات فى كل أسعار الطاقة للمستخدمين الصناعيين.
كما ستسعى الحكومة أيضًا لتنفيذ خطة لإدخال ضريبة مبيعات عبر جميع أنحاء دول الخليج العربية الست.
وسوف يحدد نجاح أو فشل تلك الإصلاحات إرث كل من العاهل السعودى سلمان بن عبد العزيز آل سعود ونجله، نائب ولى ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، الذى يشرف على برنامج التقشف.
وتسبب برنامج التقشف والإصلاح فى المملكة ـ والذى جاء بعد معدلات إنفاق هائلة استمرت على مدار العقد الماضى ـ فى إثارة قلق أجزاء من مجتمع الأعمال فى البلاد، والذى يعانى بالفعل من تأخر المدفوعات الحكومية.
ولا شك أن الإصلاحات الجذرية فى الميثاق الاجتماعى بين المواطنين السعوديين وعائلة آل سعود الحاكمة تنذر بحالة من الخلاف والتعارض فى وقت تهدد فيه جماعات اسلامية متطرفة مثل داعش البلاد.
ومن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة 3.35%، ويستمر القطاع الخاص فى التنامى عند نسبة 3.74% العام الجاري.
وقالت مونيكا مالك، كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى «بنك أبوظبى التجارى»: «إننا نرى تباطوءا حادا فى نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى فى عام 2016، ولكن ضمن المعدلات الإيجابية، ومن المتوقع أن الناتج المحلى الإجمالى غير البترولى سينخفض بشكل معتدل مع تراجع الإنفاق الحكومى فى الاقتصاد ككل».
وصاحبت التدابير التقشفية للحكومة السعودية عناصر إنفاق إضافية، مثل الحرب التى تقودها السعودية فى اليمن، ودفع 88 مليار ريال سعودى مكافآت لموظفى الخدمة المدنية عندما جلس الملك سلمان على العرش فى يناير الماضى.
وهناك تصورات بأن ميزانية 2016 سيصل حجم الانفاق بها إلى840 مليار ريال سعودى فى عام 2016، مقارنة مع 975 مليار سعودى يُتوقع إنفاقها العام الجاري، مقارنة بـ 1.14 تريليون ريال فى عام 2014.
وتجاوز الإنفاق الفعلى التوقعات بمقدار الربع على مدى العقد الماضى، ولكن الحكومة تحاول تحقيق انضباط مالى أكبر.
ومن المتوقع أن تصل الإيرادات فى عام 2016 لحوالى 514 مليار ريال سعودى، بانخفاض عن 608 مليارات ريال سعودى العام الجارى، وهناك توقعات بعجز بالميزانية يصل إلى 326 مليار ريال سعودى فى عام 2016.








