فى أحدث علامة على التغييرات الجديدة التى تجتاح المملكة العربية السعودية، أعلنت الرياض، الأسبوع الماضى أنها تدرس خصخصة “أرامكو” أكبر شركة بترول فى العالم.
وذكرت صحيفة «الفاينانشيال تايمز» أن الهزيمة من ركود أسعار البترول، والمواجهة الإقليمية مع إيران، والتحولات السياسية منذ اعتلاء الملك سلمان العرش قبل عام، كل ذلك دفع البلاد نحو الدخول فى تضاريس جديدة.
ونقلت الصحيفة، أن الخطة الناشئة لخصخصة جزء من شركة «أرامكو» السعودية، التى يمكن أن تصبح الشركة المدرجة الأكثر قيمة فى العالم، توضح نهج الإصلاح الذى يقوده الجيل الجديد من الأمراء.
ووصف محمد بن سلمان، نائب ولى العهد الخطوة بأنها محاولة لتغيير المجتمع، ليصبح أكثر إنتاجية وأقل اعتماداً على المساعدات.
وقال الأمير إنه ستجرى خصخصة بعض القطاعات مثل الرعاية الصحية والتعليم وبعض القطاعات العسكرية بالإضافة لبعض الشركات المملوكة للدولة، لتقليل الضغط على الحكومة وخلق أرباح جيدة.
وأكدت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن تلك المحاولة التى تكسر عقوداً من طريقة إدارة الموارد فى المملكة، ستكون لها عواقب وخيمة على الاتجاه المستقبلى لأكبر اقتصاد فى المنطقة.
وأضافت أن الفشل فى إدارة هذه الخطوة يهدد بالعديد من الاضطرابات، فى حين أن النجاح يمّكن من تأمين مستقبل مزدهر لما بعد عصر البترول.
وأعلنت الشركة يوم الجمعة، أنها تدرس خيارات الخصخصة التى تضم خطة لبيع شريحة صغيرة من الأسهم فى الشركة الرئيسية، فضلاً عن فكرة أفضل لتشكيل بعض الشركات الفرعية.
وفى كلتا الحالتين، فإن الإدراج المحتمل لأصول الشركة الأكثر قيمة يوضح مدى استعداد القيادة للتعامل مع أشد تحد مالى منذ انخفاض أسعار البترول فى الثمانينات.
وقال سايمون وليامز، الاقتصادى الإقليمى لدى بنك «اتش إس بى سى» إن انهيار أسعار البترول وضع حداً لعقد من وفرة المعروض.
وأضاف أن انهيار أسعار البترول التى وصلت لأدنى مستوياتها منذ 11 عاما، يختبر قدرة المملكة، إذ انخفضت احتياطيات النقد الأجنبى بنسبة 13% لتصل إلى قيمة 650 مليار دولار، وتخطط الحكومة للاقتراض دولياً فى أقرب وقت من العام الحالى.
ووصفت الصحيفة، الواقع الحالى للمملكة بالألم الاقتصادى بعد خفض الإنفاق الحكومى بنسبة 14% العام الماضى، وتسعى لخفض مماثل العام الحالى.
وأضاف وليامز، أن برنامج الخصخصة المقترح بمثابة متنفس مالى لخيارات التمويل، إضافة إلى الاحتياطيات المالية الكبيرة جداً التى تسيطر عليها المملكة.
وتشمل التحديات أمام الممكلة فى إصلاح انضباط السوق الذى يطالب به بعض الإصلاحيين، حيث تستخدم الرياض، البترول كأداة من الجغرافيا السياسية كان أبرزها قرار المملكة بالحفاظ على مستويات الإنتاج رغم انهيار الأسعار.
ويعتمد الملك سلمان، وأخوه الراحل عبدالله، على البترول باعتباره أساساًَ للسلطة المحلية والنفوذ الإقليمى، بعد أن أممت المملكة هذه الصناعة فى السبعينيات.
وساعدت إيرادات شركة أرامكو، التى جعلت من «آل سعود» واحدة من أغنى العائلات فى العالم، فى تمويل إنشاء المملكة العربية السعودية، سواء من جانب البنية التحتية أو تقديم الدعم للمواطنين.
فعندما ضربت الاضطرابات الشرق الأوسط، فى 2011 وجّه الملك عبدالله، المزيد من الأموال فى البنية التحتية والرواتب، الأمر الذى ساعد على تأمين السلام الاجتماعى.
وفى الوقت الراهن يعلّق محمد بن سالمان، آماله على القطاع الخاص وجعله أكثر نشاطا مدعوما بالاستثمار الأجنبى.
ورفعت الحكومة بالفعل أسعار الوقود والمرافق العامة ومن المرجح فرض ضرائب على المبيعات والرسوم الأخرى فى السنوات القادمة.
وقال تيودور كاراسيك، المحلل لدى «كاراسيك» شركة استشارية إن نائب ولى العهد يحفر لنفسه حفره برفعه الدعم وخطط الإصلاح الأخرى، إذ أن هذه الإجراءات ضارة جدا بمستقبل الاستقرار فى المملكة على المدى القصير.
وأضاف: «كل شىء يمكن أن ينهار إذا فشلت تلك العلاجات فى إظهار نتائج سريعة على المدى القريب».