القطاعان السياحى والاستثمارى الأكثر تضرراً
أدى صعود الاقتصادات الناشئة الكبيرة مثل الصين، والهند، ومسيرة العولمة الثابتة، إلى زيادة عدد الأشخاص الراغبين فى السفر إلى الخارج للعمل أو السياحة، ونتيجة لذلك، فإن الطلب على تأشيرات الدخول وصلت إلى مستويات قياسية لم يسبق لها مثيل.
وذكرت مجلة «إيكونوميست»، أن الولايات المتحدة منحت فى السنة المالية المنتهية فى سبتمبر 2014 نحو 10 ملايين تأشيرة مقابل 6 ملايين عام 1997، رغم التغيرات التى أعقبت الهجمات الإرهابية فى 11 سبتمبر 2001 والأزمة المالية العالمية فى 2008.
وأشارت المجلة إلى أن مواطنى أمريكا، وبريطانيا، وبعض الدول الغنية الأخرى يمكن أن يتنقلوا إلى معظم الأماكن دون تأشيرات، ويعد المسافرون الصينيون والهنود الأكثر تقديما لطلبات الحصول على تأشيرات فى الوقت الحالى، بينما يتعرض المواطنون فى عدد قليل من الأماكن الغارقة فى الظلام الدامس، مثل العراق، وأفغانستان، إلى البيروقراطية، وربما الإذلال أثناء حصولهم على استمارة التأشيرة للوصول إلى معظم الأماكن.
وينبغى على الحكومات الاستجابة السريعة لهذا الارتفاع الكبير فى طلب الحصول على التأشيرات قصيرة الأجل وتبسيط الإجراءات، والتخلص من أهم المتطلبات المرهقة، ولكن غالبا ما تتعنت الحكومات فى التعامل مع مثل هذه الأمور.
وأشارت المجلة البريطانية، إلى أن الدول الأوروبية الـ26 الموقعة على «اتفاقية شينجن»، التى تسمح لسكان الدول من أعضائها السفر فيما بينهم دون قيود، تطلب من السياح الهنود وغيرهم من البلدان النامية توفير بياناتهم المصرفية لعدة أشهر.
وفى بريطانيا يجب على الزوار فى كثير من الأحيان ملء استمارة من 10 صفحات لطلب الحصول على التأشيرة، بما فى ذلك تفاصيل كل رحلة فى الخارج على مدى السنوات العشر الماضية.
ويتطلب من رجال الأعمال المسافرين إلى الهند، توصية من صاحب العمل السابق، تؤكد قدرة أو كفاءة الشخص للعمل.
جاء ذلك فى الوقت الذى ألغت المكسيك، حكم يلزم طالبى التأشيرات، بما فى ذلك النساء التى تجبرهم على تقديم وصف لشواربهم.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فستبدأ العام الجارى تطبيق قواعد أكثر صرامة مع بعض المسافرين خاصة رجال الأعمال وغيرهم ممن لا يحتاجون تأشيرة لدخول إلى البلاد بسبب سفرهم إلى إيران، والعراق، وسوريا، والسودان، خلال السنوات الخمس الماضية.
وفى كثير من الأحيان، بدلا من تبسيط عملية الحصول على التأشيرة، تعهد الحكومات إسنادها إلى متعهدين من القطاع الخاص يجبرون المسافرين على دفع رسوم خدمة أعلى من المقررة للحصول على التأشيرة.
وتستفيد الشركات المانحة للتأشيرة من المسافرين الذين لا ينطبق عليهم الشروط، ومن فشل الحكومات فى عدم الأخذ بعين الاعتبار الأضرار الاقتصادية الناجمة عن متطلبات الحصول على تأشيرة الدخول.
وهناك ما يؤكد أن جميع المسافرين يقدمون نفس الوثائق فى كل مرة يريدون فيها السفر، أو أن تقديم تفاصيل مالية كبيرة يحمى الدول من الإرهابيين أو المهاجرين غير الشرعيين.
وأوضح تقرير صدر عام 2014 من البرلمان الأوروبى، أن سياسة الغاء التأشيرة هى الأفضل من أجل تحقيق النمو الاقتصادي، ويقدّر أن القواعد الصارمة للتأشيرة ربما تكلّف اقتصاد الاتحاد الأوروبى 250 ألف وظيفة بتكلفة 12،6 مليار يورو أى حوالى 13.8 مليار دولار سنويا فى صورة عائد مفقود، وأوصى بطلب وثائق أقل من المتقدمين، وتسليم تأشيرات أطول وتبسيط إجراءات الحصول على تأشيرة دخول بصورة كاملة.
ومنذ أن أصبحت بريطانيا، خارج اتفاقية «شينجن»، أصبح على الصينين الذين كان بإمكانهم القيام بجولة فى اوروبا، تقديم طلب للحصول على تأشيرة ثانية لعبور المانش، ويلتزم 6% فقط منهم بذلك، وفقا لشركة الأبحاث «يورومونيتور».
واشتكت هيئة السياحة البريطانية من أن سياسات التأشيرات فى البلاد كلّفتها نحو 2.8 مليار استرلينى، ما يقدّر بحوالى 4.1 مليار دولار سنويا فى صورة عائدات مفقودة.
ومع ذلك، تواجه الحكومات فى أوروبا وخارجها ضغوطا لتصعيب تقديم التأشيرات، فى ظل المخاوف من موجة طالبى اللجوء السوريين، وأماكن أخرى، فى الوقت الذى تنفق الهيئات الأخرى من نفس هذه الحكومات بشكل كبير لتشجيع السياحة والاستثمارات الأجنبية.