عندما طلبت إحدى أكبر شركات تطوير العقارات فى دبى من “مورجان باركر” الرئيس التنفيذى لعمليات التطوير فى شركة “روز روك”، مراجعة خطته التى تقدر قيمتها بـ20 مليار دولار لبناء أكبر مركز تجارى فى العالم يحيط به 100 فندق، اضطر إلى إعادة رسم المشروع من جديد.
وقدم باركر، خطة جديدة تتضمن تقليل حجم المشروع التابع لمجموعة “دبى القابضة“، مشيرًا إلى أنهم بذلك تخلوا عن تحطيم الأرقام القياسية.
وقالت وكالة “بلومبيرح” للأنباء إنه حتى خطة الإنشاء بعد التعديل ستواجه تحديات، لأن الاضطرابات السياسية، وانخفاض أسعار البترول، وتراجع قيمة المساكن فى دبى، جعلت الممولين، المتمركزين فى منطقة الخليج، قلقين حيال أية استثمارات جديدة.
كما تشعر الصناديق الدولية الكبيرة بالحذر تجاه القطاع العقارى فى دبى منذ التعثر عام 2009 بعد فورة الإنفاق على المشروعات المترفة بما فى ذلك الجزر الاصطناعية.
وقال غوراف شيفبورى، رئيس أسواق رأس المال فى شركة “جونز لانج لاسال”، لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: “لا يرغب معظم المستثمرين من المؤسسات فى تحمل مخاطر التطوير العقارى خصوصا فى مثل هذه الأوقات. ويفضلون عادة الأصول التشغيلية التى توفر دخولا فورية”.
وتشمل خطة مجموعة “دبى القابضة” الجديدة، إنشاء ثلاثة مراكز على عدة مراحل بدلاً من مركز تجارى كبير، مما يتيح للمشروع أن ينمو تدريجيًا حسب الطلب والاستثمارات. وتعتبر مشروعات “مانترا”، وفقًا لـ”باركر”، حاليا ضمن المشروعات الواقعية، التى تولد النقدية الفورية بدلاً من المبانى المكلفة، التى تهدف إلى تلميع صورة دبى الدولية.
وقال مصرفى سابق، 41 عامًا، لدى ﺑﻨﻚ “ﻣﻮرجان ﺳـﺘﺎﻧﻠى” اﻷﻣﺮﻳكى وﻣﺠﻤﻮﻋﺔ “ﻣﺎﻛﻮارى ﻏﺮوب” اﻻﺳﺘﺮاﻟﻴﺔ: “إننا نتجنب فكرة أن يكون هناك أكبر وأطول مركز تجارى. وأصبحت دبى مدينة ناضجة، والمستثمرون يبحثون عن مشروعات معقولة.. وفى النهاية، يأتى المال من مستأجرين يدفعون الإيجار”.
وأضافت الوكالة أن المشروع لا يزال طموحًا وفق معايير أى مدينة؛ إذ إن مساحة متاجر التجزئة، والتى تقدر بـ850 ألف متر مربع (9.15 مليون قدم مربع) ستجمع بين حى الموضة الشبيه بحى “روديو درايف” الراقى وبين المحلات التجارية فى الشوارع ومراكز التسوق التقليدية. كما ستكون هناك 35 بناية من المكاتب فى المشروع لدعم المحلات التجارية والمطاعم فى جميع أنحاء المنطقة، فضلاً عن بناء 8000 منزل، بداية من الشقق الفاخرة لسكن الطلاب إلى منازل الموظفين.
ورغم أن “دبى القابضة” تلقى دعمًا من حاكم الإمارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فإن قيمة المشروع والبالغة 20 مليار دولار تعنى أن الشركة تحتاج لمؤسسات استثمارية.
وأضاف المصرفى: “هذا مشروع كبير جدًا جدًا، وسيتطلب قدرًا هائلاً من العمل ورأس المال ليؤتى ثماره”.
وقال باركر: إن مجموعة “دبى القابضة” تجرى محادثات مع 6 مستثمرين مثل صناديق التقاعد الإقليمية والصناديق السيادية لتقييم الطلب، وامتنع عن تقديم أسماء.. لكنه قال إنه يهدف لإبرام اتفاقات شراكة مع مستثمرين العام الحالي، ويسعى وراء صناديق عقارية لها مستثمرون على المدى الطويل.
وأضاف جوراف شيفبورى رئيس أسواق رأس المال فى شركة “جونز لانج لاسال”: أن المستثمرين الإقليميين لا يزالون مهتمون بالقطاع العقارى فى دبى، لأنه قطاع قليل التأثر بالمخاطر الجيوسياسية والقانونية، التى أحبطت المستثمرين الدوليين.
ومع ذلك قال ريتشارد برادستوك، رئيس قسم الشرق الأوسط فى شركة استثمارات العقارات “آى بى جلوبال”: “يتعرض الاستثمار المحلى لضغوط بسبب تراجع أسعار البترول وعدم الاستقرار السياسى”.
وانخفضت أسعار المساكن على مدى 2015، وتتنبأ كل من “شركتى ستاندرد آند بورز” و”فيدار” الاستشارية بمزيد من التراجع العام الحالى. كما تراجع مؤشر “فيدار” للطلب العالمى على عقارات دبى بنسبة 83% العام الماضى، مدفوعًا بتقلبات أسعار الصرف.
ويذكر باركر، ما أخبر به أحمد بن بيات نائب الرئيس العضو المنتدب لمجموعة دبى القابضة، من أن الخطة الأصلية لتطوير المركز التجارى العالمى كانت تمثل إشكالية منذ عام مضى، نظرًا للأزدحام المحتمل الذى قد يسببه. والشركة نفسها تريد العمل على شىء يمثل جدوى للعملاء والمستأجرين والمدينة نفسها، لا سيما وأن التطوير سيكون على مساحة 400 فدان على طول شارع الشيخ زايد الرئيسى.
وكانت التصاميم الأولية ستخلق أكبر زحام مرورى فى تاريخ المدينة لأن الموظفين والزوار سيكون عليهم الحضور والمغادرة يوميًا. وتجنبًا لهذا الاختناق، سيجرى تخصيص 22 بوابة دخول وخروج على 4 شوارع، مقارنة بمناطق أخرى مثل “بى مارينا”، و”داون تاون”، التى توجد بها 5 بوابات خروج فقط.
وقال باركر، إن التحدى الأكبر هو تمكين الناس من التجول فى المشروع؛ خصوصا فى شهور الصيف الذى قد ترتفع خلاله درجة الحرارة إلى 45 درجة.
وأوضح أن بناء المشروع سيعتمد على تجنب ارتفاع درجات الحرارة عبر بناء الأبراج بالقرب من بعضها البعض، وتوفير مساحات من الظل بين المبانى، وهو ما سيحدث فرقًا ما، مشيرا إلى أن فكرة تكييف هواء المشروع بأكمله غير قابلة للتطبيق ماليًا. كما أنها غير مسئولة بيئيًا.








