خلص تحليل أجرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» إلى أن تراجع أسعار البترول أدى إلى انهيار أرباح شركات البترول البريطانية العاملة فى بحر الشمال، وارتفعت خسائرها للعام الماضى إلى 6 مليارات إسترلينى.
وتصاعدت الخسائر والديون لدى أكبر الشركات البريطانية الأكثر ربحاًً فى العالم جراء انخفاض أسعار البترول إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد من الزمان.
وبينت دراسة أجرتها مجموعة «كومبانى ووتش» لإدارة المخاطر المالية، أن نصف الـ 22 شركة بريطانية التى لديها عمليات فى بحر الشمال مازالت تتكبد خسائر، وأوضحت تقارير أنها خسرت 6.4 مليار إسترلينى خلال الـ 12 شهرًا الماضية.
وتظهر الاحصاءات التى أجرتها شركة «كومبانى ووتش» أنه مع انخفاض أسعار البترول، استعانت الشركات بكميات متزايدة من الديون للحفاظ على سبل تمويلها، مما أدى إلى مخاوف حول طول بقائها وسط الركود الراهن، فقد كان مجموع الديون على الشركات التى لديها عمليات فى بحر الشمال حوالى 63 مليار إسترلينى قبل خمس أعوام، واليوم تقترب من 92 مليار إسترليني.
وتسارعت وتيرة تراكم الديون لدى الشركات البريطانية، باستثناء الشركات الثلاث الكبرى – «شل» و«بريتس بتروليوم»، «بى.جى جروب»، وزاد صافى الدين إلى 7.6 مليار إسترلينى.
ودعا إيان كون الرئيس التنفيذى لشركة «سنتريكا»، المالكة لشركة الغاز البريطانية، الأسبوع الحالى للإعلان عن تخفيضات ضريبية واسعة فى قطاع صناعة البترول خلال ميزانية الشهر المقبل.
كما دعا تونى دورانت، الرئيس التنفيذى لشركة «بريمير أويل»، أحد أكبر الشركات البريطانية للتنقيب والإنتاج فى بحر الشمال، بضرورة السماح بالتدخل لحماية البنية التحتية لقطاع البترول حال تعرضها لمخاطر.
وسافر ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطانى، الأسبوع الماضى، إلى أبردين، مركز صناعة البترول البحرى فى المملكة المتحدة، لكشف النقاب عن حزمة دعم جديدة بحوالى 250 مليون إسترلينى شملت بناء مركز للمساعدة فى تطوير تكنولوجيا جديدة.
وسعى الوزراء البريطانيون لإيجاد سبل لإنقاذ صناعة البترول المنكوبة، وسط تزايد المخاوف من أنه إذا حاولت الشركات توفير تكاليف من وراء غلق بعض حقول البترول فلن تكون قادرة على تحمل إعادة فتحها مرة أخرى.
وأشارت شركة «وود ماكينزى» لاستشارات الطاقة فى إحصاءاتها إلى توقف شركات بريطانية عالمية عن إنتاج ما يعادل 100 ألف برميل يوميًا من البترول، فضلاً عن تكبدها خسائر من وراء إنتاجها 3.4 مليون برميل فى ظل تراجع الأسعار.
وجاءت هذه النتائج بعد مضى أسبوع على كشف بعض أكبر شركات البترول العالمية عن أسوأ نتائج فى تاريخها، ومازالت الآثار المترتبة على انخفاض الأسعار تتوالى على هذا القطاع، فقد تراجع سعر خام برنت من 115 دولاراً للبرميل فى صيف عام 2014 إلى 35 دولاراً الآن.
وأعلنت «بريتيش بتروليوم» الأسبوع الماضى أنها فقدت 2.5 مليار دولار (3.6 استرلينى) فى عام 2015 – وهى أسوأ خسارة سنوية لها على الإطلاق، كما أعلنت «إكسون موبيل»، أكبر شركة بترول فى العالم، انخفاض أرباحها بنسبة 58%، وانخفاض بنسبة 25% فى الإنفاق الرأسمالى للعام المقبل.
وأثر تراجع الأسعار العالمية على شركات البترول العاملة فى بحر الشمال، مع احتوائها على حقول بترول أكثر نضجًا فى العالم، وكذلك الأكثر تكلفة، وعلى الرغم من انخفاض الأسعار بشكل حاد فى الأشهر الـ 12 الماضية، إلا أنه لا يزال إنتاج البترول قبالة الساحل البريطانى أكثر تكلفة من أى مكان آخر، وذلك بفضل الضرائب المرتفعة نسبيًا وارتفاع تكاليف الموظفين وكذلك قوانين السلامة الصارمة.
وقال ديفيد روند، المحلل فى «بى.إم.أو كابيتال ماركتس»: «نجحت شركات فى خفض تكاليفها، ولكن منطقة بحر الشمال لا تزال واحدة من أكثر المناطق تكلفة بالنسبة للشركات العاملة بها، وهذا يعنى أن الشركات لا تزال تعانى من – نضوب التدفقات النقدية، واستمرار تزايد الخسائر وارتفاع مستويات الديون».
وقال إيوان ميتشل، رئيس قسم التحليل فى «كومبانى ووتش»، التى تقيم الوضع المالى للشركات إنه: «قبل خمس أعوام، كان قطاع البترول والغاز واحدًا من أكثر القطاعات أمنًا من الناحية المالية لدى الشركات البريطانية، وهو اليوم أحد أضعف القطاعات، مع تعثر المزيد من الشركات».
وأضاف «نصف الشركات البريطانية فى بحر الشمال تتكبد خسائر حاليًا ولا تزال مستويات الديون آخذة فى الارتفاع ولن نُفاجأ إذا أعلنت بعض من الشركات الصغيرة عن إفلاسها قبل نهاية العام الجارى».








