عدم كفاءة شبكة الأمان الاجتماعى ترجئ خطوة تعويم الجنيه
قال تقرير صادر عن بحوث شركة «مباشر» القابضة، إن مصر تحولت نظام سعر الصرف ذو المستويين أو سعر الصرف المزدوج، وهو ما يسمح بتنفيذ سعرين منفصلين للعملة فى كل من الحساب الجارى والمعاملات الرأسمالية.
وأضاف التقرير، أن قرارات تنظيم عمليات الاستيراد جعلت البنك المركزى يصدر تعليمات للبنوك للحفاظ على هامش التحوط ضد تقلبات أسعار الصرف، ما يعنى التخلى ضمنياً عن نظام سعر الصرف الثابت، رغم من ذلك نفى طارق عامر، محافظ البنك المركزى إمكانية تعويم الجنيه أو تخفيض قيمة العملة فى الفترة المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن مصر طبقت هذا النظام فى عام 1973، وجعلت هناك سعر للحكومة وآخر للبنوك التجارية، ولاحقاً فى العام 79 تم تصنيف معاملات كثيرة على أنها غير حكومية، وتركت السلع الاستراتيجية ومدفوعات خدمات الدين وفقاً لسعر الحكومة.
تابعت أن هذا النظام ساد إلى أن تم توحيد سعر الصرف بعد توجيهات صندوق النقد الدولى والبنك فى التسعينيات وتنفيذ برنامج إصلاح هيكلى اقتصادى شامل.
وقال التقرير، إن تحريك سعر الصرف الرسمى ليصل إلى السعر الحقيقى يتطلب اختيار التوقيت المناسب وبناء الاحتياطيات الكافية لإحكام السيطرة، مشيرة إلى أن صانعى السياسات الاقتصادية فى مصر لديهم إدراك تام بأن سعر صرف الثابت لن يستمر.
وكشف عن الأسباب التى تعتقد أنها منعت واضعى السياسة فى البدء بإجراء التعويم الفورى، وتمثلت فى غياب غطاء كافٍ للسيطرة على تعويم الجنيه، لافتاً إلى أن الغطاء الكافى يعنى ما يكفى لإقناع المضاربين أن البنك المركزى قادر على القضاء على هجماتهم.
كان محافظ البنك المركزى طارق عامر قد قال الأسبوع الماضى، إن خطوة تعويم الجنيه لن تتم قبل بناء احتياطى جيد من النقد الأجنبى يتراوح بين 25 و30 مليار دولار.
أوضحت أن السبب الآخر الذى منع واضعى السياسة النقدية اتباع التعويم الفورى هو عدم كفاءة شبكة الأمان الاجتماعى الحالية، خاصة لأن معدلات التضخم ترتفع بالتوازى مع سياسة التعويم.
قالت إن الواردات من الوقود والمواد الخام والسلع الوسيطة تمثل ما يزيد على 60% من إجمالى الواردات فى السنة المالية 2014-2015، ونظراً لأن الطلب على هذه الواردات غير مرن ما يضيف تلقائياً المزيد من الأعباء التضخمية حال تنفيذ سعر صرف رسمى يقترب من سعره الحقيقى.
تابعت أنه فى هذا الصدد، فإن تطبيق التعريفات الجمركية مؤخراً على مجموعة واسعة من الواردات بجانب التوقع بتنفيذ ضريبة القيمة المضافة من شأنهما أن يرفعا مستويات الأسعار.
وفى ظل الارتفاع فى معدلات التضخم، فإن سياسة سعر صرف المزدوج تعد آلية لدعم أسعار السلع الاساسية، فى حين أنه من الممكن أن تكون أكثر فعالية حال الشروع فى تعويم سعر صرف الجنيه بالتوازى مع كثرة الدعم المباشر من خلال شبكة الأمان الاجتماعى الحالية التى تمثل كفاءتها مصدراً للقلق.
ذكرت مباشر، إن اتباع هذا النظام لسعر الصرف يكسب به البنك المركزى بعضاً من الوقت الإضافى للتشاور، ووفقاً للنظام الحالى فإن شريحة واسعة من المجتمع يجمع العملة الأجنبية بسعر السوق.
وقال التقرير، إن الواقع يبين الابتعاد عن سعر التوازن واستمرار وجود سعرين من أسعار الصرف ما يترك مجالاً للمضاربات رغم أى قيود أو ضوابط، مضيفة أنه فيما يتعلق بتقيم الأسهم، من الممكن أن يقيم محللو الأسهم الشركات حالة بحالة اعتماداً على نشاطها الأساسى.
وتوقعت استمرار حصول الشركات المستوردة والمصدرة التى تشملها قائمة البنك المركزى ذات الأولوية على العملات الأجنبية بالسعر الرسمى من البنك المركزى وغير ذلك سيحصل على العملة بسعر السوق واعتماداً على نفسها.
قالت مباشر، إن البنك المركزى قام بالفعل بخطوة أولى للابتعاد عن نظام سعر الصرف الثابت الصارم، وبالتالى قوى السوق لديها مجال، وإن كانت محدودة، لتحديد سعر صرف الجنيه.
أوضحت أن سعر الصرف لايزال مرآة لحالة الاقتصاد، ما يعنى مزيداً من الإصلاحات للسيطرة على عجز الموازنة ووضع إطار قانونى مشجع للاستثمار وغيرها من التدابير لإعادة بناء وضع الاستثمار فى مصر.
وقالت إن التقلبات فى وضع الاقتصاد المصرى فى المدى القصير مازالت مصدر قلق، إلا أن النظرة فى المدى المتوسط والبعيد مرتفعة جداً إذا التزمت الحكومة بتعهداتها بالإصلاحات.