زاد الحديث فى الآونة الأخيرة عن الاتجاه لإجراء تغيير وزارى قبل القاء بيان الحكومة أمام مجلس النواب نهاية الشهر.. وهذا التغيير الوزارى سيكون آخر تشكيل حكومى يجريه رئيس الجمهورية منفرداً إذ انه طبقاً للدستور عليه ان يعرض أى تشكيل وزارى على البرلمان للموافقة عليه.. وإذا كنا بالفعل فى حاجة لتغيير وزارى يأتى بدماء جديدة وأصحاب أفكار جديدة قادرة على ايجاد حلول للمشكلات الاقتصادية والخدمية التى تعانى منها البلاد والتى بعضها ينذر بخطر اذا ما تأخرنا فى حلها.. وتحديداً الأزمات الاقتصادية فى ظل تراجع والنقص الحاد فى الموارد من العملات الأجنبية وزيادة عجز الموازنة وارتفاع حجم الدين العام المحلى والخارجى والتراجع الحاد فى الاستثمارات المحلية والأجنبية وانخفاض قيمة الصادرات.. إذاً هذا التعديل الوزارى المرتقب لا يجب ان يكون مثل ما سبق هذه المرة نحتاج لأصحاب رؤى وأفكار جريئة للتعامل مع هذه المشكلات.. نحتاج لقيادات تواجه هذه المشكلات وتدمر بؤر الفساد والبيروقراطية ولكن اختيار الوزراء الجدد يتوقف على رؤية القائد لهذه البلاد ماذا يريد لهذه البلد وإلى أين يتجه بها.. نعم يجب ان تكون هناك رؤية واضحة إلى أين نحن ذاهبون بهذا البلد إلى تحقيق تنمية حقيقية أم العودة إلى ما سبق من نظم سابقة.. هل نطمح فى دولة الدستور هو الذى يحكم والقانون هو الذى يسود.. هل نحن نعمل جميعاً من أجل الارتقاء بمستوى معيشة المواطن وأى مستوى نريده له مستوى الدول المتخلفة أم المتقدمة.. هل نحن ندرك ان الفارق أصبح كبيراً بيننا وبين الدول النامية وليس المتقدمة نعم نحن فى حاجة لتعديل المسار قبل التفكير فى التعديل الوزارى والا سيقع الوزراء الجدد فى نفس أخطاء الوزراء السابقين رغم ان منهم من كان من أكفأ الشخصيات فى تخصصه سواء الأكاديمى أو العملي.
ولكن لا يجد رؤية واضحة للدولة.. فإذا كانت الدولة كل يوم تقول انها تشجع الاستثمار وتحث المستثمرين على القدوم لمصر.. ثم نفاجأ بسياسات تطفش الاستثمار لا أراضى جاهزة للمصانع ناهيك عن البيروقراطية والأيدى المرتعشة والسياسات المتضاربة والفساد المنتشر فى كل مكان.
هل يعلم أحد أى نظام اقتصادى نتبعه اقتصاد حر أم مختلط هل سمع أحد ان لدينا خطط التطبيق للعدالة الاجتماعية.. هل سمعتم عن خطط وسياسات واضحة لإنقاذ الصادرات المصرية من الغرق.. هل لدينا صناعة وطنية أو منتج صنع فى مصر صالح للتصدير بمعنى آخر هل لدينا تصنيع من أجل التصدير؟!.
لماذا لا نقرأ التاريخ وندرس تجارب الدول الأخرى وما جدوى الزيارات الخارجية لكل هذه الدول اذا لم نتعلم من تجاربها ونستفيد من خبراتها.. ليس فى ذلك عيباً أو اهدار لعراقة مصر التى علمت العالم فى سنوات ظلامة منذ آلاف السنين الآن جاء علينا الدور لنتعلم منهم لا ضرر فى ذلك.
سيذكر التاريخ ان جمال عبدالناصر كان صاحب مشروع وطنى للعدالة الاجتماعية بعض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع سياساته، الأمر نفسه مع الرئيس السادات الذى انتصر فى الحرب ونجح فى إقامة المدن الجديدة فى أكتوبر والسادات والعاشر من رمضان والعبور ومدن القناة.. كذلك مبارك الذى نشر المدن والمناطق الصناعية فى كل المحافظات ولكن دون استراتيجية واضحة فأصبحت مجرد هياكل خرسانية دون إنتاج.. لابد من مشروع وطنى حقيقى يعود على الناس بالنفع المباشر.
ما جدوى العاصمة الإدارية الآن ولماذا المبالغة بأن تتحمل الدولة استصلاح المليون ونصف مليون فدان لماذا لا نترك ذلك للقطاع الخاص والمستثمرين ألم نتعلم من تجربة توشكى وهل نحن لدينا الرفاهية لإقامة مثل هذه المشروعات التى نظل نتغنى أنها للأجيال القادمة وكأن قدر الأجيال الحالية ان تظل تكافح وتعمل من أجل القادم فمتى ستعيش هذه الأجيال اذا؟.






