حتى لو تمكنت مصر من وضع نهاية لخلاف يتعلق بالسياسة الخاصة بواردات القمح قريبا فإن تلك الخطوة ستأتي متأخرة جدا وستكون ضئيلة جدا بالنسبة للمصدرين الفرنسيين الذين يعانون من أجل التخلص من المخزونات بعد عام تسويقي مخيب للآمال سلط الضوء على اعتماد باريس على شمال أفريقيا.
وتعاني فرنسا أكبر منتج للقمح في الاتحاد الأوروبي والتي عادة ما تبيع نصف إنتاجها في الخارج من مشكلات في بيع المحصول القياسي لحصاد 2015 وهو ما قد يترك لها أكبر مخزون على الإطلاق في نهاية الموسم منذ 17 عاما.
واكتسبت الصادرات زخما منذ منتصف الموسم الذي يمتد من يوليو تموز إلى يونيو حزيران انسجاما مع معدل الحركة الذي جرى تسجيله في السنوات الأخيرة وشهد تدشين فرنسا لحملة التصدير على مهل مقارنة بالأنواع الأرخص ثمنا القادمة من منطقة البحر الأسود.
لكن تذبذب التجارة مع مصر أكبر مستورد للقمح في العالم منذ أواخر ديسمبر كانون الأول حد من مبيعات فرنسا في ذروة موسم التصدير وهو ما لا يترك أمام المصدرين وقتا طويلا لإيجاد وجهات بديلة في سوق عالمية بها إمدادات جيدة.
ويتوقع الخبراء حاليا انخفاض الصادرات الفرنسية من القمح اللين خارج الاتحاد الأوروبي في 2015-2016 دون المستوى الذي تحقق العام الماضي والذي بلغ 11.4 مليون طن على الرغم من حقيقة أن الحصاد القياسي أضاف ثلاثة ملايين طن للكميات المطروحة للبيع هذا العام.
يقول ألكسندر بوي من شركة أجريتيل للاستشارات “الحقيقة أن فرنسا ستعاني الآن كي تتجاوز صادراتها 11 مليون طن. كان من المفترض أن تكون الصادرات أقوى في بداية الموسم لتجنب الوقوع في أزمة في النهاية.”
وواصلت مصر شراء بعض الكميات من القمح من فرنسا ومن ذلك 120 ألف طن اتفقت على شرائها يوم الأربعاء الماضي الهيئة العامة للسلع التموينية المشتري الحكومي للقمح في مصر.
لكن القليل من التجار يعرضون بيع قمح فرنسي بعد رفض شحنة منه في ديسمبر كانون الأول وهو قرار تسبب في خلاف بشأن السياسة التي تطبقها مصر فيما يتعلق بنسبة الإصابة بطفيل الإرجوت في واردات القمح.
ويُنظر إلى الإشارات على أن مصر تعود للقبول بالنسبة المعترف بها عالميا فيما يتعلق بالإصابة بطفيل الإرجوت على أنها خطوة متأخرة جدا.
وقال أحد التجار الفرنسيين عن مصر “إذا عادوا إلى مناقصات الاستيراد الطبيعية .. فسيكون ذلك قرب نهاية الموسم عندما يكون حصادهم المحلي في ذروته.”
وخفضت شركة استراتيجي جرينز للخدمات الاستشارية يوم الخميس توقعاتها لمبيعات القمح الفرنسي لمصر هذا الموسم 25 في المئة إلى 750 ألف طن مما يعكس الشعور السائد بأن من غير المرجح أن تبيع فرنسا لمصر كميات كبيرة أخرى بخلاف 600 ألف طن تم التعاقد عليها إلى الآن.
وتلقت الصادرات الفرنسية بعض الدعم من صفقات بيع في الآونة الأخيرة مع المغرب بالإضافة إلى بعض الصفقات مع آسيا. لكن المصدرين يقولون إن فرنسا بحاجة إلى بيع المزيد في وقت مبكر من الموسم حتى إذا كان ذلك يعني التخلص من القمح بأسعار أقل لمنافسة منتجي منطقة البحر الأسود.
وقال بيير دوكلوس من لوكورور للتجارة خلال المؤتمر السنوي لمنظمة فرانس إكسبورت سيريالز يوم الأربعاء “نميل عادة إلى إسراع الخطى بدءا من يناير. هذا جيد عندما يكون لدينا 11 مليون طن متاحة للتصدير لكن عندما يكون هناك 15 مليون طن علينا التخلص منها فإن الوقت متأخر جدا.”
وتقول فرانس إكسبورت سيريالز- وهي جماعة معنية بدعم تجارة الحبوب في فرنسا- إن الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر اعتادت إتمام نحو نصف مشترياتها في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة التسويقية وثلاثة أرباع الكمية المطلوبة خلال الأشهر الستة الأولى.
ويقول تجار إن الصادرات الفرنسية في الموسم الحالي تضررت من إحجام المزارعين عن بيع المحصول مع انخفاض الأسعار مما سمح لمنتجين آخرين في الاتحاد الأوروبي مثل بولندا ودول البلطيق بكسب حصة سوقية في الجزائر.
في الوقت ذاته شجعت الجودة المتوسطة للقمح الفرنسي زبائن مهمين مثل المغرب على شراء المزيد من القمح من مصادر أخرى.
وتقول فرانس إكسبورت سيريالز إن قطاع القمح الفرنسي يحاول عكس الاتجاه النزولي في محتوى البروتين وهو معيار مهم للمطاحن. لكنه بحاجة أيضا إلى العمل على تخفيض مستويات الرطوبة التي حالت دون وصول المنتج إلى القطاع الخاص في مصر والذي يتساوي حجم وارداته تقريبا مع حجم واردات الهيئة العامة للسلع التموينية.