صندوق النقد الدولى: الدولة ربما تعلن إفلاسها قبل 2018
وسط محال الملابس والمجوهرات الممتدة على طول الشارع الراقى فى بنغازى، يوجد نوع آخر من المتاجر، ألا وهى متاجر العملة.
ونقلت وكالة أنباء «بلومبيرج»، أنه على مرأى ومسمع من الشرطة وقوات الأمن الليبية، فإن النوع الأخير من المحال متورط فى تجارة العملة الأجنبية غير القانونية.
وقال محسن أحمد، البالغ من العمر 22 عاما والذى يتاجر فى العملة للوكالة: «إننا لا نخرق القانون، لأنه ليس هناك قانون يمكن أن نلتزم به».
ونقلت وكالة أنباء «بلومبيرج»، أن تداول الدولار، هو واحد من العلامات الأكثر مدعاة للقلق من انهيار السلطة منذ الاطاحة بمعمر القذافى عام 2011، مما يقوض جهود رئيس الوزراء فايز السراج، لتوحيد البلاد تحت إدارة تدعمها الامم المتحدة.
وأضافت أن تجارة العملة غير الشرعية تحبط جهود البنك المركزى لإدارة الاقتصاد، وتساهم فى دفع أزمة السيولة، وتتسبب فى رفع الأسعار، وتغذى الفساد، وتنظم الجريمة.
وأشارت الوكالة، إلى أن مهمة سراج، يمكن أن تكون أكثر صعوبة، بعد مساندة الفصائل الشرقية الحكومة فى طرابلس، وانتشار تهريب المهاجرين والبضائع والأسلحة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يسيطر فيه تنظيم «الدولة الإسلامية» على حوالى 250 ميلاً من ساحل البحر المتوسط فى مدينة سرت.
وتراجعت عائدات البترول بعد انهيار الأسعار وتقلص الانتاج بنسبة 80% فى وقت تستنزف فيه الإضرابات العمالية والهجمات على المنشآت النفطية خزينة الدولة فى بلد تقوم فيه الحكومة بدفع 85% من رواتب الموظفين.
وقالت كلوديا جازينى، كبيرة المحللين فى مجموعة الأزمات الدولية، إن المشهد الاقتصادى كله مهم لسراج، والعملة فى السوق السوداء إحدى مظاهر التحدي.
ومنع البنك المركزى تجارة العملة لحماية تضاؤل احتياطيات العملة التى تراجعت إلى 68 مليار دولار الشهر الحالي، من إجمالى 110 مليارات دولار عام 2013، وتمكن التجار غير الشرعيين من تحقيق الربح.
وأكد مصرفيون، أن الصيارفة والمستوردين الذين تمت مقابلتهم فى 5 مدن ليبية استخدموا فواتير مزورة لشراء مئات الآلاف من الدولارات بالسعر الرسمى، وبدلاً من استخدام المال لدفع ثمن الواردات، يبيعون العملة فى السوق السوداء بمعدل أعلى.
وتتقلب أسعار صرف الدولار حسب المنطقة، لكنها وصلت إلى 4 دنانير للدولار فى وقت سابق من الشهر الحالى بسبب تقلص فرص إحياء أسعار البترول واشتداد الصراع بين الفصائل فى ليبيا.
وبلغ متوسط سعر صرف الدولار 3.8 دينار للدولار الواحد الشهر الحالى، أى أكثر من ضعف السعر الرسمى الذى بلغ حوالى 1.37 دينار.
وأكدّت الوكالة، أن السوق السوداء أصبحت جزء لا يتجزأ من الحياة، إذ باتت قنوات التلفزيون تعرض تقرير أسعار الصرف اليومية فى طرابلس، وبنغازى.
وأعلنت محكمة التدقيق فى طرابلس، الشهر الماضى أن تجارة السوق السوداء سببت أضراراً بالغة للاقتصاد الليبى وتصاعد عملية انهيار الدولة.
وقال صندوق النقد الدولى العام الماضى أن ليبيا، تسير نحو الإفلاس وسيتحقق ذلك فى عام 2018 وقد تحققه قبل ذلك.
وقال ريتشارد كوكرين، أحد كبار المحللين فى «اى اتش اس جلوبال انسايت»، إن الآثار ستكون مدمرة فى بلد تقدر الأمم المتحدة أن حوالى 2.4 مليون نسمة فيه، أو ثلث السكان قبل الحرب، فى حاجة إلى المساعدات الإنسانية، فى حين أن 20% منه يعانى من سوء التغذية.
وتدفع هوامش الربح الكبيرة، من تجارة العملات، لإرسال شحنات مزيفة إلى ليبيا كجزء من عملية الاحتيال من الفواتير المزورة.
وقالت وكالة الجريمة المحلية، أنه تم العثور على8 حاويات من المفترض أن تحمل قضبان الألمنيوم وجدتها فارغة فى ميناء «خمس»، فى السابع من الشهر الحالي.
وكشفت لجنة التدقيق أنه تم العثور على 51 حاوية فارغة العام الماضي، بالإضافة إلى 118 حاوية فى طرابلس، و139 فى مصراتة.
وأكدّ مسئولون أن الأرقام الحقيقية هى على الأرجح أعلى من ذلك بكثير، ومن المستحيل ملاحقة المخالفين بسبب الفساد، وحاول البنك المركزي، تضييق الخناق على التجارة غير الشرعية للعملة، ولكن ليست هناك وسيلة حقيقية لمعاقبة المخالفين فى ظل غياب عمل القضاء.
وفى أحد الأمثلة البارزة، ذكرت وسائل الإعلام المحلية فى يونيو الماضي، أنه تم اختطاف ثلاثة محققين من البنك فى تاجوراء، من قبل الميليشيات بعد عثورهم على وثائق مزيفة.
وأوضح الخبير الاقتصادى الليبى عمرو فركش، أن ما يقدر بحوالى 24 مليار دينار توجد فى الشوارع، مشيراً إلى أن الدولة تستلزم أن يكون لها اليد العليا للسيطرة على التجارة غير المشروعة للعملة، وسيتعين على الحكومة خفض قيمة الدينار.
لكن ذلك، ليس هو الحل فى الوقت الراهن








