فى عام 2012 منحت الدول الغربية مالاوى، الدولة الواقعة فى جنوب شرق أفريقيا، 1.17 مليار دولار من المساعدات لتبلغ نسبة المساعدات الخارجية 28% من دخلها القومى الإجمالى.
وقالت مجلة «ذا إيكونوميست» إنه فى السنة التالية من تقديم تلك المساعدات سرق المسئولون الفسدة ورجال الأعمال والسياسيون 30 مليون دولار على الأقل من خزينة الدولة وأعلنت حينها ألمانيا أنها ستساعد فى عملية التحقيق ولكن فى وقت لاحق اقتحم اللصوص منزل مسئول ألمانى وسرقوا وثائق تتعلق بهذه الفضيحة.
وكشفت المجلة أن الدولة ما زالت تتلقى الكثير من المساعدات الخارجية، حيث حصلت على 930 مليون دولار فى عام 2014، ولكن الجهات المانحة تحاول إبعاد هذه النقدية عن أيدى الحكومة.
وبإمكان المساعدات الخارجية أن تفعل العجائب، فقد وضعت هذه الأموال كوريا الجنوبية وتايوان على طريق الثراء وساعدت فى القضاء على مرض الجدرى فى السبعينيات وأنهت على معظم حالات شلل الأطفال ولكن للأسف، كما يظهر فى مالاوى، فهذه المساعدات عرضة للاختلاس من قبل المحتالين.
وكشفت «ذا ايكونوميست» أن المساعدات الإنسانية يمكن أن تفسد الأسواق وتدعم الحكام المستبدين وتساعد على إطالة أمد الحروب الأهلية.
وقبل عقد من الزمان قامت الحكومات الغنية والفقيرة بتعريف المساعدات النافعة على أنها المساعدات الموجهة لتحسين أحوال الكثير من الفقراء وليس ضمانًا لدعم الحكام المستبدين ورجال الأعمال.
وقال ويليام إيسترلى، من جامعة «نيويورك»، ينبغى تنسيق تلك المساعدات بحيث لا تدعم الحكومات المستبدة.
وبعد انتهاء الحرب الباردة، وامتلاك الغرب الكثير من الأموال، اتفقت الدول المانحة للمساعدات على أن المساعدات يجب أن تذهب إلى بلدان حرة نسبيًا وحكمها جيد.
وأوضحت المجلة أنه بدون الأخذ فى الاعتبار هذه الشروط فالكثير من المساعدات لن تذهب للفقراء ولا للدول التى تتمتع بإدارة جيدة، وبالتالى سوف يزداد الأمر سوءًا.
وتحاول الجهات المانحة مكافأة الأنظمة الجيدة ومعاقبة السيئة، ولكن تم تقويض جهودهم، ونفد صبرهم من جانب البلدان الأخرى المتلقية للمساعدات.
وكشفت «ذا ايكونوميست» أن المساعدات الإنمائية الرسمية والتى تشمل المنح والقروض وتقديم المشورة الفنية والإعفاء من الديون تبلغ قيمتها نحو 130 مليار دولار سنويًا، ويتدفق الكثير من هذه المساعدات من برلين ولندن وباريس وطوكيو وواشنطن.
وعلى الرغم من سخاء البلدان الواقعة فى شمال أوروبا فإن أكثر من خُمسى تلك المساعدات يتدفق من خلال الجماعات المتعددة الأطراف مثل «البنك الدولى» و«الأمم المتحدة» و«الصندوق العالمى».
وأنفقت تلك المؤسسات العام الماضى 9% من إجمالى المساعدات على اللاجئين فى البلدان المانحة، وهو ما يعكس الموجة الكبيرة من المهاجرين إلى أوروبا.
وتدفقت تلك المساعدات على بعض الأماكن دون غيرها، ففى الهند يعيش حوالى 275 مليون نسمة على أقل من 1.90 دولار فى اليوم، وحصلت الدولة على 4.8 مليار دولار من المساعدات فى 2014 أى بمثابة 17 دولارا لكل شخص فقير.
وأشار أوين باردر، من مركز «التنمية العالمى»، وهو مؤسسة فكرية، إلى أن معظم الدول الغربية تقدّم مساعداتها إلى الأنظمة الصديقة والمستعمرات السابقة.
وحصلت أفغانستان ومصر والأردن وسوريا وتركيا على المزيد من المساعدات الصافية أكثر من بنجلاديش فى عام 2014 على الرغم من أنهم لا يضمون أكبر عدد من الفقراء.
ووعد الاتحاد الأوروبى بتقديم المزيد من المساعدات للدول الأفريقية والشرق أوسطية التى تضيق الخناق على المهاجرين.
وتعمل الجهات المانحة فى كثير من الأحيان على مكافأة الإصلاحات الديمقراطية وتحاول أيضا معاقبة الفساد والتراجع.
وارتفع صافى المساعدات الخارجية لتركيا الدولة الاستبدادية على نحو متزايد وليست ضمن البلدان الفقيرة بأكثر من عشرة أضعاف بين عامى 2004 و2014 ليبلغ صافى المساعدات 3.4 مليار دولار فى تلك الفترة.








