تراجع الطلب فى دول تصدير السلع الأساسية لضعف النشاط الاقتصادى
الشركات تستهدف البلدان الجاذبة للمشروعات الممولة باستثمار أجنبى
80 % حصة جنوب أفريقيا فى دول جنوب الصحراء
عندما عقدت شركة كيه بى إم جى الاستشارية مؤتمرها الأول فى للتأمين فى شرق أفريقيا فى فبراير الماضى كان عدد المشاركين مفاجئا للمنظمين، حيث حضرت 100 شخصية ممثلى للشركات الكبرى المتنافسة، وقد حضر نفس العدد تقريبا جلسة عمل للقطاع فى يونيو الماضى.
قال جيمس نورمان المدير الإقليمى للشركة إن هناك ضجة حقيقية حول القطاع بسبب الفرص الهائلة المتاحة بفضل ارتفاع نسبة الشباب بين السكان ونمو مضطرد للطبقة المتوسطة على نطاق واسع فى القارة السمراء مشيرا الى أن هناك جيلا جديدا من المستهلكين المتمرس من ذوى الدخل القابل للتصرف ومشاريع البنية التحتية الكبيرة، التى يجرى بناؤها من قبل الحكومات.
ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن لوكاس مولر رئيس وحدة شمال أفريقيا ودول جنوب الصحراء الكبرى فى شركة سويس رى لإعادة التأمين قوله إن هناك طفرة كبيرة فى المنطقة، واصفا إياها بأنها بمثابة «عملاق يستيقظ» موضحا ان القارة السمراء لديها فرص كثيرة ومتنوعة بداية من البنية التحتية والزراعة الى التموين بفضل الطبقة الوسطى المتنامية.
وأضاف أن سوق التأمين يرتبط ارتباطا وثيقا بالنمو الاقتصادى فعندما ترتفع دخول الأفراد والدول يكون هناك أصولا أكثر فى حاجة للتأمين لكن هذه الصورة متباينة نسبيا من بلد الى آخر كما يظهر فى دول جنوب الصحراء الكبرى.
وتستحوذ دولة جنوب أفريقيا على ما يقرب من 80% من مجموع أقساط التأمين فى دول جنوب الصحراء الكبراى فى افريقيا، ويبلغ معدل انتشار التأمين (إجمالى قيمة أقساط التأمين كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى) حوالى 13%، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمى المتقدم. تتوزع الـ20% الأخرى بين كينيا، وهى من الدول المتقدمة فى مجال التامين بمعدل انتشار قدره 3% فى المقابل تتقلص النسبة فى نيجيريا الى حوالى 0.3% على الرغم من أنها أكبر اقتصاد فى أفريقيا.
هذا التنوع يعكس نموذج الاقتصاد الأوسع فى القارة وهو اقتصاد الدول التى تعتمد على تصدير السلع الأساسية، مثل نيجيريا وأنجولا والتى تكافح من أجل تحقيق نمو قائم على مشروعات حقيقة فى حين أن الدول ذات الاقتصادات الاقل اعتمادا على السلع الأساسية يكون نشاطها أكثر تنوعا مثل ساحل العاج وتنزانيا وكينيا، وهى فى حال أفضل بكثير.
وترى دلفين ماديو الرئيس التنفيذى لذراع شركة اليانز للتامين فى أفريقيا أنه يجب على شركات التأمين التركيز على الأسواق التى تحصل على قدرا أكبر من الاستثمار الاجنبى المباشر الموجه للمشروعات، ولكن لا يمكن تجاهل ما يسمى بدول اقتصاد «القاعدين» على اساس استراتيجية تنويع المحافظ التامينية تحسبا لاى انقلاب فى الدورة الاقتصادية.
وتتبع بالفعل أليانز هذه النصيحة ففى أكتوبر الماضى افتتحت قسما فى كينيا وهو رقم 12 فى دول جنوب الصحراء الكبرى فى افريقيا. ويأتى ذلك بعد عام من قيام شركة برودنيشيال للتأمين ومقرها فى لندن ببدء عملياتها فى نيروبى حيث أكبر اقتصاد فى شرق افريقيا، على الرغم من أن ذلك كان من خلال شراء شركة محلية تسمى شيلد للتامين وفى ديسمبر 2013 اشترت ايضا شركة اكسبرس للتأمين على الحياة فى غانا لدخول هذا السوق النامى.
وهناك صفقات اخرى منها شركة جنوب افريقيا القابضة ام ام اى حيث اشترت ثلثى شركة كانون للتامين فى كينيا العام الماضى، والتى اندمجت بعد ذلك مع متروبوليتان لايف الكينية.
ويتوقع معمر الإسماعيلى وهو محلل فى مركز اكسوتكس لابحاث التأمين فى نيروبى أن يكون هناك المزيد من الاندماج ولا سيما فى دول شرق أفريقيا، مشيرا الى أن هناك العشرات من اللاعبين، ولكن السيطرة على السوق تقع بيد حفنة من الشركات. واضاف أنه فى ظل قواعد كفاية رأس المال الجديدة القادمة فى كينيا فى عام 2018 فإن العديد من الشركات ستكون مضطرة للاندماج أو تكون ضحية لصفقة استحواذ إذا كانت تريد البقاء على قيد الحياة.
واشارت صحيفة فاينانشال تايمز فى تقريرها الى أن القواعد الجديدة فى كينيا، والتى تدخل حيز التنفيذ فى عام 2018، هى جزء من ما يقول محللون إ اتجاه متزايد لتحسين عملية تنظيم السوق وإن كان ذلك يخفض قاعدة السوق مع وجود الحاجة إلى إنفاذ اللوائح بشكل أكثر حزما.
ولفت التقرير الى أن هناك فجوة فى الثقة، فالناس لا يشترون التأمين لأنهم لا يثقون فى مقدمى الخدمات بسبب السمعة السيئة لتاخير دفع المطالبات بسرعة إلى حد ما أو عدم سدادها بشكل صحيح وهى تعد النقطة الشد ألما فى جميع أنحاء القارة.
ومن الأمثلة على ذلك الحاجة إلى إنفاذ اللوائح بطريقة أكثر صرامة هى مدى الغش فى السوق حيث يقدر نورمان أن أقساط التأمين فى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يمكن ان تقكون اقل بنحو 20% إذا لم يكن هناك احتيال.
جزء من السبب فى حدوث الغش يعود الى فشل شركات التأمين على الابتكار فى ادارة التكاليف او تتبع العملاء والأهم من ذلك، التعرف على عملائها.
لكن هناك بعض المبادرات الناشئة على صعيد الابتكار ففى نيجيريا على سبيل المثال بدات مواقع مقارنة الاسعار تظهر على الإنترنت مثل توبتشيك وفى الوقت نفسه وهو يأتى فى سياق ارتفاع الطلب على الخدمات التامينية عبر مواقع الإنترنت التى تم إنشاؤها مؤخرا.
ومن الابتكارات المهمة التى رصدتها شركة اليانز للتوسع فى استخدام تكنولوجيا استخدام الأقمار الصناعية لتقييم طلبات استصلاح الاراضى الزراعية والتى تصبح ذات أهمية متزايدة نظرا لنمو النشاط التأمين فى قطاع الزراعة التجارى فى السنوات الأخيرة، وهو امر جيد لشركات التأمين عن تقييم مشروعا ما خصوصا بهدف تحديد السعر المناسب فبدون الاقمار الصناعية ترتفع نسبة المخاطرة فى اختيار الاراضى الصالحة للزراعة.
ومع ذلك، فإنه فى الطرف الآخر من السوق وهو التأمين متناهى الصغر هنك اهتمام كبير كما تقول كاترينا كيريلى رئيسة وحدة تطوير الأعمال الأفريقية فى مؤسسة بيما، التى تقوم بتوزيع وإدارة المدفوعات التأمين متناهية الصغر فى 15 بلدا ناميا مشيرة الى ان التأمين ليس فقط للأثرياء. وأوضحت انها تخدم نحو 23 مليون عميل 40% منهم فى دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يعيش 60% منهم على أقل من 2.50 دولار فى اليوم.
وتقدم الشركة التأمين على الحياة بأقساط منخفضة تصل إلى نصف دولار شهريا مقابل دفع تعويضات محتملة 500 دولار مع توفر منتجات سهلة ويفهمها العملاء البسطاء مثل سداد الفواتير الطبية نقدا بدلا من التغطية التامينية.
وتؤكد كيريلى على ان السوق الافريقية فى تحتاج الى تصميم منتجات بسيطة تناسب العملاء بالاضافة الى التوعية للعملاء وبذل جهد اكبر فى توزيع النشاط للوصول الى مناطق ابعد مضيفة ان العمل فى القارة السمراء لا يتعلق بالقدرة على تحمل التكاليف فقط لكنه تجربة الوصول وبطريقة بسيطة بما فيه الكفاية لضمان التواصل وعدم حدوث ارتباك فى العلاقة بين أطراف العملية التامينية وفوق كل ذلك خلق الحافز للعملاء لتشجيعهم على خوض التجربة.
