بدأت الشركات المصرية للاستثمار العقارى فى عام 2016 للترويج للقرى السياحية الجديدة فى منطقة خليج رأس الحكمة فى الساحل الشمالى، وهو خليج ممتد لـ50 كيلومتراً من الكيلو 170 من مدينة الضبعة إلى الكيلو 220 بطريق الإسكندرية – مطروح.
للأسف يحزن الجميع عندما يرون حجم التدمير الذى نفعله بأنفسنا.
إننا نعيد نفس أخطاء الماضى، ولا نريد أن نتعلم.
هذا الخليج هو من أجمل الأماكن فى العالم. وطريق القاهرة الفوكه الجديد الذى يتم تنفيذه الآن سيختصر مدة السفر، وبالتالى سيفتح الاستثمار فى هذه المنطقة. بدلاً من أن نفكر فى خلق مدينة عالمية تنافس دبى أو منطقة سياحية تنافس الساحل السياحى فى فرنسا cote d’azure التى يجذب 11 مليون سائح سنوياً، ويخلق حوالى 20 مليار دولار إيرادات سنوية من السياحة فقط فى هذا المكان (3 أضعاف إيرادات السياحة من كل أنحاء مصر)، فنحن نكرر أخطاء الماضى.
نبيع أغلى الأراضى التى على البحر مباشرة بدلاً من عمل تخطيط متكامل masterplan وعمل ممشاة للجميع promenade وبحر مفتوح للجميع كما فعلت دبى فى منطقة جى بى أر JBR، وكما فعلت كل دول العالم التى نجحت. بالعكس فنحن نبيع أغلى القطع لشركات مصرية تبنى عليها قرى سياحية يتم بيع فلل وشاليهات للمصريين يمتلكون بها المناطق المتميزة على البحر، ويتم استخدامها 2- 3 أشهر فى السنة فقط. الناتج المحلى الإجمالى لمدينة دبى حوالى 82 مليار دولار (حوالى ربع الناتج المحلى الإجمالى لجمهورية مصر العربية كلها). هل موقع خليج رأس الحكمة متميز أكثر من دبى؟ نعم ولكن دبى جذبت أحسن الكفاءات العالمية (من إنجلترا وأمريكا ومصر وغير ذلك) لتخطيط المدينة، وجعلها مركزاً لوجستياً ومالياً وسياحياً عالمياً. ماذا فعلنا؟ لا نخطط إطلاقاً، ونستغرب بعد ذلك لماذا نفشل فى خلق فرص العمل، ونلوم المواطن على سوء سلوكياته غير واعين أننا فشلنا فى تعليمه وتوظيفه.
لقد سعدنا بأن شركة ما تعلن عن ضخ استثمارات بـ13 مليار جنيه فى هذه المنطقة وشركة أخرى تضخ 2 مليار جنيه وغير ذلك، ولكن لا نعى حتى الآن أننا نبيع أغلى القطع، وبعد ذلك لن نستطيع تطوير أى قطعة أرض وراء هذه القطع التى تم بيعها. ما هو الفرق بيننا وبين الإمارات أو فرنسا أو إسبانيا فى تخطيط مثل هذه الأماكن العالمية؟ هم يخلقون مدناً مثلما خلقنا فى الماضى مدينة الإسكندرية. البحر للجميع والمدينة يتم تخطيطها بصورة متكاملة لكى تجذب الناس ليس فقط للسياحة، ولكن للمعيشة. ولكى تجذب الناس ليس فقط للمعيشة بجانب البحر ولكن للمعيشة فى أى مكان.
علينا بعمل صحوة مع أنفسنا. دنج شياو بنج Deng Xiao Ping قائد نهضة الصين منذ عام 1978، قال فى أول زيارة له لليابان فى أكتوبر عام 1978 «نحن فقراء جدا. نحن متأخرون جداً. لا بد أن نعى ذلك. علينا بعمل الكثير والمشوار لتطوير الاقتصاد طويل جداً، وعلينا بتعلم الكثير لكى ننجح».
وضع دنج خطة لمضاعفة الناتج المحلى الإجمالى للصين بأربعة أضعاف فى خلال 20 سنة (1980-2000). ووضع خططاً لكل خمس سنوات وأهدافاً سنوية، وجذب أحسن الكفاءات للتنفيذ. ماذا كانت النتيجة؟ نجح فى تحقيق 5 أضعاف نمو للناتج المحلى الإجمالى ونجحت الصين وانقلبت الموازين فى العالم كله.
الاعتراف بالفشل أولى خطوات النجاح.
حرام أن نضيع قطعة أرض متميزة مثل خليج رأس الحكمة فى مبان أسمنتية جديدة تباع للمصريين بدلاً من خلق منطقة سياحية عالمية ننافس بها نيس فى فرنسا أو بخلق مركز لوجستى ومالى وسياحى عالمى ننافس به دبى. سيحاسبنا الله عما أعطانا من أصول لم تتم الاستفادة بها.
بقلم: المهندس على والى
[email protected]