استمرار الطلب على هذه الفئة من الأصول سيرفع الأسعار ويقمع العائد
قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»: إن المؤسسات الاستثمارية فى جميع أنحاء العالم المتقدم المحرومة من العائدات فى أسواقها المحلية تصب الأموال فى أصول الأسواق الناشئة بمعدل يزيد عن أكثر من 20 مليار دولار شهريا منذ منتصف العام الجارى، وهو ما يشكل تحولا بعد 12 شهرا من التدفقات الخارجة.
ويعد تحسن التوقعات بشأن العديد من الاقتصادات الناشئة أحد عوامل جذب التدفقات، ولكن الدافع الكبير هو هروب الأموال من سوق سندات الأسواق المتقدمة البالغة قيمته 13 تريليون دولار، ذى العائدات السلبية، حيث يدفع المستثمرون أموالا لمجرد شرف حملها.
واتخذت المطاردة الدائمة للعائد منحى جديدا، ويبقى السؤال عما إذا كانت سندات الأسواق الناشئة كفؤة أصول لديها القدرة على تلبية الطلب.
وأوضح اتاناس بوستانديجيف، الرئيس التنفيذى لشركة «جيمكورب كابيتال» المتخصصة فى أصول الدخل الثابت فى الأسواق الناشئة، أن الناس يشعرون باليأس والإحباط ولا يريدون الالتزام باستثمارات طويلة الأجل فى أسواق السندات المتقدمة بمستويات العائد الحالية، ولكن بالأخير يتعين عليهم أن يضعوا أموالهم فى مكان ما.
وتوفر سندات الأسواق الناشئة بديلا جذابا، فعلى سبيل المثال فإن السندات السيادية البرازيلية لأجل عشر سنوات والمقومة بالدولار تقدم للمستثمرين عائدا نسبته 4.5% سنويا، ولكن هل يوجد ما يكفى من مثل هذه الأصول؟
كشفت الأرقام التى جمعها «بنك أوف أمريكا ميريل لينش» استنادا إلى بيانات من «بنك التسويات الدولية» مع أرقام إضافية من «بلومبرج» و«البنوك المركزية الوطنية» أن إجمالى المخزون الكلى لسندات الأسواق الناشئة وغيرها من الديون القابلة للتداول أضافت ما يصل إلى 18.2 تريليون دولار نهاية العام الماضى.
ومع إصدار سندات دولية جديدة من جهات سيادية فى الأسواق الناشئة التى سجلت رقما قياسيا للمرة الثانية على التوالى العام الجارى فمن المرجح أن يرتفع الإجمالى إلى نحو 18.5 تريليون دولار فى الوقت الراهن.
ورغم أن حجم سوق ديون الأسواق الناشئة ضئيل بالمقارنة بحجم السندات التى تصدرها الشركات والحكومات فى العالم المتقدم، فإنه لا يزال فئة أصول مهمة، كما أنها أكبر من سوق السندات الأمريكى البالغة قيمته حوالى 16 تريليون دولار، وفقا لبيانات بنك التسويات الدولية.
ولكن كم من هذه الديون يمكن شراؤه من قبل المستثمرين الدوليين الذين يعمل كثير منهم فى ظل قواعد تحد من حجم السندات، التى يمكنهم شراؤها.
فعلى سبيل المثال، تقول جاين براور، لدى شركة «بى إيه إم إل» لجمع البيانات، إنه رغم أن معظم سوق السندات السيادية فى الأسواق الناشئة البالغة قيمته 850 مليار دولار مفتوح أمام المستثمرين الأجانب، هذا بجانب السندات، التى تصدرها البنوك والشركات غير المالية، والبالغة قيمتها حوالى 2 تريليون دولار، فإن معظم المستثمرين الأجانب لا يستطيعون الوصول إلا إلى حصة ضئيلة للغاية من سوق السندات السيادية المقومة بالعملات المحلية، والذى تقدر قيمته بـ15.5 تريليون دولار.
وقال بوستانديجيف، رئيس شركة «جيمكورب كابيتال»، إن سندات الأسواق الناشئة ليست هى الحل مضيفا أنه إذا وضعت كل صناديق التقاعد 2% أو 3% من أصولها فى ديون الأسواق الناشئة فسترتفع أسعارها، وبالتالى تنخفض عائداتها.
وأوضح بوستانديجيف، الذى يستثمر حاليا أموال عملائه فى الديون البرازيلية والأرجنتينية والروسية والكينية والنيجيرية والأنجولية أن السندات السيادية البلغارية لأجل 10 سنوات تحقق عائدا تبلغ نسبته 1.8%، وهى بذلك تفشل فى مكافأة المستثمرين عن المخاطر، التى يتحملونها.
وأوضح أن الأسعار فى دول أوروبا الطرفية لا تحركها الأسس الاقتصادية، وإنما تحركها أسباب فنية، وهى المعروض الهائل من السيولة نتيجة برامج التيسير الكمى فى غرب أوروبا.
وفى الوقت الذى لا يزال يرى فيه بوستانديجيف، العديد من الفرص فى ديون الاسواق الناشئة فقد تم بالفعل تشويه الأسعار فى أجزاء من هذه الفئة من الأصول بسبب السياسات التوسعية من البنوك المركزية الغربية.
وأضاف: «لقد تحولت البنوك المركزية إلى أسواق»، مؤكدا أنه أصبح لهذه البنوك تأثير على السندات الحكومية وسندات الشركات وأسعار الفائدة حتى الأسهم، وهو ما سيدفع مزيدا من التشوهات، وسيقود إلى نهاية مفجعة.