«عندما جئت كرئيس وزراء كلفت الوزراء بتنفيذ العديد من المشاريع والإصلاحات وكانت المفاجأة أنه لم يتم تنفيذ ماطلبت». كانت تلك كلمات تونى بلير رئيس الوزراء السابق لإنجلترا فى مؤتمر الاستثمار بشرم الشيخ العام الماضى، أذكر ذلك لأن الأسبوع الماضى أقدم المجلس الأعلى على اتخاذ 17 قراراً جيداً جداً لتحسين مناخ الاستثمار فى مصر، ولكن هل من المتوقع أن تواجه حكومة مصر مشاكل فى التنفيذ كما واجه تونى بلير هذه المشكلة؟ نعم.
وكيف حلها تونى بلير؟ أنشأ وحدة تابعة لرئيس الوزراء مباشرة بها 50 من أحسن الكفاءات عليها تصميم المبادرات والمشاريع ومتابعة التنفيذ وتم تسميتها وحدة رئيس الوزراء prime ministry delivery unit، ونجح تونى بلير فى تنفيذ المشاريع القومية ونجح فى تحقيق تقدم ملموس فى اقتصاد إنجلترا، نفس الشىء عملته الصين بإنشاء وزارة سوبر بها 890 من أحسن الكفاءات يضعون خطة 5 سنوات وأخرى 10 سنوات للدولة وخطط قطاعية وتتبع هذه الوزارة أعلى سلطة بالدولة، وكانت النتيجة نجاحاً هائلاً للصين، نفس الشىء تم فى اليابان وفى سنغافورة وفى كوريا ومؤخراً فى ماليزيا عن طريق إنشاء وحدة تسمى البيمندو مسئولة عن تنفيذ أكبر 200 مشروع قومى قبل عام 2020 وتتبع أعلى سلطة بالدولة، وبهذه الهيئة 150 من أحسن الكفاءات منهم مثلا صديق لى تمت دعوته إلى مصر مرتين كان رئيس لشركة إنتل الأمريكية الكبرى وبعد ذلك ذهب لرئاسة قطاع الإلكترونيات فى هذه الهيئة وبعد ذلك أدار قطاعات أخرى.
القرارات خطوة مهمة جداً ولكن قدرتنا على التنفيذ هو الأساس. ومصر مثل معظم الدول النامية تفتقد للنظام المؤسسى الذى يجعل الوزارات تعمل بكفاءة ولذلك فرق العمل التابعة لأعلى سلطة هى خطوة أساسية لضمان النجاح الآن، وفى نفس الوقت يجب العمل على تحقيق تطوير مؤسسى ملحوظ لكى تستطيع الوزارات أن تنجح، فحكومة مصر بها 11.430 مدير (530 رئيس قطاع + 2140 رئيس إدارة مركزية + 8760 مديراً عاماً)، علينا تصميم آلية للبحث عن أحسن 30 ألف مدير داخل الحكومة ومكافأتهم ماديا وغير مادى (بالترقيات السريعة وغير ذلك)، وعلينا بفك القوانين والتشريعات المتضاربة لكى يعملوا بنجاح وعلينا بإعطائهم ميزانية يتحركون فيها وعلينا بتقييمهم عن طريق الأهداف والتى يجب أن ترتبط بأهداف الدولة.
التطوير المؤسسى أساس لتقدم مصر ولكن تحقيقه بسرعة ممكن أن يتم عن طريق وحدة تابعة لأعلى سلطة والتى تتولى هذا المشروع المهم كواحد من المشاريع التى ستشرف عليها.
مصر غنية بالكفاءات داخل الحكومة.
لابد أن نصلح نظام العمل لكى يستطيع الوزير الذى نجح فى حياته السابقة أن ينجح عندما يتولى الوزارة فى مصر.
لابد أن نذاكر كلمات تونى بلير، فالقرارات سهلة ولكن التنفيذ كان صعباً فى إنجلترا وغالباً سيكون صعباً جدا وبطىء فى مصر ولذلك نحتاج إلى تكرار نفس الوسائل التى نجح بها الآخرون.