بقلم: ماك مارغوليس
منذ 8 نوفمبر كانت التجارة الحرة فى جميع أنحاء العالم ثائرة، خاصة فى أمريكا اللاتينية بعد تصريحات دونالد ترامب، الرئيس الجديد للولايات المتحدة بإلغاء الصفقات التجارية الإقليمية وبناء جدار على الحدود مع المكسيك، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذين قد يزيد عددهم على 3 ملايين.
ووصف خورخى كاستانيدا، وزير الخارجية المكسيكى السابق، انتخاب ترامب، رئيساً للولايات المتحدة بالكارثة على المنطقة. ولكن أمريكا اللاتينية لديها منفذ للهروب يتمثل فى الصين، حسبما يرى النقاد والخبراء الاقتصاديون. المؤشرات تؤكد أن واشنطن على وشك أن تصبح أكثر حدة مع بكين محور المنطقة فى آسيا.
وقال كيفن جالاجر، الأستاذ فى جامعة بوسطن، الذى يتابع المصالح الصينية فى الأمريكتين، إن فى الوقت الذى تتخذ الولايات المتحدة خطوة إلى الوراء تجاه أمريكا اللاتينية، لا تزال الصين متجهة إلى الأمام.
وأضاف أن هذه فرصة يمكن أن تدعم بالفعل قدرة المنطقة على عقد الصفقات.
وزار الرئيس الصيني، شى جين بينج، فى وقت سابق من الشهر الجارى، الإكوادور ضمن عدة دول من بينها بيرو وشيلي.
وكان محور جولته فى أمريكا الجنوبية فى ليما، عاصمة جمهورية بيرو عندما اجتمع برؤساء 21 دولة فى آسيا ومنطقة المحيط الهادئ الذين يشكلوا ما يسمى دول «أبيك» منتدى التعاون الاقتصادى لدول آسيا والمحيط الهادئ التى تمثل نصف التجارة العالمية وثلث سكان المنطقة.
وكانت دورة قمة «أبيك» هى الأخيرة التى يحضرها باراك أوباما، ولكنه بمثابة مسئول ينتظر تنصيب الرئيس الجديد.
وكان اقتراح أوباما، لاتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ رائعاً، وقد حكم عليها بالإعدام بعد فوز ترامب، بالانتخابات الرئاسية.
وأثناء قمة «أبيك» تحول الانتباه إلى الوفد الصينى، وتوقعت أستراليا بالفعل السير تجاه دعم اتفاق تجارة صنع فى الصين مع 16 دولة فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، باستثناء الولايات المتحدة.
ووضعت الصين بالفعل رؤيتها حول شراكة تعاونية فى نصف الكرة الغربى التى لوحظت على نطاق واسع فى 2008.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت الصين ثانى أكبر شريك تجارى فى المنطقة من خلال السيطرة على 13.7% من تجارة أمريكا اللاتينية العام الماضي، وفقاً لبيانات البنك الأمريكى للتنمية.
ومثلت أربع دول – البرازيل وشيلى وكولومبيا وبيرو – أكثر من نصف التجارة البينية بقيمة بلغت 263 مليار دولار نهاية عام 2014.
وفى الوقت الراهن تملك بيرو وشيلى اتفاقات ثنائية مع الصين، فيما تدرس كولومبيا وأوروجواى صفقات مماثلة.
وأجرى يدرو بابلو كوشينسكي، رئيس بيرو زيارة إلى الصين فى سبتمبر الماضي، وكانت أول وجهة له بعد توليه المنصب.
وقالت مارجريت مايرز، خبيرة الحوار فى «إنتر أمريكان» مجموعة أبحاث فى واشنطن، إن السياسات الجديدة التى من المفترض أن تكون أكبر حجماً تهدف إلى دمج أمريكا اللاتينية فى استراتيجية عالمية مع الصين.
وتتصدر واردات الحبوب والمعادن للمصانع الصينية أهم القنوات التجارية فى أمريكا اللاتينية، وحصلت دول كثيرة فى القارات على عائدات وفيرة من التصدير، لكنها وفرت عدداً قليلاً من الوظائف لأمريكا اللاتينية.
وضخت الصين استثمارات بلغت فيمتها 125 مليار دولار فى أمريكا الجنوبية وحدها فى العقد الماضى.
ورغم أن معظم هذه الأموال قد خصصت للحصول على الطاقة والمعادن، فقد تعهد الصينيون بالعمل على تنويع الاستثمارات وبناء المجمعات الصناعية فى أمريكا اللاتينية.
ولكن لا تزال الكثير من العقبات تقسّم الشرق والغرب، خاصة أن التعاملات بين الشركات الصينية ومثليتها بدول أمريكا اللاتينية، يتخللها بعض المخاوف والشكوك، ولقد أصبح الأمر متروكاً لأمريكا اللاتينية، للتأكد من أن الشراكة الجديدة تعمل لصالحها، وفى الوقت الراهن يمكن للأمريكتين التفاؤل بحذر، وكما يقول السفير البرازيلى السابق لدى الصين لويس أوجوستو دى كاسترو نيفيس، «عندما تتوقف أوروبا وتضع الولايات المتحدة علامة استفهام تحرك الصين يدها بشكل جيد».
المصدر: وكالة بلومبرج
إعداد: محمد رمضان
