تعاون واشنطن يساعد على تجنب الصدمات القادمة من الشرق
460 مليار دولار قيمة اتفاقات تبادل العملة وقعتها بكين
مع استمرار ضغط الهبوط على اقتصاد الصين واستمرار صعود سعر صرف اليوان يعد السعى لإيجاد وسيلة فعالة لمنع تراجع اليوان ذى أهمية خاصة.
ويتم تحديد سعر صرف اليوان فى نهاية المطاف بناء على أساسيات الاقتصاد الصينى وتوقعات السوق، وذلك لأن التغيرات فى العوامل الاقتصادية الأساسية ليس من المرجح أن تحدث فى فترة قصيرة من الزمن، كما أن اتخاذ تدابير تهدف الى تحقيق الاستقرار فى سعر الصرف يجب أن تكون بطريقة مؤسسية وبحاجة إلى أن تكون فعالة خلال مدة قصيرةمن بدء التنفيذ.
ومن وجهة نظر المحلل «هو جو» فى مقال له بمجلة جلوبال تايمز فإن اتفاق لتبادل العملات بين الصين والولايات المتحدة هو خيار واعد.
وسبق ودعا الخبراء الاقتصاديون والاستراتيجيون لعقد اتفاق تبادل العملات بين الصين والولايات المتحدة لأنهم يعتقدون أنه سيكون له أثر إيجابى فى استقرار التمويل الدولى، وانطلاقا من الأوضاع المحلية والخارجية الحالية يعد تعزيز مثل هذا الاتفاق أكثر أهمية فى الوقت الراهن.
وشهد التاريخ بعض فترات انتشار مقايضة العملات بين البلدان المتقدمة فى جميع الأنحاء، ففى عام 1962 وقع بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى وبنك فرنسا أول اتفاق لمقايضة العملات الثنائية، وفى منتصف التسعينيات من القرن الماضى وقع بنك الاحتياطى الفيدرالى اتفاقيات مقايضة للعملات مع بنوك مركزية أخرى وبنك التسوية الدولى تصل إلى قيمة 30 مليار دولار. ومن خلال الحفاظ على ثقة السوق فى الأصول الدولارية يهدف بنك الاحتياطى الفيدرالى إلى تحقيق الاستقرار فى الأسواق المالية الدولية، والحفاظ على دور الدولار كعملة الاحتياطى الرئيسية فى العالم. ويساعد أيضا هذا الاتفاق على تعزيز النمط القائم لنظام العملات الدولية، والتعامل مع التغيرات فى مشهد الإدارة العالمية.
وبدأت الصين النظر فى اتفاقات مبادلة العملة فى عام 2000 وأعطى بنك الشعب الصينى وهو البنك المركزى اهتماما أوثق لها بعد أزمة الرهن العقارى فى الولايات المتحدة 2008.
واقترح مسئولو البنك مع تفاقم الأزمة المالية فى عام 2008 دراسة مقايضة العملات فى إطار وزراء المالية ومحافظى البنوك المركزية خلال اجتماع دول منظمة آسيان+ 3 باعتبارها جزءا من خطط مواجهة الأزمة.
كانت بعض الدول تواجه فى ذلك الوقت مخاطر نقص وهروب رءوس الأموال والسيولة، وكانت تسعى إلى تعاون أوثق مع الصين، وعلى هذه الخلفية وقعت الصين اتفاقيات لمبادلة العملة مع البنوك المركزية فى البلدان الأجنبية، وفتحت عهدا جديدا من تدويل اليوان.
وحتى الآن، وقعت الصين على اتفاقيات لتبادل العملات مع 30 بلدا فى جميع أنحاء العالم، بقيمة إجمالية قدرها أكثر من 3 تريليونات يوان أى ما يعادل 460 مليار دولار. واللافت للنظر أن هذه الاتفاقيات للمبادلة لم يشترط فى بنودها عند التوقيع عليها تحرير سعر صرف اليوان بالكامل.
ولكن يعد عدم تحرير سعر صرف اليوان العقبة الأساسية أمام عدم قابليته للتداول بحرية مما يقلل من فعالية الاتفاقيات التى تعد محدودة مقارنة مع اتفاقيات مبادلة العملة التى وقعها بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى.
ومنذ عام 2015، تغيرت الأوضاع الاقتصادية والمالية المحلية والدولية التى تواجه الصين بشكل كبير. وتباطأ النمو الاقتصادى المحلى إلى أقل من 7%، وتراجع اليوان وسط اتجاه لم يسبق له مثيل من تدفقات رأس المال. وتعد هذه الحالة مختلفة تماما عن الوضع الذى كانت الصين تواجهه مباشرة بعد الأزمة المالية. ويجب على ادارة بنك الشعب الصينى أن تهتم بكيفية تجنب المزيد من تراجع اليوان والصدمات المحتملة ذات الصلة.
وتحتاج الصين الى بيئة مالية داخلية وخارجية مستقرة نسبيا من أجل معالجة المشاكل التى تواجه الاقتصاد المحلى، فمن الضرورى للغاية بالنسبة لها إنشاء آلية جديدة لتعزيز استقرار عملتها حيث يجرى تدويل العملة بالفعل على قدم وساق.
وقد يجادل البعض من وجهة نظر سياسية حول امكانية تطوير اتفاقات لتبادل العملة بين البنكين المركزيين فى بكين وواشنطن بالنظر إلى أن الولايات المتحدة قد لا توافق على التعاون مع الصين لتلبية هذه الحاجة. ولكن وفقا لرأى «جو» فإن هذه المسألة قابلة للتفاوض حيث يعد الحفاظ على استقرار السوق المالى الدولى وسعر صرف اليوان، فضلا عن صحة الاقتصاد الصينى مفيدا لأمريكا أيضا. فالدول عموما لا تستفيد من التقلبات الاقتصادية فى دول أخرى.