قبل سنة تقريباً، كشف محمد بن سلمان، نائب ولى العهد فى المملكة العربية السعودية، عن خطط لطرح أكبر شركة منتجة للبترول فى العالم.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن الاقتراح الطموح لطرح «أرامكو» شركة البترول السعودية فى اكتتاب عام أولى، هو محور «رؤية السعودية 2030».
يأتى ذلك فى الوقت الذى يكافح فيه الأمير لإصلاح اقتصاد المملكة الذى يعتمد بشكل كبير على الموارد الطبيعية من خلال تحويل الأنظار بعيداً عن البترول.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه بعد سنة واحدة من إعلان الأمير محمد، نواياه، لاتزال هناك العديد من القضايا الرئيسية يتعين حلها خصوصاً تلك المتعلقة بطرح شركة «أرامكو» كشركة مساهمة عامة، وسياستها الضريبية والتوزيعات النقدية على المساهمين، إضافة إلى مكان الطرح.
وقال شخص ممن ناقشوا مقترح اكتتاب الشركة مع المسئولين السعوديين، إن هذا النوع مختلف تماماً من حيث الحجم وطبيعة الطرح والشكوك حوله والجدول الزمنى، وعملية الطرح برمتها.
ويسعى المسئولون السعوديون لتحويل «أرامكو» إلى الشركة الأكبر قيمة للتداول العام فى العالم، إذ أفادوا بأن قيمتها ستبلغ نحو 2 تريليون دولار.
وأشار بعض الاشخاص المقربون من الخطة، إلى أن بيع حصة بنسبة 5% يجب أن يحدث فى العام المقبل، رغم أن عدد الأسهم المباعة يمكن أن يزيد، وتوقيت الاكتتاب يمكن أن يتغير، ويدرك المستشارون تماماً أن خطط الاكتتاب العام سيقودها ويدعمها الأمير محمد.
وأضافوا أن نجاح الطرح ضرورى لإبراز جهود نائب ولى العهد، فى فطم المملكة عن البترول، من خلال تنفيذ «رؤية 2030» والتى تهدف إلى تنويع الاقتصاد السعودى وخلق فرص العمل.
وأطلق انخفاض أسعار البترول منذ 2014، العنان لحدوث تباطؤ اقتصادى حاد فى السعودية، لذلك يسعى الأمير الشاب لاستخدام حصيلة الاكتتاب للاستثمار فى الصناعات غير النفطية فى التكنولوجيا والتصنيع والسياحة.
وقال جيم كرين، خبير الطاقة فى الشرق الأوسط، إن السعودية لم تعد قادرة على السماح بتأرجح أسعار البترول من جديد.
وسلطت الصحيفة، الضوء على 4 قضايا أساسية ينبغى حلها قبل الشروع فى تنفيذ قرار طرح الشركة، أولها أنه لا يمكن فصل «أرامكو» السعودية بشكل كبير عن الدولة.
ورغم تركيز العمليات الأساسية للشركة فى مجال إنتاج وتكرير البترول، إلا أنها تجرى أيضا مجموعة من الأنشطة الأخرى نيابة عن الحكومة، وشملت هذه المهام تشغيل المستشفيات وإدارة برامج التعليم وبناء العديد من الملاعب الرياضية.
وسوف يقضى الموظفين فى «أرامكو» أشهر لفك التشابكات المالية للشركة من الحكومة وفصل عمليات البترول الأساسية من المشاريع التى تعكس دورها الأوسع فى المجتمع السعودى.
وتهدف شركة «أرامكو»، لاستبعاد أكبر عدد ممكن من هذه المشاريع غير النفطية فى أقرب وقت ممكن قبل عملية الطرح، وتعد الضرائب والأرباح بمثابة قضية أخرى شائكة.
ففى إطار خطط الاكتتاب العام، ستظل الحكومة السعودية مسيطرة على حصة الأغلبية فى الشركة، وسيكون لها القرار النهائى فى مستويات الإنتاج وإدارة الاحتياطيات النفطية، ويحرص المدراء التنفيذيين فى «أرامكو» على حل القضايا حول المدفوعات، لأن هذا سيؤثر كثيراً على سياسة توزيع الأرباح، وبالتالى تقييم الاكتتاب للشركة.
وذكرت «فاينانشيال تايمز»، أن ميعاد الطرح يعد القضية التالية التى تلفت أنظار المستثمرين، فطرح الشركة فى 2018 ليست مهمة سهلة لخالد الفالح، وزير الطاقة السعودى ورئيس مجلس إدارة الشركة.
ونقلت الصحيفة عن بعض المصادر، أن «أرامكو» كافحت العام الماضى لإصلاح حساباتها وإعداد التقارير المالية فى عام 2017 التى يمكن أن تستخدم فى تنظيم أسهمها للاكتتاب العام، ولكن الحكومة ستحتاج إلى وضع نظام ضريبى جديد للشركة قبل الإفصاح عن نتائجها النهائية.
وأوضحت الصحيفة، أن الإفصاح عن مراجعة الحسابات والاحتياطيات قد تكون ممارسة غير مسبوقة فى الشفافية من قبل الشركة.
ولم تكشف الشركة السعودية نهائياً عن البيانات المالية، ويجرى حالياً التشكيك فى بيانات احتياطيات البترول فى البلاد من جانب خبراء، لأن الأرقام تقلبت منذ الثمانينيات.
وأما المسألة الأخيرة فمتعلقة بمكان طرح الشركة، إذ أعلن أشخاص مقربون من الشركة أن الطرح سيكون فى الخارج.
وفى الوقت الذى أعطت فيه المملكة الأولوية لطرح الشركة فى بورصة نيويورك، برزت القوانين الأمريكية التى تسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية.
ويدور حالياً النقاش حول بورصة لندن والبورصات الآسيوية الأخرى بما فى ذلك هونج كونج وطوكيو.
وأكدّ جيسون بوردوف، الباحث فى مركز جامعة كولومبيا حول سياسة الطاقة العالمية، أن السعودية عليها فتح الدفاتر القديمة للشركة لأجل الشفافية، بما فى ذلك تدقيق الاحتياطيات بشكل مستقل لتكون قادرة على طرح «أرامكو» للمستثمرين حول العالم.
