التوقعات الاقتصادية تكشف مفاجآت إيجابية رغم الخروج البريطانى
من الممكن أن تكون خطط الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، لزيادة معدل النمو فى الولايات المتحدة قد حازت كثيرا من الاهتمام، لكن اقتصاد منطقة اليورو يتجاوز التوقعات بهدوء.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن البيانات الاقتصادية الجديدة لمعدلات النمو والبطالة فى منطقة العملة الموحدة، كشفت مفاجآت إيجابية مطلع العام الجديد، إضافة إلى أن الثقة فى الأعمال التجارية تثبت مرونة، رغم تصويت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الأوروبى.
وأشارت الصحيفة إلى أن اقتصاد منطقة اليورو يسجل معدلات نمو منذ أكثر من ثلاث سنوات متتالية، فى ظل تراجع معدل البطالة، ووصول المؤشرات الاقتصادية إلى أعلى مستوياتها فى 6 سنوات.
وهذه البيانات تتناقض مع التصورات الشائعة بشأن ركود اقتصاد منطقة اليورو، والأداء الضعيف.
وفى الواقع فإن وتيرة خلق فرص العمل فى المنطقة، تسارعت الى مستوى قياسى منذ 9 سنوات متتالية خلال يناير الماضى، فى حين ارتفع نمو الانتاجية لأعلى مستوى له منذ خمس سنوات ونصف السنة.
جاء ذلك فى الوقت الذى سجل فيه مؤشر «ماركت» المركب لمديرى المشتريات فى منطقة اليورو، والذى يقيس ثقة المديرين، مستويات إيجابية عند 54.4 نقطة للشهر ال 43 على التوالى فى علامة كبيرة على التوسع.
ورغم المخاوف العميقة حول البنوك الإيطالية واقتصاد اليونان منذ الأزمة المالية، فإن التقديرات لنمو منطقة اليورو على وجه العموم فى الربع الأخير من العام الماضى سجلت حوالى 0.5%، وهى أسرع من معدل النمو فى الولايات المتحدة.
وعلى وجه العموم فقد فاق النمو فى منطقة العملة الموحدة الولايات المتحدة العام الماضى بنسبة 1.7% مقابل 1.6%.
واتفق المحللون على أسباب الأداء الاقتصادى القوى نسبيا فى منطقة اليورو، وأولها الابتعاد عن فترة الأزمة المالية بما يقرب من 10 سنوات الآن، وثانيا التغلب على الركود فى معدل البطالة، وثالثا أن تصويت بريطانيا على خروجها من الاتحاد الاوروبى لم يتسبب فى الصدمة، التى خشيها كثيرون.
وعلاوة على ذلك، فإن السياسة النقدية الفضفاضة للبنك المركزى الأوروبي، نجحت فى النهاية، حيث تشجعت الأسر والشركات على الاقتراض والإنفاق مما أدى إلى تغذية الطلب المحلى لمعظم النمو، الذى تم تسجيله مؤخرا.
ورغم اتهام بيتر نافارو، رئيس المجلس الوطنى للتجارة فى الإدارة الامريكية الجديدة، ألمانيا بالاستمرار فى استغلال بلدان الاتحاد الأوروبى الأخرى، فقد تحسنت معدلات النمو لمنطقة اليورو باستثناء إيطاليا.
وزادت معدلات النمو فى إسبانيا بنسبة 3.2% العام الماضى، فى وقت تحسن فيه النمو فى فرنسا سريعا بعد الانكماش فى الربع الثاني.
وأوضحت مؤسسة « فوكس إيكونوميكس» المتخصصة فى الأبحاث الاقتصادية، أن أكبر تحديثات لتوقعات النمو العام الحالى ستكون من نصيب أوروبا.
وأشار إريك نيلسن، كبير الاقتصاديين فى «يونيكريديت» إلى أنه على مدى العقد الماضى بلغ الناتج المحلى الإجمالى للفرد فى منطقة اليورو متوسط 1.9% سنويا، والذى لا يقل كثيرا عن معدل الولايات المتحدة، والبالغة نسبته 2.4%.
ومع ذلك، هناك تخوفات من أن الأسواق المالية المجزأة، والمشاكل الكبيرة المتبقية فى بعض البلدان الطرفية، مثل إيطاليا والقطاعات المصرفية الضعيفة فى البرتغال بجانب ارتفاع مستويات الدين العام، ستضع أسبابا للشك فى استدامة ارتفاع النمو الذى سجلته أوروبا مؤخرا.
وقال زافال جوشى، لدى مؤسسة «بى سى إيه» للأبحاث، إن نمو الائتمان قد غذى جزئيا التحسن المفاجئ فى منطقة العملة الموحدة منذ أن بدأ التباطؤ نهاية العام الماضى.
وأعرب مسئولون عن قلقهم وعدم الرغبة فى تسليط الضوء على آفاق التحسن، خوفا من أن هذا سيزيد من الضغط ـ خصوصا فى ألمانيا ـ لتشديد السياسة النقدية.
وقال بيتر برايت، كبير الاقتصاديين فى البنك المركزى الأوروبى، إن البيئة الحالية ما زالت تهبط بمسار التضخم إلى مستويات قريبة من 2% على المدى المتوسط.
وستكون النتيجة المحتملة استمرار البنك المركزى فى السماح للزخم بالتزايد فى الاقتصاد، لزيادة التضخم والحد من البطالة، على النقيض من إشارات مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى التى تفيد بأنه سيبقى على رفع أسعار الفائدة ببطء.