أعلنت فاليرى بيكريس، رئيس منطقة باريس وضواحيها، أنه عندما جرى التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، كانت فرصة للترويج لإقليم إيل دو فرانس، المنطقة المحيطة بالعاصمة الفرنسية باريس.
وذكرت مجلة «ذى إيكونوميست» البريطانية، أن قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى أعطى باريس، جرأة أكبر على جذب المصارف الدولية الموجودة فى لندن، والمتضررة من قرار الخروج من الكتلة الموحدة.
وأشارت المجلة، إلى أنه بمجرد خروج بريطانيا الفعلى من الاتحاد الأوروبى، ستفقد العديد من البنوك الدولية والشركات الأخرى التى اتخذت من لندن مركزاً لعملياتها وأنشطتها فى الاتحاد الأوروبى «جوازات السفر» التى تسمح لها بتقديم خدماتها إلى العملاء فى الـ27 دولة.
ومن المتوقع أن تبدأ بريطانيا عملية الانسحاب من الاتحاد الأوروبى الشهر المقبل، وستستمر عامين.
وتدرس البنوك والشركات المالية، الخيارات المتاحة فى ضوء إعطائها الوقت اللازم من أجل الحصول على موافقات من الجهات التنظيمية لعملياتهم، إضافة إلى العثور على مكاتب ونقل أو تشغيل موظفين جدد.
وستظل لندن، العاصمة البريطانية المركز الرئيسى فى أوروبا، لكن بعض المدن الأخرى تحرص على نيل ما تستطيع من مثل هذه الفرص.
وتتنافس باريس، بقوة مع غيرها من العواصم الأوروبية منها دبلن، وأمستردام، ولوكسمبورج، لجذب البنك والشركات المالية المتخارجة من لندن، ويبدو أن المنافسة تتمحور حول فرانكفورت، بصورة خاصة رغم امتلاك العاصمة الفرنسية عدداً أكبر من البنوك الكبيرة المحلية والشركات الدولية بقدر يفوق ما يوجد فى منافستها الألمانية.
وتحاول باريس، التى وصلت معدلات الضريبة على الشركات بها إلى 33.3%، خفضها بنسبة 28% بحلول 2020.
كما تسعى لمنح إعفاء ضريبى لأصحاب الكسب العالى، الذين عاشوا خارج فرنسا لمدة 5 سنوات على الأقل.
وعلى الجانب الآخر أعلن هوبرتوس فاث، من مركز فرانكفورت المالى، أنه «واثق تماماً» من قدرة مدينة فرانكفورت على اجتذاب مزيد من البنوك والمصرفيين.
جاء ذلك فى الوقت الذى تسعى فيه لوكسمبورج، لتنال أيضا فرصتها من خروج بريطانيا.. لكنها لم تعلن حتى الآن تغيير أى معدلات ضرائب أو أنظمة، ولكنها تعتمد على الصين التى تستخدم البنوك الكبرى فى لوكسمبورج كواجهة قارية.
وبعد البداية البطيئة، حاولت هولندا أيضاً تحقيق مكاسب من هجرة بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، إذ قامت وكالة الاستثمارات الأجنبية الهولندية بتوسيع مكتبها فى العاصمة البريطانية.
وتوفر هولندا درجة عالية من جودة الحياة، ويتكلم كل سكانها تقريبا اللغة الإنجليزية، ولكن المركز المالى فى أمستردام يفتقر إلى مستويات فرانكفورت أو باريس.
وتكافح دبلن، إلى اجتذاب مزيد من مديرى الأصول، وتشعر البنوك المركزية الإيرلندية بقلق إزاء إمكانية توافر فرصة تنظيم تداولات معقدة ومتقدمة، ويضاف إلى ذلك أن مدينة دبلن تفتقر إلى العدد الكافى من المكاتب والمساكن والطرقات والمدارس الدولية.
ويصعب حالياً احتساب حجم الجائزة، إذ تعتمد على الاتفاقية التى ستبرم بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، إضافة إلى مطالب جهات التنظيم المتعلقة برأس المال والموظفين. وقد يكون فى وسع البنوك أيضاً نقل بعض الأعمال إلى خارج أوروبا فى أماكن مثل نيويورك أو حتى هونج كونج وسنغافورة.
وحذر أحد المصرفيين من أن بعض الخدمات قد لا تتوافر على الإطلاق، إذ توقع هوبرتوس فاث، أن تشهد فرانكفورت 10 آلاف وظيفة إضافية أو أكثر من ذلك، فى وقت يمكن أن تشهد فيه باريس أيضا 10 آلاف وظيفة مباشرة فى ميادين العمليات المالية، إضافة إلى عدد يتراوح بين 10 آلاف و20 ألفاً فى الوظائف القانونية والمحاسبة وغير ذلك من الوظائف ذات الصلة.
وأعلنت جميع المراكز المالية الأوروبية، أن لديها مساحة كافية للاعبين الجدد، إذ تملك هذه البنوك قواعد تنظيمية فى المراكز الرئيسية رغم تقليص حجمها فى السنوات الأخيرة.
ولكن فى جميع المدن التى تتسابق نحو تحقيق مكاسب من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، تظهر نبرة حذرة تعبر عن التمنى لو أن الخروج لم يحدث فى المقام الأول.