قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن احتمال فوز المرشحة مارين لوبان، بالرئاسة الفرنسية، ربما يكون قد عكر صفو أسواق السندات.. لكن الأسر والشركات فى البلاد اتخذت هذه الخطوة فى الحسبان.
وأعرب المستثمرون عن تفاؤلهم منذ مطلع العام الحالي، إذ زاد معدل جنى الثمار؛ بسبب بيانات الوظائف والإنفاق الاستهلاكى فى جميع أنحاء منطقة اليورو.
وأكدت أحدث البيانات الفرنسية، نمو الاقتصاد بنسبة 0.4% فى الربع الأخير من العام الماضي، وهو أفضل توسع منذ بداية 2016 ومطابق لمعدل النمو فى ألمانيا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2016.
والأفضل من ذلك أن التوقعات فى 2017 تشير إلى تسارع النشاط قبل إجراء أول جولة من الانتخابات الرئاسة فى فرنسا أواخر أبريل المقبل.
وسجلت شركات قطاع الخدمات فى فرنسا، والتى تمثل أكثر من ثلاثة أرباع الناتج الاقتصادي، أفضل شهر فى 3 سنوات، خلال فبراير الماضى، فى حين قفزت ثقة المستهلكين إلى أعلى مستوياتها منذ أعماق أزمة منطقة اليورو فى يونيو عام 2011.
وقال بيرت كولجن، كبير الاقتصاديين فى منطقة اليورو لدى «آى إن جى»، إن موجة الأخبار الإيجابية كانت مفاجئة جداً وخالفت العادات الاستهلاكية والتجارية التى شهدناها قبل التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى وانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة.
وأضاف «كولجن»، أن المعلومات المؤكدة حتى الآن تتمثل فى وجود حالة من عدم اليقين السياسى.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاقتصاد الفرنسى، يبدو أنه تمكن أخيراً من التعافى بعد تعثره فى أعقاب الأزمة المالية، وتقلص الناتج الاقتصادى بنسبة 3.1% خلال 2008 و2009.
وتراجعت البطالة، أيضاً، إلى أقل من 10% فى ظل إدارة الرئيس المنتهية ولايته فرانسوا هولاند، بعد السنوات الخمس التى قضاها فى منصبه.
وأوضح فريدريك دوكروزيت، كبير الاقتصاديين فى «بيكتيت» أن تعافى الاقتصاد الفرنسى فى الوقت الراهن، يؤكد اللحاق بركب النمو فى ظل المؤشرات التى تفيد بأن فرنسا تتفوق على منافسيها الرئيسيين مثل ألمانيا وإيطاليا منذ بداية العام الحالي.
وأضاف «دوكروزيت»، أن تسارع النمو فى منطقة اليورو، يعود إلى العوامل الخاصة بكل بلد، ومن شأنه أن يساعد الاقتصاد الفرنسى على ركوب موجة الانتعاش الدورى أياً كانت نتائج الانتخابات الرئاسية.
وقال إن الشركات تقدمت بطلبات جديدة للاستثمار.. الأمر الذى سيؤدى إلى خلق فرص العمل فى وقت يقوم فيه النظام المصرفى على أسس أكثر استقراراً.
وأكد أن فرنسا استفادت أكثر من غيرها من سياسات أسعار الفائدة المنخفضة وتحفيزات البنك المركزى الأوروبى منذ عام 2011.
وقاد انخفاض معدلات التضخم وارتفاع فرص العمل والمستهلكين، نمو الاقتصاد الفرنسى، إذ أضافت هذه المعدلات نقطة مئوية لنمو الناتج المحلى الإجمالى العام الماضى.. ومن المتوقع أن تضيف 1.3% سنوياً.
ووعد ثلاثة من المرشحين الرئيسيين للرئاسة، بإطلاق العنان لإمكانات النمو فى الاقتصاد بعد الدخول إلى قصر الإليزيه، وهو المقر الرسمى لرئيس جمهورية فرنسا فى غضون ثلاثة أشهر.
وتعهد المرشح المستقل إيمانويل ماكرون، بمتابعة نموذج الاقتصاد الذى يقوم على تقديم إعانات بطالة سخية مع خفض معدلات الضريبة على الشركات، والحفاظ على غطاء المالية العامة للبلاد.
وعكس «لوبان»، التى ترغب فى تمزيق إطار ميزانية الاتحاد الأوروبى وترك منطقة اليورو، يخطط فرانسوا فيون، الذى يدافع عن إصلاحات سوق العمل الجريئة لخفض الإنفاق العام بنسبة تزيد على 3% من الناتج المحلى الإجمالى على مدى خمس سنوات، أى ما يعادل 60 مليار يورو سنوياً.
وأشاد جيل مويك، فى بنك «أوف أميركا ميريل لينش» بالتفاصيل الفنية لطموحات فيون، ولكن برنامج ماكرون، قد يدفع أيضاً النمو المحتمل.
وكانت المفوضية الأوروبية قد حذرت فى وقت سابق من هذا الشهر، من أن الرئيس الفرنسى الجديد سيواجه مهمة فرض خطة تقشف فورية لتجنب تسجيل عجز فى الموازنة عام 2018.
وتوقع الاقتصاديون فى الاتحاد الأوروبى، أن يتسع العجز إلى 3.1% من الناتج المحلى الإجمالى، مقارنة بنسبة 2.9% هذا العام، بعد انتهاء تجميد الأجور فى القطاع العام.
وأضافوا أن خطط ماكرون، قد يترتب عليها انخفاض العجز إلى 1% بحلول عام 2022.
وأشار الاقتصاديون إلى أن سعى لوبان، لتنفيذ خطة خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبى، وإعادة العملة الوطنية بعد 18 عاماً من عضوية منطقة اليورو، ستكون له عواقب ومفاجآت غير متوقعة.
ومن شأن الخروج أن يطلق العنان لحدوث اضطرابات اقتصادية على المدى القصير، بما فى ذلك انخفاض حاد فى قيمة العملة المحلية وارتفاع التضخم وزيادة تكاليف الاقتراض الحكومي.
ولكن ستواجه لوبان، عقبات سياسية فى طريق خروجها من الكتلة الأوروبية، حيث يتطلب موافقة ما لا يقل عن أغلبية برلمانية لتفعيل التعديلات الدستورية اللازمة لإجراء استفتاء حول عضوية منطقة اليورو.
