اعتاد أعضاء مجلس النواب الجمهوريون، الضغط لصالح تخفيض الضرائب، بغض النظر عما إذا كانت تخفيضات مبررة أم لا!
وهذه المرة نكّر الأعضاء الجمهوريون، خطتهم المتعلقة بالضرائب على الشركات، بحيلة من شأنها تخفيض الضرائب على الأغنياء ومراكمة الدين الفيدرالى فى نفس الوقت.
والخطة الكلية من شأنها تخفيض الضرائب على الشركات إلى 20% من 35%. وبالنسبة للمنشآت الفردية، ستنخفض أقصى ضريبة إلى 25% من 39.6%.
وبإمكان الشركات خصم تكلفة المعدات الجديدة فى السنة الأولى من تطبيق هذه الخطة، أما الخصومات الأخرى فسيتم إلغاؤها.
وعلاوة على ذلك، ستكون الضرائب التجارية «معدلة وفقاً للحدود»، أى فرض ضرائب على البضائع التى تستوردها شركة ما لتبيعها فى الولايات المتحدة أو تستخدمها لصناعة منتجات أخرى، وليس فرض ضرائب على الدخل الذى تولده الشركة من بيع منتجات بالخارج.
وظاهرياً، يبدو أن ضريبة الحدود المعدلة، تثبط الواردات وتشجع الصادرات.. وبالتالى تتوافق مع خطاب الرئيس دونالد ترامب المناهض للتجارة.
وفى الواقع، هناك جدل واسع بشأن تأثيرها المحتمل على التجارة، ولكن هذا لم يمنع الجمهوريين المؤيديين لها من الادّعاء بأنها ستؤدى إلى تضييق العجز التجارى، ورفع الإيرادات بقدر كبير.
وبالفعل، هذا ما قد يحدث على المدى القصير.. لكن ليس على المدى البعيد، وذلك لظهور مشكلة كبيرة للغاية من صنع الجمهوريين أنفسهم، حيث يعتمد الجمهوريون على ضريبة الحدود المعدلة لجمع أكثر من تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة، لكى تستخدم فى التعويض عن التخفيضات الكبيرة التى سيتم تطبيقها بالتزامن فى ضرائب الشركات والأفراد.
ويعد توليد إيرادات كبيرة نتيجة ضريبة الحدود المعدلة أمراً معقولاً على المدى القصير، لأن الواردات حالياً أكبر بكثير من الصادرات، وبالتالي، فإن فرض هذه الضريبة على الواردات سوف يدر إيرادات أكثر مما سوف يتم فقده عند إعفاء الصادرات من الضرائب.
ولكن لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الإيرادات الناتجة عن ضريبة الحدود المعدلة ستستمر إلى ما بعد فترة السنوات العشر.
وحجة الجمهوريين فى ذلك، والتى يشاركها معهم بعض الاقتصاديين، أن ضريبة الواردات ستقلص العجز التجاري. ولكن مع انكماشه، ستتراجع الإيرادات أيضاً من هذه الضريبة.
حتى حال عدم حدوث ذلك، سيتطلب تحقق توقعات نمو الإيرادات من ضريبة الحدود المعدلة، استمرار العجز التجارى الكبير للأبد، وهو افتراض غير معقول.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك مشكلة أخرى تتعلق بضريبة الحدود المعدلة، ألا وهى أن تقديرات الإيرادات لا تأخذ فى حسبانها أن شركات الاستيراد ستبتكر طرقاً لتجنب الضريبة، وهو ما يعد مصدراً جدياً للقلق بالنظر إلى تعهدات الجمهوريين بتخفيض الإنفاق بقدر كبير للغاية على جهود إجبار الشركات على دفع الضرائب.
وما يقترحه الجمهوريون بالفعل من خلال ضريبة الحدود المعدلة، هو الجمع بين إيرادات مؤقتة ستولدها ضريبة الحدود المعدلة وتخفيضات ضريبية دائمة للأغنياء بشكل خاص، فهل هذه خطة ووصفة لمعالجة العجوزات التجارية الكبيرة أم عذر للقيام بتخفيضات كبيرة للإنفاق على برامج يستفيد منها من هم ليسوا بأغنياء.
وتشير بعض التقديرات القاسية، إلى أن الضرائب على الشركات والتى سيتم تعديلها وفقاً للحدود، ينبغى أن تكون 30% وليس 20% لتجنب ارتفاع العجز التجاري. بل وينبغى أن تكون أعلى من هذه النسبة لكى تردع الأشخاص الأثرياء عن التهرب من الضرائب من خلال تزييف مصادر الدخل حتى يستفيدوا من ضرائب الشركات التى ستكون أقل من أعلى ضريبة يتم فرضها على الأفراد الأغنياء.
ولا شك أن ضريبة الحدود المعدلة فكرة تستحق النقاش والتفكير الجدى فى جميع جوانبها، ومع ذلك، فإن التخطيط اعتماداً على أنها سوف تكون سبباً فى إيرادات مستمرة متزايدة هو أمر كارثى من وجهة النظر المالية.
“افتتاحية صحيفة “نيويورك تايمز
إعداد: رحمة عبدالعزيز