كشفت بيانات الأمم المتحدة، أن العالم يواجه أسوأ كارثة إنسانية منذ عام 1945، فى ظل مواجهة 20 مليون شخص خطر المجاعة فى الصومال وجنوب السودان ونيجيريا، فضلاً عن اليمن.
لكن صحيفة «فاينانشيال تايمز» تقول، إنه فى الوقت الذى تزداد فيه المعاناة فى المناطق المنكوبة، فإنَّ هناك أخباراً جيدة عن معدلات الإنتاج الزراعى فى أماكن أخرى من القارة الأفريقية تكفى لزيادة النمو الاقتصادى بصورة كبيرة.
وتبدو الصورة أكثر إشراقاً فى أفريقيا الجنوبية بعد تراجع مستويات الجفاف الكبيرة فى 2015 و2016 على التوالى.
وفى جنوب أفريقيا، سجل الإنتاج الزراعى انخفاضاً بنسبة 7.8%؛ نتيجة الجفاف الذى كان كافياً لخفض 0.2 نقطة مئوية من الناتج، مقارنة بالنمو الاقتصادى العام الماضى، وفقاً لما ذكرته وكالة الإحصاءات الوطنية فى البلاد.
ومع عودة الظروف إلى طبيعتها الآن فإن إنتاج الذرة، أهم السلع الغذائية فى أفريقيا، سيرتفع بنسبة 65% هذا العام فى جنوب أفريقيا، وفقاً لتوقعات وزارة الزراعة الأمريكية.
وتوقع أوليفر ألين، الباحث فى شركة «كابيتال إيكونوميكس» وهى شركة استشارية فى لندن، أن الناتج المحلى الإجمالى الزراعى ينبغى أن يرتفع بنحو 15% هذا العام.
ومن شأن ذلك أن يعزز الناتج المحلى الإجمالى الإجمالى بنحو 0.3 نقطة مئوية، وأن يخفض التضخم بالنظر إلى أن أسعار العقود الآجلة للذرة البيضاء فى جنوب أفريقيا انخفضت بنسبة 60% فى العام الماضى.
والواقع أن التعافى المحتمل فى الناتج الزراعى لجنوب أفريقيا هو السبب الرئيسى الذى يجعل شركة «كابيتال إيكونوميكس» تتوقع أن ينمو الناتج المحلى الإجمالى للبلاد 2% هذا العام.
وفى الوقت الذى لا تمثل فيه الزراعة سوى 2.1% من الناتج المحلى الإجمالى لجنوب أفريقيا، فإن الطاقة الكهرومائية وهى صناعة أخرى تعتمد على هطول الأمطار تشكل حوالى 0.4% من إنتاجها المحلى من الطاقة وفقا لأرقام «كابيتال إيكونوميكس».
ولكنَّ بلداناً أخرى أكثر اعتماداً على الأمطار فى الزراعة مثل إثيوبيا وكينيا وتنزانيا، التى تمثل 30% أو أكثر من الناتج المحلى الإجمالى لها أو الطاقة الكهرومائية كمصدر رئيسى للطاقة مثل زامبيا وإثيوبيا وأوغندا.
ونتيجة ذلك يمكن أن تكون زامبيا وهى بلد آخر من البلدان التى ضربها الجفاف فى المنطقة الجنوبية مستفيداً رئيسياً هذا العام.
قالت إيفون مهانجو، خبيرة اقتصادية فى «رينيسانس كابيتال»، وهو بنك استثمارى مقره موسكو، يركز على الأسواق الناشئة، إن زامبيا تعد واحدة من سلات الخبز فى المنطقة، وقد تضررت العام الماضى بصورة بالغة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى من المتوقع أن يؤدى ارتفاع إنتاج الطاقة الكهرمائية إلى خفض تكاليف الطاقة بالنسبة للشركات والأسر؛ حيث إنها تمثل 99% من توليد الطاقة فى هذا البلد.
وقال «ألين»: إن العودة إلى أنماط الطقس العادية ستعطى دفعة كبيرة لاقتصاد زامبيا، حيث تشير التقارير الأخيرة إلى أن مستويات المياه فى سد كاريبا، وهو الأكبر فى البلاد ارتفعت ارتفاعاً حاداً منذ يناير الماضى بعد عامين من العمل عند مستويات دون المستوى الطبيعى.
وأشارت وكالة «فيتش» للتصنيفات الائتمانية إلى أن زيادة هطول الأمطار سوف تؤدى إلى دفع الإنتاج الزراعى ومساعدة البلاد على توليد الطاقة الكهربائية.
ورغم تعرض إثيوبيا للجفاف العام الماضى، فإنَّ الأمم المتحدة توقعت انتعاشاً فى جنى المحاصيل هذا العام، وهو انتعاش قد يخفض عدد الأشخاص، الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية إلى 5 ملايين شخص.
وبالنظر إلى أن 80% من القوة العاملة الإثيوبية تعمل فى القطاع الزراعى، فإن ذلك ينبغى أن يحقق مكاسب واسعة النطاق.
وقد يؤدى الجفاف المتجدد، أيضاً، إلى ضرب موسم الحصاد فى تنزانيا وفى كينيا حيث يتوقع ألين، ارتفاع التضخم إلى 8% هذا العام، مقارنة بنسبة 6.3% فى 2016، وهو ما يمنع البنك المركزى من خفض أسعار الفائدة إلى ما دون 9.5%.
وأعربت مهانجو، عن مزيد من القلق إزاء مسار التضخم فى كينيا منذ مطلع العام والذى أصبح مشابهاً لمسار عام 2011، عندما وصل معدل التضخم إلى ذروته عند 20%.
وكشفت البيانات الرسمية وصول معدل التضخم إلى 10.3% فى السنة المالية الحالية وهو أعلى معدل منذ عام 2012 مع ارتفاع تضخم الأغذية بنسبة 18.6%.
وقالت «مهانجو»: إن المقارنة بين البيانات الكلية للفترة من 1980 وحتى 2012 من فترات الجفاف وفترات غير الجفاف تؤكد أن الجفاف فى عام 2017 سيكون له تأثير ملحوظ على الإنفاق الاستهلاكى وإنتاج الشاى.
وتعد الزراعة أهم القطاعات فى كينيا؛ حيث تمثل 22% من الناتج المحلى الإجمالى وتوظف ثلثى القوة العاملة ويشكل الشاى وحده 20% من صادرات هذا البلد.
ومع ذلك تخشى «مهانجو»، من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية فى كينيا سيكون له تأثير تدريجى فى البلدان المجاورة؛ بسبب وجود الكثير من التجارة بين هذه البلدان.
ومع ارتفاع الأسعار فى أماكن مثل كينيا، سوف نبدأ فى رؤية تأثيرها على تنزانيا وأوغندا، ليس لأن محاصيلها سيئة، ولكن لأن الأسعار ترتفع فى جميع أنحاء المنطقة.