قال صندوق النقد الدولي إن فريق خبراءه بقيادة كريس جارفيس توصل خلال زيارته لمصر في الفترة من 30 إبريل إلى 11 مايو 2017، مع السلطات المصرية إلى اتفاق بشأن المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته مصر ويدعمه الصندوق باتفاق تبلغ قيمته 12 مليار دولار.
ويخضع الاتفاق لموافقة المجلس التنفيذي للصندوق، ومع استكمال المراجعة، يتاح لمصر الحصول على 895.48 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 1.25 مليار دولار أمريكي)، ليصل مجموع المبالغ المنصرفة في ظل البرنامج إلى حوالي 4 مليارات دولار أمريكي.
ويمثل هذا الاتفاق تعزيزا للثقة من خبراء الصندوق في استمرار تنفيذ السلطات المصرية لبرنامجها الاقتصادي، كما أنه شاهد على استمرار الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة والبنك المركزي لإصلاح الاقتصاد. وبذلك تكون السلطات قد اتخذت خطوات مبدئية جادة وجذرية في عملية الإصلاح الاقتصادي.
وأضاف الصندوق أنه قد تحققت نتائج ملموسة نتيجة تحرير سعر الصرف، واستحداث ضريبة القيمة المضافة ومواصلة إصلاح دعم الطاقة لتعزيز أوضاع المالية العامة، كما انتهت مشكلة عدم توافر العملة الأجنبية وبدأ النشاط يتعافى في سوق الانتربنك الدولارية بين البنوك كما استردت مصر ثقة المستثمرين، والتي تمثلت في الإقبال الكبير على شراء السندات الدولارية التي أصدرتها مصر في يناير 2017، بالاضافة الى الزيادة الكبيرة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج و استثمارات الأجانب في المحافظ المالية.
كما أوضح الصندق أن قطاع الصناعة التحويلية قد شد تعاف قوي – الذي يساهم في خلق فرص العمل – فضلا عن زيادة ملحوظة في الصادرات. وفي نفس الوقت، سجل النمو في إجمالي الناتج المحلي 3.9% في الربع الأول من 2017 وانخفض عجز المالية العامة الأولي بما يعادل 2% تقريبا من إجمالي الناتج المحلي.
وقال الصندوق إن السلطات تعتبر تخفيض التضخم من أهم الأولويات للحفاظ على مستويات المعيشة للمواطنين في جميع أنحاء البلاد، داعما هدف البنك المركزي لتخفيض معدل التضخم إلى أرقام أحادية على المدى المتوسط، تمشيا مع المهمة المنوط بها في تحقيق استقرار الأسعار.
واعرب عن ثقته من أن البنك المركزي يمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق هذا الهدف، كما نشيد بالبنك المركزي على حفاظه نظام سعر الصرف الحر وتكون احتياطيات كافية من النقد الأجنبي.
ويرى الصندوق أن وزارة المالية أعدت موازنة بالغة القوة، وإذا أقرها مجلس النواب، ستضع الدين العام على مسار تنازلي واضح نحو مستويات يمكن الاستمرار في تحملها، مرحبا على وجه الخصوص بالخطط الرامية إلى رفع سعر ضريبة القيمة المضافة، ومواصلة عملية إصلاح دعم الطاقة طوال سنوات البرنامج الثلاث.
كذلك رحب بالتقدم الجيد جدا في مسيرة الإصلاحات الهيكلية، وخاصة موافقة مجلس النواب على القانونين الجديدين للاستثمار ومنح تراخيص المنشآت الصناعية؛ فكلاهما سيساعد على إطلاق إمكانيات النمو للاقتصاد المصري وجذب المستثمرين وزيادة الصادرات والإنتاج الصناعي، بالإضافة إلى خلق فرص عمل كافية لاستيعاب القوى العاملة .
وقالت البعثة انها شعرت بارتياح كبير إزاء تعزيز إجراءات الحماية الاجتماعية في إطار البرنامج بما في ذالك ما يتضمنه برنامج الحكومة من إجراءات لتيسير عمل المرأة. فقد تم التوسع في برنامج تكافل وكرامة ليشمل 1.6 مليون أسرة، أي قرابة 8 ملايين نسمة، وتحصل المرأة على 92% من مزاياه. كذلك تم التوسع في برنامج الوجبات المدرسية لإستيعاب كل المدارس الحكومية، كما زاد إنفاق الحكومة على برنامج لدور الحضانة.
وتتعاون الحكومة مع القطاع الخاص لإطلاق برنامج مبتكر يوفر وسائل نقل آمنة. وتمثل هذه الإجراءات عنصرا ضروريا يتواكب مع جهود الإصلاح الاقتصادي، ومن شأنه توفير الحماية لأقل الفئات دخلاً في مصر في الوقت الذي تستمر فيه جهود الإصلاح.
وقال الصندوق انه لا يزال الجهاز المصرفي القوي هو ركيزة الاستقرار المالي في مصر. فقد اجتاز بنجاح مرحلة التحول إلى نظام سعر الصرف الحر. ولا يزال البنك المركزي يستهدف الحفاظ على صلابة القطاع المالي وتعزيز الإجراءات التنظيمية والرقابية في القطاع المصرفي.
وتوقع استمرار تحسين إدارة المالية العامة وزيادة شفافيتها من خلال تدعيم الإطار المؤسسي للتنسيق بين مختلف الجهات المعنية بصنع السياسات ومواصلة إبلاغ مجلس النواب المنتخب بما يستجد على صعيد الموازنة العامة.
وقد أعدت الحكومة المصرية هذا البرنامج الذي يدعمه صندوق النقد الدولي، بهدف ارساء الأسس اللازمة لتحقيق معدلات تنمية مستدامة تؤدي الى الارتقاء بمستوى المعيشة للمواطنين..
“وتوجه فريق الصندوق بالشكر للسلطات المصرية والفرق الفنية في البنك المركزي ووزارة المالية على صراحتهم في تبادل الآراء وعلى مناقشاتهم البناءة وما لقيته البعثة من كرم الضيافة.”