عودة ضعيفة للنمو وفشل تحفيز اﻹنفاق الاستهلاكى وخفض الدين ﻷقل من 245% من الناتج المحلى
بعد خمس سنوات من تولى شينزو آبى، السلطة فى اليابان، أصبح الاقتصاد أقوى بكثير، ولكنه لم يرق إلى مستوى الثورة التى تعهد بها قبل وصوله إلى الحكم.
وقالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن السياسة النقدية المتبعة، خلال العقود الماضية، عززت الانكماش، بينما عزز ضعف الين الصادرات وأرباح الشركات وسوق الأوراق المالية.
ووضعت وكالة «بلومبرج» للأنباء تقييماً للتقدم المحرز فى بعض المؤشرات الاقتصادية الرئيسية فى البلاد، فى عهد «آبى»، خلصت فيه إلى أن الكثير من الوعود التى أعلنها رئيس الوزراء عند إطلاقه برنامج «أبينوميكس» الاقتصادى لم تتحقق بعد، فالاستهلاك المحلى «فاتر»، والشركات مترددة فى رفع الأجور للعمال، بينما تعبر العائلات عن قلقها بشأن المستقبل، ولا يزال الدين الضخم للبلاد يلقى بظلاله على المستقبل.
وقالت إن مسار النمو الاقتصادى يبدو متواضعاً، وتحتاج الحكومة إلى الإسراع فى تحقيق الأهداف المعلنة.
وأضافت أنه على الرغم من زيادة حجم الاقتصاد اليابانى بقيمة 494 مليار دولار منذ تولى «آبى» منصبه رئيساً للوزراء، نهاية 2012، وهو ما يزيد على إجمالى الناتج المحلى لبلجيكا، فإنَّ النفقات الرأسمالية آخذة فى الارتفاع، وهو ما يشير إلى الحاجة إلى مزيد من النمو؛ حيث إن اليابان لديها إمكانات كبيرة، ويمكن أن تفعل الأفضل.
وفى الوقت الذى يمر فيه الاقتصاد بأطول فترة نمو منذ منتصف التسعينيات، فإن العديد من نظرائه فى مجموعة الدول الصناعية السبع يؤدى بوتيرة أقوى، والتوسع ليس مفاجئاً بالنظر للوضع العالمى فى الوقت الراهن.
وأشارت الوكالة إلى أن الإصلاحات الهيكلية فى اليابان تباطأت، والدولة مطالبة بسداد مديونات الطلب الخارجى على منتجات البلاد، ويأتى هذا بعد شهر من مكاسب التصدير التى لا تتطابق مع الأرقام المحلية لاستهلاك الأسر.
وذكرت «بلومبرج»، أن اليابان وقعت فى فخ الديون؛ حيث استقر الدين المحلى عند حوالى 240% من الناتج المحلى الإجمالى تحت رئاسة «آبى»، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولى، وهذا فى حد ذاته إنجاز، ولكن العبء لا يزال أثقل بكثير مما هو عليه فى كثير من الاقتصادات الرئيسية الأخرى.
ويبدو أن احتمالات خفض معدلات الدين قاتمة فى الوقت الحالى. ومما يبعث على مزيد من القلق أنه مع انخفاض عدد السكان لا يزال الدين يقاس بنصيب دخل الفرد.
وكشفت الوكالة، أن اليابان عززت بقوة سوق العمل، وكان النجاح الملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية هو ارتفاع عدد العاملين والذى قفز بمقدار 2.7 مليون شخص، بينما تقلصت صفوف العاطلين عن العمل بمقدار 1.1 مليون.
ويعود جزء كبير من هذه الزيادة إلى عودة المرأة إلى سوق العمل. ومع ذلك، فقد فشل «آبى»، فى تحقيق هدفه المبكر المتمثل فى حصول المرأة على 30% من المناصب الإدارية فى جميع المجالات بحلول عام 2020.
وانخفضت النسبة المئوية لتمثيل المرأة فى البرلمان انخفاضاً طفيفاً؛ حيث بلغت نسبتها 10.1%، وهناك اثنتان فقط من بين 20 عضواً فى مجلس الوزراء من النساء.
وأشارت الوكالة، أيضاً، إلى مشكلة الأجور، فرغم ارتفاع معدل الأجور، فإنها تبقى أساس تعثر برنامج «أبينوميكس».
وكما هو الحال فى العديد من البلدان الأخرى، فإن سوق العمل الضيق للغاية فى اليابان لا يترجم إلى زيادة كبيرة فى أجور الموظفين.
وكشف مسح أجرته «بلومبرج» مع بعض الاقتصاديين، أن الموظفين اليابانيين قد يشهدون زيادة بنسبة 1% فى الدخل العام المقبل.
ومع ذلك هناك حاجة إلى المزيد من أجل إنفاق الأسر ولشعور الشركات بالثقة فى زيادة الأسعار التى بدونها سيواصل بنك اليابان المركزى كفاحه من أجل تحقيق هدفه للتضخم والبالغ 2%، على الرغم من أنه أنهى الانكماش فى الوقت الحالى.
وقال يوكى ماسوجيما، المحلل الاقتصادى فى «بلومبرج»، إن توقف نمو الإنتاجية فشل رئيسى فى برنامج «أبينوميكس».
وكشفت البيانات ارتفاع الإنتاجية فى قطاع الصناعة التحويلية، ولكن قطاع الخدمات الذى يوظف 70% من القوى العاملة تراجع بنسبة تزيد على 10% من عام 2003 إلى عام 2016.
وعلى الرغم من أن تباطؤ الإنتاجية يعد اتجاهاً عالمياً، فإن «السهم الثالث» من برنامج «أبينوميكس» كان القصد منه معالجة هذه المشكلة فى البلاد.
وسلط «ماسوجيما»، الضوء على بعض مجالات الإنجاز؛ مثل حوكمة الشركات، وتزايد معدل السياحة الوافدة، وإنهاء فجوات الضعف المستمرة فى قطاعى الزراعة والابتكار.
وذكرت الوكالة، أن قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، انسحاب الولايات المتحدة من خطة التجارة الإقليمية للشراكة مع منطقة المحيط الهادئ التى تضم 12 دولة كان ضربة لليابان.
وأضافت أن هذا التحرك الأمريكى دفع «آبى»، نحو مواصلة محادثات اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، فى وقت أبرم فيه اتفاقاً تجارياً مع أستراليا، وأنهى المفاوضات مع الاتحاد الأوروبى فى ديسمبر حول اتفاقية شراكة اقتصادية.
وفى الوقت الذى أغلق فيه «آبى»، الباب أمام الهجرة الوافدة لإنهاء التراجع الاقتصادى فى اليابان، فإنه عزز قفزة عدد العمال الأجانب الذين وصل عددهم إلى أكثر من مليون شخص فى الوقت الراهن.
ومع وجود فرصة جيدة لبقاء «آبى»، فى منصبه حتى عام 2021، ما يجعله أطول رئيس وزراء يابانى فى التاريخ، لكنَّه لا يزال أمامه طريق طويل لتحقيق أهداف برنامجه الاقتصادى.
وقال «ماسوجيما»، إن رئيس الوزراء اليابانى لديه فرصة نادرة مقارنة بأى زعيم يابانى لوضع الاقتصاد على قدميه، ولكن سجله حتى الآن فى مجال العولمة والإصلاحات ما زال بطيئاً.
أضاف أنه فى نهاية المطاف من المحتمل أن يقطع «آبى»، شوطاً طويلاً لإثبات قدرة اليابان على النمو، والتعامل مع أزمة ديونها وشيخوخة سكانها.